بعد فضيحة تجويع غزة.. أوروبا لأول مرة في مسار مختلف!

بي دي ان |

02 أغسطس 2025 الساعة 03:05م

المشرف العام
على مايبدو أن دولة الكيان وقعت في فخ لم يكن في حسبانها، وبدا نتنياهو عاريا أخلاقيا وسياسيا وقيميا أمام العالم، وبدا هو من يغوص في وحل فخ المجاعة الذي نصبه للفلسطينيين في غزة بهدف تجويعهم ومن ثم تهجيرهم قسراً بعد فقدانهم لجميع مقومات الحياة.

في ظل الإبادة الجماعية التي يشنها ضد المواطنين والتي لم تبق ولم تذر، حيث مسحت المدن كاملاً ومنعت الغذاء والماء والدواء، وحاصرت المواطنين وتركتهم تحت الأنقاض بعد قصف البيوت على ساكنيها، في سلسلة من جرائم الحرب المركبة وفي مشهد من أبشع المشاهد والجرائم في تاريخ البشرية.

نتنياهو الذي يسير كما البلدوزر فوق جثث الأطفال والنساء في غزة دون أي اعتبار لرأي عام ولا إنسانية ولا حقوق إنسان ولا حتى الشرعية الدولية، بات الآن مسرعا أكثر باتجاه عزلة دولية ونبذ ممارساته السياسية والعسكرية والأمنية البشعة بحق الفلسطينيين في غزة والضفة على حد سواء، حيث الإستيطان ونزوح المواطنين أيضاً وهدم البيوت وسرقة الأراضي والمياه وغيرها، حيث التغول والتوغل.
 
لقد حاول المجتمع الدولي كثيرا مجاملة التحالف الإجرامي المشترك "الإسرائيلي والأمريكي" على حساب الدم الفلسطيني والضحايا الفلسطينيين، بل على حساب القرارات الشرعية والدولية التي وقعوا عليها جميعاً واتفقوا على مبادئها وقراراتها، إلا أنهم اليوم ومع حراك يغلي في كل الشوارع والميادين والجامعات والنقابات الأوروبية تحديداً والأمريكية أيضاً، لم تجد الحكومات الغربية مناص من الإستجابة ليس فقط لميادينها، بل المباديء الإنسانية والقيمية التي تبنتها كدول متحضرة، ولعل الأهم من ذلك: هو مشاهد الضحايا والقتل المتعمد والتجويع الذي تمارسه دولة الكيان في أبشع صورها ضد الشعب الفلسطيني، مستخدمين مصطلحات بل وثوابت عندهم وإقرار واضح أن: الفلسطيني حيوان وأنه يستحق القتل، وصور كثيرة لجنود الاحتلال وهم في قمة التباهي بقتل الأطفال والنساء وهدم البيوت على رؤسهم، في مشهد مقزز لا يليق بالآدمية ولا بما وصلت إليه البشرية من مباديء إنسانية كان لابد من محافظة هذه الدول عليها أمام شعوبها.

كل ماسبق شكل نقطة تحول وتغيير في القرارات الأوروبية، وتغيير كامل في الخطاب الرسمي، بل والمدهش أن منهم نفذ هذه القرارات حيث بدأ ما يعرف ب "التسونامي الإعتراف بالدولة الفلسطينية"، ما دعى للكيان أن يضرب (أخماس بأسداس)، مهاجماً هذه الدول ومتهماً إياها، في محاولة منه لإحراجهم، غير مدركاً أن حتى الدول المنحازة له نفذ صبرها وباتت متهمة أمام شعوبها، مما جعل هذا الاحتلال يواجه انهياراً دبلوماسياً غير مسبوق. 

على الرغم من أن دولة سلوفينيا، من أوائل الدول الأوروبية التي تعترف رسميا بدولة فلسطين، وأول دولة أوروبية تفرض حظرا على استيراد وتصدير ونقل الأسلحة إلى إسرائيل، في خطوة شجاعة ودالة على دعمها للقضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني، وعلى الرغم من اعتراف  البعض واعتزام البعض الآخر من الدول، بالاعتراف بالدولة الفلسطينية من ما يقارب خمسة عشر دولة منها: فرنسا وكندا وأستراليا، كما وقعت دول أخرى الدعوة للإعتراف منها: أندورا وفنلندا وأيسلندا وإيرلندا ولوكسمبورغ ومالطا ونيوزيلندا والنرويج والبرتغال وسان مارينو وسلوفينيا وأسبانيا وبريطانيا، وذلك غداة "إعلان نيويورك" الذي أطلق في ختام مؤتمر وزاري في الأمم المتحدة حول حل الدولتين.
 
بالرغم من التغيير الكبير لهذه الدول، إلا أن الصدمة الكبرى تلقتها دولة الكيان من "بريطانيا"، لما لها من خصوصية واستثنائية في التعامل مع القضية الفلسطينية، فلا يزال - وعد بلفور حاضراً ليس في الذهنية الفلسطينية فحسب بل، بالواقع الذي يعيشه الفلسطينيون تحت وطأة الاحتلال الإسرائيلي، والذي كان نتيجة وعد بلفور، حيث أعطت بريطانيا "فلسطين" لليهود، بالتالي بريطانيا سبب لمعاناه الفلسطينيين حتى اللحظة.
 
لذلك فإن تهديد لندن باعترافها بدولة فلسطين في سبتمبر المقبل "مالم تتخذ الحكومة الإسرائيلية خطوات لإنهاء الوضع المروع" في غزة، فهذا بلا شك سيكون قرارا تاريخياً. وصفعة قوية على وجه الحتلال. 

ترامب أيضاً الذي فزع من هذا التسونامي، قرر إرسال مبعوثه اليهودي ويتكوف المنحاز تماما للاحتلال، إرساله لتل أبيب وغزة مراكز توزيع المساعدات والتي هي بالأساس مصيدة للموت. 

ويتكوف لن يصعب عليه رفع تقريرا يراه مناسبا لحفظ ماء وجه ترامب الداعي كذبا وزوراً بأنه ضد الحروب وأنه يريد إطعام أهل غزة وإرسال المساعدات لهم. ويتكوف كما ترامب كما الاحتلال، جميعهم شركاء في حرب الإبادة على غزة، ولايجوز التعامل معهم كوسطاء على الإطلاق، بل شركاء بالجريمة والمقتلة. 

بالتالي ماهو مطلوب الآن: 
- استثمار هذا الإعتراف بالدولة الفلسطينية من قبل هذه الدول، بما يخدم الحق الفلسطيني وزوال الاحتلال إلى حدود ال67 .

- ألا يقف هذا الإعتراف إلى الخطاب بل يجب تخطي ذلك باتخاذ إجراءات عملية ونافذة ضد الاحتلال، من مقاطعة ومنع استيراد وتصدير الأسلحة تحديداً، مقاطعة جامعاتهم ومؤسساتهم ومنتجاتهم، وكل ما يتعلق بالاحتلال والمستوطنين. 

- تفعيل الدبلوماسية الفلسطينية، الرسمية والشعبية وزيادة الضغط والتأكيد على هذه الدول بالاستمرار بالاعتراف وفعل ما يجب فعله لعزل دولة الكيان. 

- مطالبة السلطة الفلسطينية بالعمل على إرسال وفد من الصحفيين الدوليين، ووفود أوروبية، وأمريكية من أعضاء كونغرس وبرلمان ممن هم مناصرين للقضية الفلسطينية، واطلاعهم على الأوضاع بغزة، لفضح رواية سلطات الاحتلال ومبعوث ترامب الذي بكل الأحوال لن يكون لسان صدق.
 
- ⁠تشكيل لجنة من القانونيين والخبراء لاستثمار اعتراف هذه الدول بما يخدم سرعة وقف المقتلة والبدء بتنفيذ وتطبيق هذا القرار على أرض الواقع. 

- ⁠العمل على استمرار تحريك الميادين الأوروبية والأمريكية الداعمة للحق الفلسطيني، ولتسريع وقف حرب الإبادة والتهجير الذي تسعى دولة الكيان وتسابق الوقت لتنفيذه في خطوة إجرامية لتفريغ غزة من أهلها ومن ثم التفرغ لسرقة الغاز، والبدء بشق قناة في شمال قطاع غزة، والبدء بمشاريعهم الإقتصادية، التي تأتي على حساب أصحاب الأرض والوجود. 

- ⁠فهل يقوم الفلسطينيون بما يجب فعله؟! 
بالنسبة للشعوب العربية فمحزن هذا الصمت أمام كل هذه الجرائم البشعة والتجويع الذي يمارسه الاحتلال بأبشع صوره، هذا كفيل بانتفاضة الشعوب العربية وإحراز تغيير جذري بالحالة العربية، بل وسهولة إلغاء التطبيع المجاني، كان بإمكان الملايين العربية فعل شيء، لكن هذا لم يحدث مع الأسف، لأسباب يطول شرحها وسنكتب فيما بعد لأهمية الحراكات الشعبية العربية فيما لو حدثت.