لماذا لا نزال نكتب؟
بي دي ان |
21 أغسطس 2025 الساعة 11:39م

أحيانًا نتصرف بغرابة لا نعرف مصدرها. أو نكتب بغرابة
لا نعرف مألها، هل هي خاطر اللحظة أو مجرد همسة زمن نخانق فيه هذا التناقض الغريب الذي نقابل به الخبر المتشائم منذ بداية المحرقة، أو ذلك الاكتئاب و التشاؤم برفقة خيط دمعٍ طويلٍ مدرار. "دمعتي ذاب جفنها بسمتي ما لها شفاه، صحوة الموت ما أرى أم أرى غفوة الحياة"
وهل هذا يجسد الشر في رمزٍ واضحٍ وصريح، الآن من الصعب أن ترمز للشر برمزٍ واحد.
أحينا تطفو من حين إلى آخر، أو في إثر أحداثٍ معيّنة، حروف وكلمات كأجسامًا مفكّكة هائمة على غير هدى، معظمها بعيدًا عن عبء إنتاج المعرفة، أو تحديد المعرفة الواجب إنتاجها، وشروطها، و ترجمتها، أو تُعيد تموضعهم، أو تموضع بعضهم، لا شيء سوى أننا ملَلْنا هذا النوع من الكلمات، ثم إن بعض الكلمات سبب البلاء الذي نعيش فيه. فمن الصعب أن نقول في مقالا واحدة ما هي المشكلة الآن؛ فالمشاكل كثيرة جِدًّا. و مصيبتُنا تأتي دائمًا من داخلنا.
قررتُ لسببٍ ما أن أجرِّب الكتابة، لكن سيدنا القلم ذلك المؤمن بالحياة إلى درجة اليأس الكامل منها؛ أو إلى ذلك الجزء الذي بقيَ وسيبقى حيًّا منه. لم يكن يوافقني في بعض الأحيان، إلا تخلُّصًا من إلحاحي؟ فيعارض دائمًا الفكرة...إي فكرة؟ فالحصول على الحروف أمرًا صعبًا للغاية،
إنهم لا يطيعون الفكر بسرعة ولا يخضعون بسهولة ويميلون إلى التشكُّك في مصدر الفكر، او الأقوال والأفعال، باختصار لا يصدقون كل شيء يُقال لهم بسهولة.
إن الكتابة المقالات هي فنُّ كتابة الخطب الرنانة الجوفاء،
مع أنه لم تكن لديَّ أي فكرة عن كتابة المقالات. ربما اخترتها اختيارًا غريزيًّا؛ و لا أستطيع الآن أن أُحدِّد بالضبط، ولكن ربما اعتقدت أنها الأسهل في نظري، كتابة مقالات أشعارًا،
أو مقالاتٍ في الفن والفكر والأدب... أحاديثَ وخواطرَ.
ربما تكون هي أيضًا مرآة نتعرف من خلالها على أنفسنا وعلى حدود إنسانيتنا، كما أجد الكلمات الرقيقة الأنيقة موجَّهة لنا قبل الآخرين، برغم من ذلك. كاد يقول: أن الكلمة لم يعُدْ لها دور، أو إذا كان لها دور فهو ثانوي تمامًا وبلا أي فاعلية ولكم أن تتصوَّروا مبلغ فجيعتي من إجابة القلم.
فهل تكفي أحيانًا كلمة واحدة تتغير في وجهة نظرك ليكون المقال قد أدَّى رسالته على الوجه الأكمل، بماذا كان يجيبني؟ ما أذكره أنه لا يردُّ أبدًا بشيءٍ مقنع أو يستطيع إقناعي؛ ذلك لأن ما كان يعتريه كان إحساسًا، مجرد إحساس لا منطق فيه أو له. ولم يكن وحده صاحب إحساسٍ كهذا؛ معظم الناس، بل أكاد أقول كل الناس، تنتابهم حالةٌ غريبة من الأمر، بعد المحرقة الكبرى،أو
الكتابة عنها، و أهمية ودور الكلمة في عالمنا الأصم.
ليس الإحساس بالغربة أو الاشمئزاز أو الضياع، أو الثورة
أو افتقاد القريب أو الوجود، إنه إحساسٌ مختلف،
من المجحف القادم.
وكأنما حروف القلم، والقضية، والبلد تجمَّدت عند لحظةٍ من لحظات العصور الوسطى، أو حلقة في سلسلةٍ طويلة من الفتن و الانقسامات والحروب، وهناك ايضا بعض الحروف والكلمات، كدول الغبار البشري والشخصيات التي تؤجِّج القتال وتجني ثَمن الضحايا. ففي أوقات الارتباك، والمحرقة، او الثورة أو الحرب تأخذ الأمور منحًى آخر من الحروف
والكلمات.
وثمة خاطرٌ قويٌّ يلحُّ عليَّ ولا يهيب بي وحدي وإنما لبعض ملاك الهموم الكبيرة، مرة فينا، وفي كل مِنَّا جزء حي وخالد من ذلك التعبير الذي احترتُ في تفسيره، انطباعًا كله إيمان بأنه لم يعد حقيقيٌّ في هذا العالم إلا الكلمة الصادقة، لقضية شريفة عادلة...والكلمة التي تُغيِّر لأنها تصدر عن مُتغيِّر، التي تؤثِّر لأنها تصدر عن متأثِّر، التي تُميت وتُحيي لأنها صادرة عن إنسان يأخذ قضية وطنه وكتابتها مسألة حياة أو موت.
لا نعرف مألها، هل هي خاطر اللحظة أو مجرد همسة زمن نخانق فيه هذا التناقض الغريب الذي نقابل به الخبر المتشائم منذ بداية المحرقة، أو ذلك الاكتئاب و التشاؤم برفقة خيط دمعٍ طويلٍ مدرار. "دمعتي ذاب جفنها بسمتي ما لها شفاه، صحوة الموت ما أرى أم أرى غفوة الحياة"
وهل هذا يجسد الشر في رمزٍ واضحٍ وصريح، الآن من الصعب أن ترمز للشر برمزٍ واحد.
أحينا تطفو من حين إلى آخر، أو في إثر أحداثٍ معيّنة، حروف وكلمات كأجسامًا مفكّكة هائمة على غير هدى، معظمها بعيدًا عن عبء إنتاج المعرفة، أو تحديد المعرفة الواجب إنتاجها، وشروطها، و ترجمتها، أو تُعيد تموضعهم، أو تموضع بعضهم، لا شيء سوى أننا ملَلْنا هذا النوع من الكلمات، ثم إن بعض الكلمات سبب البلاء الذي نعيش فيه. فمن الصعب أن نقول في مقالا واحدة ما هي المشكلة الآن؛ فالمشاكل كثيرة جِدًّا. و مصيبتُنا تأتي دائمًا من داخلنا.
قررتُ لسببٍ ما أن أجرِّب الكتابة، لكن سيدنا القلم ذلك المؤمن بالحياة إلى درجة اليأس الكامل منها؛ أو إلى ذلك الجزء الذي بقيَ وسيبقى حيًّا منه. لم يكن يوافقني في بعض الأحيان، إلا تخلُّصًا من إلحاحي؟ فيعارض دائمًا الفكرة...إي فكرة؟ فالحصول على الحروف أمرًا صعبًا للغاية،
إنهم لا يطيعون الفكر بسرعة ولا يخضعون بسهولة ويميلون إلى التشكُّك في مصدر الفكر، او الأقوال والأفعال، باختصار لا يصدقون كل شيء يُقال لهم بسهولة.
إن الكتابة المقالات هي فنُّ كتابة الخطب الرنانة الجوفاء،
مع أنه لم تكن لديَّ أي فكرة عن كتابة المقالات. ربما اخترتها اختيارًا غريزيًّا؛ و لا أستطيع الآن أن أُحدِّد بالضبط، ولكن ربما اعتقدت أنها الأسهل في نظري، كتابة مقالات أشعارًا،
أو مقالاتٍ في الفن والفكر والأدب... أحاديثَ وخواطرَ.
ربما تكون هي أيضًا مرآة نتعرف من خلالها على أنفسنا وعلى حدود إنسانيتنا، كما أجد الكلمات الرقيقة الأنيقة موجَّهة لنا قبل الآخرين، برغم من ذلك. كاد يقول: أن الكلمة لم يعُدْ لها دور، أو إذا كان لها دور فهو ثانوي تمامًا وبلا أي فاعلية ولكم أن تتصوَّروا مبلغ فجيعتي من إجابة القلم.
فهل تكفي أحيانًا كلمة واحدة تتغير في وجهة نظرك ليكون المقال قد أدَّى رسالته على الوجه الأكمل، بماذا كان يجيبني؟ ما أذكره أنه لا يردُّ أبدًا بشيءٍ مقنع أو يستطيع إقناعي؛ ذلك لأن ما كان يعتريه كان إحساسًا، مجرد إحساس لا منطق فيه أو له. ولم يكن وحده صاحب إحساسٍ كهذا؛ معظم الناس، بل أكاد أقول كل الناس، تنتابهم حالةٌ غريبة من الأمر، بعد المحرقة الكبرى،أو
الكتابة عنها، و أهمية ودور الكلمة في عالمنا الأصم.
ليس الإحساس بالغربة أو الاشمئزاز أو الضياع، أو الثورة
أو افتقاد القريب أو الوجود، إنه إحساسٌ مختلف،
من المجحف القادم.
وكأنما حروف القلم، والقضية، والبلد تجمَّدت عند لحظةٍ من لحظات العصور الوسطى، أو حلقة في سلسلةٍ طويلة من الفتن و الانقسامات والحروب، وهناك ايضا بعض الحروف والكلمات، كدول الغبار البشري والشخصيات التي تؤجِّج القتال وتجني ثَمن الضحايا. ففي أوقات الارتباك، والمحرقة، او الثورة أو الحرب تأخذ الأمور منحًى آخر من الحروف
والكلمات.
وثمة خاطرٌ قويٌّ يلحُّ عليَّ ولا يهيب بي وحدي وإنما لبعض ملاك الهموم الكبيرة، مرة فينا، وفي كل مِنَّا جزء حي وخالد من ذلك التعبير الذي احترتُ في تفسيره، انطباعًا كله إيمان بأنه لم يعد حقيقيٌّ في هذا العالم إلا الكلمة الصادقة، لقضية شريفة عادلة...والكلمة التي تُغيِّر لأنها تصدر عن مُتغيِّر، التي تؤثِّر لأنها تصدر عن متأثِّر، التي تُميت وتُحيي لأنها صادرة عن إنسان يأخذ قضية وطنه وكتابتها مسألة حياة أو موت.