بذكرى النكبة.. فلسطين تغيب عربياً والمطلوب بات وطنياً!

بي دي ان |

17 مايو 2025 الساعة 05:00م

المشرف العام
يحيي الشعب الفلسطيني في مايو/ أيار من كل عام، ذكرى النكبة التي حلت على الشعب الفلسطيني عام 1948، حيث طرد العدو الإسرائيلي أصحاب الأرض من بيوتهم وديارهم وأعدموا الآلاف منهم وقاموا بعشرات المجازر بحقهم، وصولاً للإحلال مكانهم، وفي حين يحيي الفلسطينيون ذكرى النكبة، ليكون قد حل بهم نكبتين أقسى وأبشع ولهما من التداعيات ما يمكن أن يكون (تذويب للقضية الفلسطينية ونهايتها) لقد وقعت النكبة الثانية، بالانقلاب الدموي الذي قامت به حركة حماس (2006) والذي قتلت فيه مئات من أبناء شعبنا، وسيطرت على قطاع غزة بالحديد والنار - ومازالت - والذي أدى مع مرور السنوات القاسيات العجاف إلى ما وصل إليه المواطنون في غزة، حيث اتخاذ حركة حماس كفصيل وحدها قرار السابع من أكتوبر، ليصل الأمر إلى ما عليه غزة الآن، حيث شكل هذا الحدث ذريعة استغلها نتنياهو للإنقضاض على الفلسطينيين، وقتلهم واستخدام كل ما يملك ويحصل عليه للقضاء على الفلسطينيين بشكل هستيري، مستخدما كل أنواع الجرائم والمحرمات الدولية والإنسانية، مستعيرا مرتزقة من هنا وهناك من دول مختلفة مقابل رواتب ضخمة لتنفيذ المقتلة بحق الفلسطينيين، راكلا كل القوانين الدولية بحذائه، لتحقيق مايريد من تهجير الفلسطينيين وطردهم مرة أخرى من ديارهم، بمساعدة وضوء أخضر من الولايات المتحدة الأمريكية. 

بالأمس (16مايو) انفض مولد ترامب بعد زيارة رسمية إلى دول الخليج والتي تفاءل قبيلها الشارع الفلسطيني بوقف المقتلة، ليتفاجأ الفلسطينيون أن غزة لم تكن على جدول الأعمال كما ينبغي من باب العروبة على الأقل، وأن هناك قضايا كثيرة كانت حاضرة بقوة مثلما حدث،  لقاء (ترامب- الشرع) والتي نالت من خلالها سوريا ما أرادت من رفع عقوبات وتحسين أوضاعها السياسية والاقتصادية وغير ذلك، بعد تدخل عربي واضح كان له تأثير جلي على مخرجات اللقاء. 

ترامب رجل (الصفقات وليس رجل الصدقات) كما شئت تسميته في مقالي السابق، لم أتوقع شخصيا منه وقف الحرب ولكن على الأقل كان التوقع إدخال المساعدات لغزة في خطوة لذر الرماد بالعيون، ولكن حتى تلك لم يفعلها، بما يعني أن هنالك صورة لديه بشكل مسبق للفعل ولرد الفعل، مما جعله يتناول قضية غزة بشكل مخزي واستخفاف كامل بما يعيشه الغزيون من مجاعة حقيقية، بقوله في إحدى اللقاءات ومن داخل دولة عربية "أحد القادة الثلاثة العظماء، قال لي قبل ليلتين، أرجوك ساعد الشعب الفلسطيني لأنهم يتضورون جوعاً" وكان رده "أننا بدأنا في العمل على مساعدة الناس في غزة"، وهذا مؤشر لكيفية طرح قضية المجاعة في غزة (رغم تحويلها لقضية إنسانية) بدلا من كونها قضية احتلال من جديد، ودليل على كذب ترامب الذي يكذب بكل جرأة وراحة في الدولة المضيفة. 

كذلك تصريحاته الوقحة "ينبغي أن تصبح غزة منطقة حرية" في إشارة منه لرغبته في امتلاك غزة ليجعل منها مشروع استثماري. وقوله "في رد على سؤال بشأن ضجره من نتنياهو" قال: لا أنظر: لديه موقف صعب، عليك أن تتذكر 7 أكتوبر"، في إشارة واضحة لاعطائه مبررات لنتباهو بمواصلة المقتلة وكأن قتل وجرح وفقد أكثر من ربع مليون فلسطيني لا يكفي، مقدما له مزيدا من الوقت، لمزيد من القتل والإبادة، وهذا ما كان يجب أن يكون في حضرة الدول العربية الشقيقة. 

في لقاءات القمة الخليجية التي حضرها رجل الصفقات بكل غرور وعنجهية مستخدما ألفاظ وعبارات ساخرة تارة، ومستفزة تارة أخرى، لا تليق لا بالضيف ولا بالمضيف، تساءل الكل العربي وأولها الشعوب عن كم المليارات الهائلة التي تم تقديمها لدولة تصغر الشعوب العربية وتعمل على فنائها وتجهيلها، وتنهب خيراتها، وفيما لو تم تسخير هذه الأموال لتطوير الشعوب وتقدمها وتقوية جيوشها، ووحدتها وعمل تحالف عربي وسوق عربية مشتركة، وحل النزاعات العربية والعمل على استقرار تلك الشعوب ونهضتها! لكن على مايبدو لهذه الدول حساباتها الخاصة في رسم دور ريادي وقيادي إقليمي قادم. 

فلسطينيا : كان ممكناً جداً، وبحكم العلاقات التي ينشدها ترامب شعراً، (وإن كانت بحكم الاستفادة المادية) وهذا لا يخفى على أحد، لكن كان بالإمكان استخدام الدبلوماسية العربية لوقف المقتلة، وإدخال المساعدات الإنسانية لغزة، كان بالامكان فعل الكثير حقاً، إلا أن فلسطين كانت الأكثر غياباً، رغم حضور الدم والأشلاء وعدالة القضية بقوة وبلا منافس. 

بعد هذا الأسبوع الحافل عربياً، والذي أصيب خلاله الفلسطينيون بخيبة أمل كبيرة، بقي على الفلسطينيين تغيير واقعهم الراهن إلى الأفضل، ومغادرة المربع الرمادي الخالي من جرأة القرار، يصاحبه ضبابية الفعل المطلوب، علينا التفكير والفعل جديا بخطورة ما يحدث  في غزة، لا بد من حالة استنفار ميدانيا ودبلوماسيا ودوليا، ووضع خطط واستراتيجيات مختلفة، والتفكير خارج الصندوق، والتواصل مع أحرار العالم ليسوا بالضرورة أن يكونوا عرباً، فهنالك الكثير من الغرب من صادقونا وصدقونا القول والفعل والمشاعر الإنسانية. 

ثانياً: التواصل مع حماس بشتى الطرق للوصول إلى وفاق فلسطيني يتم خلاله مناقشة قضية الرهائن وما يمكن فعله فلسطينيا بمشاركة مصر للخروج من الكارثة الراهنة ولوقف المقتلة بأسرع وقت ممكن، أما بخصوص حماس فلأنها لا ترى إلا فكرها ومصلحة حزبها فلا داعي للنصيحة أو المقترحات، ولكنني أرى أن دماء الشهداء والثكالى هم سيكتبون التاريخ الأسود لحماس، لتفضيلها حكمها وأموالها على مصلحة وحياة الفلسطينيين الذين ورطتهم هي في هذا البئر الأسود، وهذا قد لا يكون كافياً ليشفي غليلهم.