احذروا الطلقة الأخيرة… غزة على مرمى الخطر

بي دي ان |

08 سبتمبر 2025 الساعة 05:24م

المشرف العام
على مايبدو أن حركة حماس باتت ومنذ وقت مضى في ورطة كبيرة، مع الفارق أن الخيارات الآن لديها تكاد تكون شبه معدومة، وذلك بعد عرض الصفقة التي طرحها ترامب أمس، والتي جاءت كالتالي: إطلاق سراح جميع الرهائن الـ48 المتبقين مقابل وقف إطلاق النار ونهاية العملية الإسرائيلية لاحتلال مدينة غزة، ‏بالإضافة إلى ذلك، ستفرج إسرائيل عن 2500-3000 أسير ومعتقل فلسطيني محتجزين في سجونها، بما في ذلك المئات الذين يقضون أحكامًا بالسجن المؤبد بتهمة قتل إسرائيليين، ووفقاً للاقتراح، ف
بمجرد إعلان وقف إطلاق النار، ستبدأ المفاوضات على الفور بشأن شروط إنهاء الحرب ـ بما في ذلك مطالب إسرائيل بنزع سلاح حماس وإعادة جميع الأسرى - الأحياء منهم والأموات، تجريد غزة من السلاح، 
السيطرة الأمنية الإسرائيلية على غزة، وإنشاء إدارة مدنية لا تتبع حماس ولا السلطة الفلسطينية". 

هذه الخطة خالية الدسم، والضمانة، ويبدو غير قابلة للنقد والإعتراض لدى ترامب، يشوبها القلق والريبة، خاصة أن البند الرابع في شروط نتنياهو "بقاء السيطرة الإسرائيلية على غزة" ينسف كل المبادرة، أضف إلى ذلك أن ترامب شخص غير مؤتمن ولا ضمانة به ولا معه، ولا ننسى أنه صاحب أطماع ومصالح في غزة، فكيف سيترك غزة ولديه الطموح الإقتصادي والعقاري الكبير في غزة، وهذا يجب ألا نغفل عنه أثناء التعاطي مع عرضه الإستفزازي والمنحاز تماما لمطالب الكيان، وفي حال أخل بالاتفاق وهذا وارد، لا أحد بإمكانه الوقوف أمامه مع احترامنا للوسطاء الذين كان ممكن أن يكونوا طرفا مع الفلسطينيين وليس وسيط.
 
ترامب يبدو بطرحه أراد قطع الطريق على الإعتراف الأوروبي بالدولة الفلسطينية وكان متوقع شيء من هذا القبيل، فإذا (بالمولود المشوه ). مع ذلك لا وقت للتباكي الآن ولا رفاهية به، الوقت من دم وأشلاء؛ رغم أنه كان بالإمكان سابقاً أن يحافظوا على بقايا شعبهم ومدنهم ولو في منتصف الطريق، إلا أن سعي حماس الدائم للحفاظ على بقاءها وسلامة قادتها، كان ومازال - ثمنه شعبنا ومسح غزة كاملة. 

ارتكبت حماس ومازالت الكثير من الخطايا أولها: بنظري أنها رفضت تسليم الملف لمنظمة التحرير الفلسطينية ومصر، أو جامعة الدول العربية، ثانياً: تمسكت - ومازالت - في مشاوراتها بدول مثل قطر وإيران تحديدا وغيرها ممن هم ليسوا أصحاب قضية وتحكمهم مصالح دولهم، ولن يتخلوا بأي حال من الأحوال عنها مقابل إرضاء حركة حماس التي لا تمثل لهم سوا أداة لتحقيق مآربهم، فماذا تنتظر حماس من دولة يوجد على أرضها أهم قاعدة عسكرية بالمنطقة ومنها ينطلق الدعم العسكري لدولة الكيان، ولقتل أطفال غزة، ماذا تنتظر منهم؟!

أما إيران كان بإمكانها اشتراط وقف الحرب على غزة حين وصلت لمرحلة جيدة بالحرب بعد تسبب صواريخها بضرر حقيقي للكيان، ودخل ترامب على الخط لإنقاذ كبرياء ربيبتها، ومع ذلك لم تفعل. 

لا أدري على ماذا راهنت حماس ومازالت طوال أكثر من 700 يوم إبادة جماعية ضد شعبنا، وبعد اعتراف معظم قيادتها بأنه لا علم لهم بالطوفان والأغلب أنهم غير راضون عنه، أيا كان ومع ذلك لم تضع الحركة مصلحة ودماء الشعب الفلسطيني ضمن أولوياتها، على العكس تماماً كانت تصريحات قادتهم جميعها منحازة تجاه جناحها العسكري، والتضحية بالشعب مقابل "وهم" التحرير وهم يدركون جيداً أنه في ظل موازين القوى لن يكون سوا إبادة فقط، وإلا فإن الغباء السياسي وتقديم مصلحة القيادات والحزب على مصلحة الشعب والوطن، وهذا بالفعل ما كان واضحاً.

ومع ذلك على الرغم من الكارثة التي مابعدها نكبة والتي أوصلوا الشعب إليها، مع ذلك سيترك هذا الأمر لما بعد الحرب حيث وقت الحساب من الشعب (في حال كان ما بعد الحرب هدوء أو عودة) ، أما وأن وصل الأمر لتهديد مباشر من ترامب ( الناطق الرسمي باسم الاحتلال) وعلى الرغم من أن العرض أيضا مستفز مع عدم وجود ضمانة، حتى لو ادعى ترامب أنه ضامن، فهو رجل مقامر ومخادع من الطراز الأول كما حليفه المتمرس بالإبادة، فكل الخيارات تبدو مؤلمة، إذا تعددت الخيارات أصلاً، والحلبة تبدو موحشة لأنه لايوجد سوا فريق ولاعب، لا حكم ولا لجنة ولا صلاحيات لأحد. 

على حماس التروي جيدا بالرد وعدم الإستعجال، كما عليها مشورة أهل البيت، ومصر، هذا ليس مصير حماس لوحدها إنما مصير ومستقبل الشعب الفلسطيني الذي هو أهم مليون مرة من مصلحة فصيل دمر الشعب والوطن ومازال يقامر بدم الأبرياء ومستقبل ملايين البشر بعد خسارتنا ما يقارب نصف المليون مابين شهيد وجريح ومعاق ومفقود، ناهية عن شطب قطاع غزة، وعلى الرغم من أن عدونا متوحش ومحتل  لايروق له سوا الهدم والخراب والقتل، لكن ما كان لنا أن نعطيه الذريعة. 

قد يكون لدى حماس سويعات قليلة من الوقت لكنها الأخطر منذ بدء المقتلة وعليها الإحتكام للحريصين على فلسطين قيادة وشعباً، ومصر الشقيقة، قبل أي رد قد يكون فيه الطلقة الأخيرة على روح غزة.