بعد قرار ترامب.. هل يستوي الرئيس والبلطجي؟!

بي دي ان |

02 سبتمبر 2025 الساعة 06:19م

المشرف العام
من قبل السابع من أكتوبر 2023 والكيان يتحدث عن قتل حل الدولتين ويقوم الفعل بمضاعفة الاستيطان وابتلاع الأراضي الفلسطينية، ووضع الحواجز بين القرى والمدن الفلسطينية والتي بدورها تعيق حركة المواطنين ربما لساعات طويلة في خطوات استفزازية وتثير غضب الفلسطينيين بلا شك. 

دولة الكيان لم تبتدع طرقا ووسائل إحلالية جديدة بل تعمل على تطوير ما لديها من أفعال مشينة لا مبرر لها سوى أنها من قبل احتلال ومغتصب للأرض يتعامل من خلال موازين القوى لا من خلال قوانين وأعراف دولية. 

ما حدث ويحدث الآن هو تسريع وتيرة الضم والإستيطان في محاولة لطرد الفلسطينيين من أرضهم وإحلال مستوطنيهم القادمون من لمم الدول؛ ومرتزقتها. 

ما يخدم الاحتلال بشكل أساسي في مخططه وسيطرته على الأرض هي الولايات المتحدة الأمريكية الراعي والشريك الرئيس في حرب الإبادة على غزة وقتل عشرات الآلاف من الأطفال ومثلهم من النساء والمواطنين الأبرياء الذين لاذنب لهم سوى أنهم فلسطينيون، وأصحاب هوية.

ترامب رجل الاستثمارات والصفقات مازال يمارس البيع والشراء ربما لا شراء وإنما "بلطجة" ويبرز ذلك من خلال إصراره على السيطرة على قطاع غزة بالقوة ليجعل منها ريفيرا على حد قوله وطرد أهلها منها في مشهد هو الأخطر على المنظومة الدولية والإستقرار الدولي وخطر يلتحق أمن وحرية الشعوب، ترامب بدأ منذ بداية حكمه أفضل ناطق رسمي باسم الاحتلال، حتى أنه بدأ خالعاً ثوب الدبلوماسية الكاذبة. 

ترامب الذي أزاح الكرسي لنتنياهو ليجلس عليه في حركة ربما مستهجنة بعض الشيء، وذلك في أول زيارة لنتنياهو لترامب بعد توليه الحكم، وربما كان لهذه الحركة مدلولات سياسية، على الرغم من خلاف كان ظاهريا بين الإثنين حينها، وعلى مايبدو منذ ذلك الوقت وترامب يخدم على الملك كل ما يريد ويدعم كل ما يقرر. 

لم تكن خطوة ترامب بمنع تأشيرات دخول الوفد الفلسطيني وعلى رأسه الرئيس محمود عباس للولايات المتحدة، لمنعهم من حضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة السنوية في نيويورك المزمع عقدها في الـ 23سبتمبر من الشهر الجاري، بخطوة مفاجئة، فالمتتبع لسير الدعم العسكري والمالي واللوجستي والسياسي الأمريكي الكامل للملك يدرك أنها ربما تكون خطوة متوقعة، رغم أن هذا المنع يعد انتهاكا صارخا لاتفاقية المقر للأمم المتحدة، حيث أنه بموجب الاتفاق المبرم بين الأمم المتحدة والولايات المتحدة بصفتها الدولة المضيفة للمنظمة الدولية في نيويورك، لايحق لواشنطن أن ترفض منح تأشيرات للمسؤولين المتوجهين إلى المنظمة، بالتالي ستطالب فلسطين بنقل الجلسة لجنيف تماما كما حدث ذلك زمن الشهيد الراحل ياسر عرفات، حين منعته عام 1988 من دخول نيويورك لإلقاء خطاب أمام الجمعية العامة.

ويأتي منع واشنطن للرئيس الفلسطيني والوفد المرافق حضور الجلسة وإلقاء كلمة فلسطين في لحظة تاريخية فارقة في تجذير دولة فلسطينية، بعد موجة الإعترافات الأوروبية بدولة فلسطين في جلسة الأمم المتحدة في الشهر الجاري، والذي أثار بدوره غضب أميركا قبل إسرائيل والذين قاموا ويقوموا بكل الطرق لإفشال هذه الاعترافات، في موقف يؤكد على المؤكد من انحياز أمريكي كامل لجميع الانتهاكات الإسرائيلية ميدانيا، وبما يخص علاقتها بالمنظمات والهيئات والقوانين الدولية. 

وليس أدل على ذلك من شكر نتنياهو لترامب ووزير خارجيته روبيو على قرارهما بعدم منح تأشيرات لوفد السلطة الفلسطينية قائلا: "منع التأشيرات لأولئك الذين يمجدون الإرهاب ليس عقاباً بل عدلا". 

لاشك أن الكيان بات مفضوحاً جداً وفي عزلة أكثر من أي وقت مضى، وكذلك الراعي الدموي "الأمريكي" فالفضائح الإسرائيلية وجرائمها على مدار الساعة كشفت عن وحشية وفاشية هذا الكيان والحليف الأكثر وحشية أميركا، لذا حاول ترامب خلال تصريحاته أمس الرجوع خطوة للوراء عبر خطاب قد يبدو ناعما، كما الحية الملساء بقوله :"إسرائيل كانت أقوى جماعة ضغط رأيتها وكانت لديها سيطرة تامة على الكونغرس والآن فقدت ذلك. 
- سيضطرون لإنهاء هذه الحرب ولا شك أنها تضر بإسرائيل. 
- إسرائيل قد تربح الحرب لكنها لا تكسب نفوذا في عالم العلاقات العامة وهذا يضر بها. 
- إسرائيل كانت تملك أقوى جماعات ضغط قبل 15 عاما والآن تضررت وبخاصة في الكونغرس. 

ربما ارتأى ترامب أنه لايجب عليه أن يكون شريكا مباشراً لنتنياهو في جرائمه ضد غزة، رغم موافقته ودعمه الكامل، كما أنه يريد إيصال رسالة للعالم أنني تحدثت إلى نتنياهو ونصحته لكنه رفض النصيحة وهو وحده يتحمل وزر سلوكه، ترامب مهما حاول التنصل بمشاركته في إبادة غزة لن يستطيع لقد كانت الحرب كاشفة وفاضحة على المستوى والدولي والشعب الأمريكي ذاته يدرك أن أموال الضرائب تذهب لقتل الأطفال مما أثار ومازال غضب الشارع الأمريكي مرات عديدة من خلال تظاهرات ضد ترمب وحكومته وضد الحرب على غزة.

كما أن طلبهم  "الأمريكان" من نتنياهو أن يقرر هو بخصوص الضفة "اتخذوا القرار الذي تريدونه لا أن تطلبوا منا أخذ قرار" أيضاً يعتبر ضوء أخضر. 

ترامب ونتنياهو وجهان قبيحان لعملة واحدة، ومعلوم أنه مهما انتقد العالم الكيان، ستبقى أميركا حامية وشريك لإسرائيل كونها حارسة وحامية المصالح الأمريكية بالمنطقة، بالتالي لن تسمح لها بأي حال من الهزيمة، كان بإمكان العرب لو أرادوا وشكلوا قوة عربية، عسكرية واقتصادية وسياسية، كان ممكنا التصدي لدول الإستعمار عموما ومواجهة الدول الطفيلية التي تحاول اختراق الجسد العربي، ولو تصعب الأمر فبإمكان تحشيدا دولياً يعمل على نقل مقر مجلس الأمن الدولي من أميركا إلى أي دولة أخرى قادرة على حماية النظام الدولي ومؤسساته من البلطجة الأمريكية، ولتحرير المؤسسات الدولية من الانحياز الأمريكي لآخر وأسوأ احتلال في العصر الحديث، والذي يتناقض تماما مع كل بنود القانون الدولي الذي تعتبر الولايات المتحدة جزء أساسي منه. 

بكل الأحوال ما زلنا نؤمن بصيرورة التاريخ والتي تؤكد سقوط الاستعمار والإمبراطوريات مهما علا شأنها ومهما (استأذبت) وتوحشت على الشعوب، مع الفارق هو استخدام كل السبل لفضح جرائم هذا الاحتلال وشركائه، وحشد أكبر فئات مجتمعية وأكاديمية ونخب وبرلمانيون دوليون لمناصرة الحق الفلسطيني وفضح الرواية الإسرائيلية.