إسرائيل اليوم تعيش الصراع بين العلمانية والأصولية الدينية وبين الدولة العميقة ودولة المستوطنين
بي دي ان |
08 سبتمبر 2025 الساعة 08:56ص

لم تعد إسرائيل اليوم تلك الدولة الواحدة الصلبة التي اعتادت أن تطحن بجبروتها كل ما يعترض مشروعها القائم على السيطرة والهيمنة. فالبنية الداخلية بدأت تتصدع، أفقيًا وعموديًا، بفعل صراع أيديولوجي ومصلحي متسارع بين جناحين متنافرين: الصهيونية العلمانية التي تمثل الدولة العميقة ومركزها تل أبيب، والصهيونية التوراتية التي تقود مشروع "دولة المستوطنين" من القدس والمستوطنات.
هذا الانشطار لم يعد مجرد خلاف سياسي، بل تحول إلى ملامح جغرافية ومؤسسية واضحة؛ حيث تشكل تل أبيب عاصمة المعارضة العلمانية، فيما تتصدر القدس مركز ثقل التوراتيين. الكنيست بات ساحة صراع بين تشريعات الدولة العميقة ومحاولات فرض "قوانين الحسم" لصالح المستوطنين، في حين تخوض المحكمة العليا والمستشار القانوني للدولة معركة شرسة للدفاع عن شرعية المؤسسات القائمة.
إلى جانب ذلك، يتفرد بن غفير وسموتريتش بإصدار التعليمات والأوامر التي تعزز شخصية "الدولة التوراتية" وتكرس نفوذها داخل الحكومة، بينما يقف الجيش في "أرض التيه"، متأرجحًا بين الولاء لتل أبيب والانجراف نحو خطاب المستوطنين.
الحرب وانعكاساتها على الانقسام الداخلي
الحرب المشتعلة منذ شهور على غزة والضفة الغربية والقدس، وتمددها إلى لبنان وسوريا واليمن، لم توحد الإسرائيليين كما في الحروب السابقة، بل كشفت عن عمق الانقسام. فـ"صقور الحرب" من تحالف نتنياهو ـ بن غفير ـ سموتريتش يرون في هذه الجبهات فرصة لإعادة صياغة المنطقة تحت هيمنة إسرائيلية دينية، ويستمدون خطابهم من نصوص توراتية متطرفة تشرعن الحرب وتضفي عليها صبغة وجودية.
في المقابل، يقف العمانيون (العلمانيون البراغماتيون) على الضفة الأخرى، رافضين استنزاف إسرائيل في حروب متعددة الجبهات، ومحذرين من تداعياتها على الاقتصاد والمجتمع والعلاقات الدولية. هؤلاء يرون أن استمرار الحروب سيقود إلى عزلة إسرائيل وتفككها الداخلي، ويطالبون بوقفها قبل أن تتحول إلى حرب إقليمية شاملة قد تعصف بالكيان من الداخل.
الانعكاسات الاقتصادية والسياسية
انعكس هذا الانقسام على الجبهة الاقتصادية، حيث تراجع الشيكل أمام الدولار وازدادت الأحاديث عن هروب رؤوس الأموال إلى الغرب، فيما بدأ المجتمع الدولي يتعامل مع إسرائيل على أنها كيان مأزوم أكثر من كونها دولة قادرة على فرض الاستقرار. أما الولايات المتحدة، فقد وجدت نفسها مضطرة للتدخل لإنقاذ "الدولة العميقة"، عبر انتقاد رموز التوراتيين، ومقاطعتهم سياسيًا، والتلويح بتحالفات جديدة تقصي نتنياهو إذا لزم الأمر.
خاتمة: سيناريوهات إسرائيل 2025
إسرائيل اليوم أمام عدة سيناريوهات:
1. الانشطار التدريجي: تتبلور فعليًا دولتان، واحدة علمانية في تل أبيب، وأخرى توراتية في القدس، مع خطر انزلاق لحرب أهلية داخلية.
2. تدخل خارجي منظم: الولايات المتحدة وحلفاؤها قد يفرضون معادلة جديدة تعيد إنتاج تحالف وسطي يحدّ من نفوذ التوراتيين، بهدف الحفاظ على إسرائيل كدولة وظيفية تخدم استراتيجيتهم.
3. تسوية قسرية بيد الجيش: عبر لعب دور الضامن لعدم انهيار الدولة ومنع سيطرة المستوطنين على القرار.
4. استمرار التآكل: بقاء إسرائيل في حالة مأزومة، منهكة داخليًا، وفاقدة للمناعة أمام الضغوط الإقليمية والدولية.
مقاربة تاريخية
المشهد الإسرائيلي اليوم يقارب ما حدث في جنوب أفريقيا قبل نهاية الأبارتهايد، حين تمسكت النخبة البيضاء بنظامها العنصري وسط ضغوط داخلية وخارجية أنهكته حتى انهار. كما يشبه ما جرى في يوغسلافيا قبل التفكك، حيث قادت القوميات المتطرفة إلى انهيار البنية الفيدرالية وانفجار الحروب الداخلية.
وبالمثل، فإن إسرائيل 2025 تبدو على مفترق طرق خطير: إما أن تعيد إنتاج وحدة شكلية تحت وصاية الدولة العميقة والجيش، أو تنزلق إلى انشطار حقيقي بين دولة تل أبيب العلمانية ودولة القدس التوراتية، بما يعيد صياغة المشروع الصهيوني برمته ويضعه أمام حقيقته التاريخية: كيان هش قائم على القوة، يتصدع حين تنقسم جبهته الداخلية.
هذا الانشطار لم يعد مجرد خلاف سياسي، بل تحول إلى ملامح جغرافية ومؤسسية واضحة؛ حيث تشكل تل أبيب عاصمة المعارضة العلمانية، فيما تتصدر القدس مركز ثقل التوراتيين. الكنيست بات ساحة صراع بين تشريعات الدولة العميقة ومحاولات فرض "قوانين الحسم" لصالح المستوطنين، في حين تخوض المحكمة العليا والمستشار القانوني للدولة معركة شرسة للدفاع عن شرعية المؤسسات القائمة.
إلى جانب ذلك، يتفرد بن غفير وسموتريتش بإصدار التعليمات والأوامر التي تعزز شخصية "الدولة التوراتية" وتكرس نفوذها داخل الحكومة، بينما يقف الجيش في "أرض التيه"، متأرجحًا بين الولاء لتل أبيب والانجراف نحو خطاب المستوطنين.
الحرب وانعكاساتها على الانقسام الداخلي
الحرب المشتعلة منذ شهور على غزة والضفة الغربية والقدس، وتمددها إلى لبنان وسوريا واليمن، لم توحد الإسرائيليين كما في الحروب السابقة، بل كشفت عن عمق الانقسام. فـ"صقور الحرب" من تحالف نتنياهو ـ بن غفير ـ سموتريتش يرون في هذه الجبهات فرصة لإعادة صياغة المنطقة تحت هيمنة إسرائيلية دينية، ويستمدون خطابهم من نصوص توراتية متطرفة تشرعن الحرب وتضفي عليها صبغة وجودية.
في المقابل، يقف العمانيون (العلمانيون البراغماتيون) على الضفة الأخرى، رافضين استنزاف إسرائيل في حروب متعددة الجبهات، ومحذرين من تداعياتها على الاقتصاد والمجتمع والعلاقات الدولية. هؤلاء يرون أن استمرار الحروب سيقود إلى عزلة إسرائيل وتفككها الداخلي، ويطالبون بوقفها قبل أن تتحول إلى حرب إقليمية شاملة قد تعصف بالكيان من الداخل.
الانعكاسات الاقتصادية والسياسية
انعكس هذا الانقسام على الجبهة الاقتصادية، حيث تراجع الشيكل أمام الدولار وازدادت الأحاديث عن هروب رؤوس الأموال إلى الغرب، فيما بدأ المجتمع الدولي يتعامل مع إسرائيل على أنها كيان مأزوم أكثر من كونها دولة قادرة على فرض الاستقرار. أما الولايات المتحدة، فقد وجدت نفسها مضطرة للتدخل لإنقاذ "الدولة العميقة"، عبر انتقاد رموز التوراتيين، ومقاطعتهم سياسيًا، والتلويح بتحالفات جديدة تقصي نتنياهو إذا لزم الأمر.
خاتمة: سيناريوهات إسرائيل 2025
إسرائيل اليوم أمام عدة سيناريوهات:
1. الانشطار التدريجي: تتبلور فعليًا دولتان، واحدة علمانية في تل أبيب، وأخرى توراتية في القدس، مع خطر انزلاق لحرب أهلية داخلية.
2. تدخل خارجي منظم: الولايات المتحدة وحلفاؤها قد يفرضون معادلة جديدة تعيد إنتاج تحالف وسطي يحدّ من نفوذ التوراتيين، بهدف الحفاظ على إسرائيل كدولة وظيفية تخدم استراتيجيتهم.
3. تسوية قسرية بيد الجيش: عبر لعب دور الضامن لعدم انهيار الدولة ومنع سيطرة المستوطنين على القرار.
4. استمرار التآكل: بقاء إسرائيل في حالة مأزومة، منهكة داخليًا، وفاقدة للمناعة أمام الضغوط الإقليمية والدولية.
مقاربة تاريخية
المشهد الإسرائيلي اليوم يقارب ما حدث في جنوب أفريقيا قبل نهاية الأبارتهايد، حين تمسكت النخبة البيضاء بنظامها العنصري وسط ضغوط داخلية وخارجية أنهكته حتى انهار. كما يشبه ما جرى في يوغسلافيا قبل التفكك، حيث قادت القوميات المتطرفة إلى انهيار البنية الفيدرالية وانفجار الحروب الداخلية.
وبالمثل، فإن إسرائيل 2025 تبدو على مفترق طرق خطير: إما أن تعيد إنتاج وحدة شكلية تحت وصاية الدولة العميقة والجيش، أو تنزلق إلى انشطار حقيقي بين دولة تل أبيب العلمانية ودولة القدس التوراتية، بما يعيد صياغة المشروع الصهيوني برمته ويضعه أمام حقيقته التاريخية: كيان هش قائم على القوة، يتصدع حين تنقسم جبهته الداخلية.