ماذا تعرف عن نظام “لافندر” و"الحبّار"

بي دي ان |

23 أغسطس 2025 الساعة 12:54م

الكاتب
منذ اكثر من 20 شهر نعيش في قطاع غزة حرب طاحنة.. وكل واحد منا يتوقع ان يموت في أي لحظة حتى ولو لم يكن في الأفق ما يُنذر بالموت. او لم تكن هناك طائرات في السماء ، ولا إنذار مُسبق..  ثواني فقط كفيلة بتحويل المنزل إلى ركام، والاجساد الى جثث و أرقام.

لكن الحكاية لا تبدأ من هنا.
الحكاية تبدأ في حواسيب باردة، في غرف قيادة تابعة لجيش الإحتلال الصهيوني، حيث يجلس ضباط ومجندات  أمام شاشات تعرض آلاف الوجوه ... لا يعرفوهم، ولا يعنيهم من هم .. كل ما يهمهم فقط هو الرقم الذي يظهر بجانب كل صورة... إنه “مؤشر الشك” الذي يمنحه نظام ذكاء اصطناعي متطور يُسمى “لافندر”. وهو ليس برنامجاً عادياً، بل نظام تم تطويره خصيصاً لتحويل البشر في قطاع غزة إلى أهداف رقمية ... حيث يقوم هذا النظام بمسح ضوئي شامل لكل السكان، ويُصنف ال “مشبوه او المطلوب ” بناءً على ملف رقمي : اتصال ، رقم هاتف ، حركة مشبوهة، سلوك مريب ، بصمة صوت، لباس معين ،طريق مشي ، أو حتى مجرد تشابه مع ملف شخصي لمقاتل سابق.

ثم تُرسل الأسماء إلى قاعدة بيانات تشمل مئات الآلاف من الأفراد ..  تصنف بعضهم عناصر في المقاومة، وبعضهم الآخر ليسوا سوى أشخاص “يشبهونهم رقمياً ”. وبالتوازي مع "لافندر"، يعمل برنامج آخر على تعقّب كل " المشبوهين" لحظة بلحظة . وما أن يعود أحدهم إلى منزله ليلاً، حتى تبدأ المرحلة الثانية: وهي القتل للمطلوب ومسح عائلته كلها من الوجود حيث اثبتت التجربة ان ابن المقاتل يكون مقاتل اكثر شراسة من والده واجداده.. 
لذلك قرر الاحتلال ابادة العائلات بأكملها..
ولأن الحواسيب لا تملك ضمير ، فإن نظام " لافندر" لا يحسب “الخسائر الجانبية” ولا يهمه كم بريئاً سيُقتل في القصف؟
ومن العادي جدا ان يتحاوز عدد الابرياء 100 في سبيل القضاء على مطلوب واحد

ولم يعد ضباط المراقبة والتتبع الصهاينة بحاجة إلى تبرير قراراتهم.. فكل شيء مُبرمج و مُحوسب ... وكل شيء مُقدّر رقميا وهم ينفذون اوامر البرنامج الذي يُصدر القرار ،  و القتل يتم بضغطة زر بكل بساطة .. فهي مجرد لعبة الكترونية بالنسبة للضباط والمجندات.

ومع ظهور " مؤسسة غزة الإنسانية "GHF" التي تنصب فخاخ الموت للمحتاجين الجائعين سمعنا ببرنامج جديد اسمه "الحبّار" والذي اعلن عنه بكل وقاحة  هم الجنود الامريكان والصهاينة على حساباتهم الاجتماعية .. وهو برنامج يتضمن استدراج الضحايا بعشرات الالاف الى مكان محدد واعطاؤهم فرصة لمدة ربع ساعة فقط للدخول والخروج من مكان ضيق ثم يتم ملاحقتهم باطلاق النار الكثيف .. والمطلوب من الضحايا العودة زحفاً وسط زخات الرصاص .. وكل من يرفع رأسه يموت وكل من يقترب يموت وكل من يستسلم يموت .. ثم يتم ترك الجثث بالأيام امام مراكز التوزيع ولقد بلغ عدد المفقودين وعدد الجثث المجهولة بالمئات  ويتمتع الجنود بمنظر والكلاب والغربان وهي تنهش هذه الجثث ويقومون بتوثيق ونشر ذلك بكل وقاحة وبكل استخفاف بالإنسانية على حساباتهم
إن ما يجري في قطاع غزة ليست حرباً تقليدية، بل هي هندسة الكترونية للإبادة الجماعية. واغتيالات جماعية آلية، وتخطيط للقتل بدم بارد، وإبادة تُدار بالخوارزميات.

وإن الاحتلال لا يكتفي بالقصف، بل يبني نموذجاً مستقبلياً للإبادة الصامتة، حيث لا مكان للرحمة، ولا مجال للخطأ البشري فحتى الخطأ أصبح مُبرمجاً.
ولا مجال لمحاسبة احد لأن الذكاء الاصطناعي هو صاحب القرار حالياً..
ان نظامي  “ لافندر” "والحبّار" ليست مجرد أسلحة، بل مشروع أيديولوجي عنصري حقير مغطى بالتكنولوجيا.
يحوّل الناس إلى “بيانات وارقام”، ويحوّل الضحايا إلى نقاط خطر ، ويحوّل القتل إلى “خيار منطقي”  .

نحن أمام حالة جديدة من الإبادة ، حيث تُدار حياة وموت الناس من خلال تقاطع إشارات إلكترونية،
 لا يعرفون عنها شيئًا.
وما لم يتحرك العالم كله لايقاف هذا العبث والاستهتار بالارواح ، فإن ما بدأ في غزة، سوف يتمدد حتما إلى ما أبعد من ذلك وقد تم فعلا حيث تتطاول دولة الاحتلال على لبنان وسوريا واليمن وتقصف وتقتل في ظل صمت عربي وتخاذل اسلامي وتواطؤ دولي غير مسبوق . . وحين يُسلَّم قرار الحياة والموت لآلات وحواسيب، فمن يضمن لك ألا تختارك في المرة القادمة اينما كنت؟ من يضمن ان لا ينطلق صاروخ الى قلب اي عاصمة عربية ويقال بعدها نعتذر فقد اخطأ البرامج واصدر أمراً بالاطلاق حفاظا على امن دولة الاحتلال ولم نتمكن من السيطرة وتقبلوا اسفنا وخالص تعازينا...!!!! وسنقوم بتشكيل لجنة تحقيق في الموضوع..!!
هل سينفع وقتها الاعتذار؟
هل ستقبلوه وتصمتوا وتصدقوا كذب العدو؟
ام ستتحرك كرامة العرب؟
واذا قررتم الثأر .. فسوف يتم تقديم جهاز الحاسوب للمحاكمة ...