وسط الدخان واللهب، وفي مشهد أصبح رمزًا لمعاناة قطاع غزة، كان أكرم شاهين يقف على أعتاب إنقاذ حياة شقيقه الأكبر كرم، الذي يعاني من فشل كلوي حاد، ينتظر التبرع بكليته في ظل ظروف صحية وإنسانية صعبة للغاية. لكن انفجار مستشفى الأوروبي قلب الموازين، وألقى بجسد أكرم بعيدًا وسط ألسنة النيران، ليُصيب جسده بإعاقات حرمتْه من القدرة على الحركة، وأوقف حلمه في إنقاذ شقيقه.

قبل الانفجار، كان أكرم يستعد للتبرع بكليته إلى شقيقه كرم، الذي يعيش حالة صحية حرجة في قطاع غزة يعاني من الحصار الخانق في ظل إبادة جماعية تشنها إسرائيل على الغزيين، حيث يفتقر القطاع إلى أبسط مقومات الحياة، ناهيك عن الاحتياجات الطبية المعقدة. فشل الكلى لدى كرم لم يكن مجرد مرض، بل معركة يومية ضد ظروف قاسية تفاقمت بسبب نقص الكهرباء والمستلزمات الطبية، وهو ما يهدد حياته بشكل مباشر.

اليوم، يجلس الشقيقان تحت سقف واحد من الألم والمعاناة، أكرم الذي فقد الكثير من قدرته الجسدية، وكرم الذي تتدهور حالته الصحية يومًا بعد يوم في غياب الدعم الطبي الكافي. الانفجار لم يؤد فقط إلى إصابة أكرم، بل جرف معه أمل إنقاذ حياة كرم، وسط واقع لا يرحم.

في غزة، حيث الحصار لا يترك مجالًا للتنفس، المرضى لا يعانون فقط من أمراضهم، بل من معاناة إضافية تفوق حدود الوصف. انقطاع الكهرباء يجعل تشغيل الأجهزة الطبية أمرًا شبه مستحيل، ونقص الأدوية والمستلزمات الطبية يزيد من حدة الأزمة الصحية. المرض هنا ليس فقط ألمًا جسديًا، بل تهديدًا مستمرًا لقصص حياة كاملة كانت تأمل في غد أفضل.

تروي قصة أكرم وكرم صورة مأساوية عن واقع إنساني يئن تحت وطأة الحصار والدمار. فبينما كان أكرم يخطط لإنقاذ شقيقه، تحولت المصائب إلى جدران تحبس الحياة، وتترك العائلة تواجه مصيرًا مجهولًا، في قطاع يعاني من نقص حاد في الإمكانيات الطبية.

هذه القصة ليست مجرد سرد لحادثة، بل قصة إنسانية توجه للعالم علّها تلفت الانتباه إلى ما يعيشه أهل غزة من معاناة يومية، حيث لا يكفي الصبر وحده، ولا تكفي الكلمات لوصف حجم الألم والاحتياجات. في ظل هذا الواقع، يبقى الأمل ضوءًا خافتًا يحتاج إلى وقف الإبادة الجماعية وإنقاذ المدنيين في غزة قبل أن يغرقوا في صمت الموت.

في غزة، كل يوم هو معركة من أجل البقاء، وكل حياة تحتاج إلى فرصة ليُكتب لها البقاء.