عمال الوطن بلا عيد

بي دي ان |

30 ابريل 2025 الساعة 11:46م

الكاتب
يحل غدا عيد العمال العالمي في الأول من أيار / مايو من كل عام، احتفاءً بالطبقة العاملة وعطائها على الأصعدة المختلفة في زيادة وتحسين الإنتاج في مجالات الحياة المختلفة، في تطوير قوى العمل، وفي الاسرة، حيث لا يمكن لمجتمع من المجتمعات النهوض بذاته دون قوة العمل التي تمثل الرافعة الأساسية، والمحرك لعجلة الإنتاج، ورافدة السوق بالسلع والمنتجات الضرورية والاستهلاكية، وهي القوة الحامية للمجتمع من خلال تمثلها مصالح الشعب وطبقاته وشرائحه الاجتماعية كافة، والمدافع الأول عن حدود الوطن عندما يتعرض للعدوان، حيث تقف في الخندق الامامي، أو كان في المصنع او المعمل او المؤسسة او المزرعة ...الخ
العمال في الوطن الفلسطيني خلال عقود الصراع الطويلة مع دولة إسرائيل اللقيطة والمارقة، لم يشعروا يوما بوجود عيد حقيقي. رغم انهم يحتفلون بالعيد، وأحيانا أصحاب العمل في القطاع الخاص لا يسمحون لهم وتحت طائلة المسؤولية والخصم من اجرة العمل بالحصول على إجازة العيد بذرائع شتى. ومع ولوج حروب المواجهة مع دولة الاستعمار الإسرائيلية النازية مرحلة الإبادة والتطهير العرقي والتهجير القسري، وتقطيع اوصال المحافظات والمدن والقرى والمخيمات عن بعضها البعض بأكثر من 900 حاجز في الضفة الفلسطينية بما فيها القدس العاصمة، ومضاعفة أعداد المعتقلين، واغلاق حتى باب العمل الأسود في إسرائيل امام قوة العمل الفلسطينية، وملاحقة العمال الذين يغامرون في الدخول لإسرائيل دون تصاريح عمل امنيا، واعتقال كل من تتمكن أجهزة الامن الإسرائيلية من القبض عليه، فضلا عن توجيه تهم للعمال في حال حدوث انفجار او أي عمل أمني عفوي او بفعل فاعل، أول من يلقى القبض عليه، توجه له التهم فورا حتى لو كان معه تصريح عمل.
كما ان المرأة الفلسطينية العاملة تواجه تحديات أعظم من ذلك، فهي قد تمتهن كرامتها، وقد ترغم على ممارسة الرذيلة لقاء البقاء في العمل، وهي بتعبير آخر، الوجه الاخر من الاغتصاب، في حال تمكنت من التسلل الى مناطق ال48 لتعيل اسرتها. فضلا عن الاضطهاد القومي والطبقي والإنساني، مما يحمل المرأة ما هو فوق طاقتها جسديا ومعنويا، ويحولها الى سلعة رخيصة في سوق العمل الأكثر دونية ووحشية.
ولا تقتصر معاناة العمال من الجنسين من أبناء القدس والضفة عموما، مع الفارق النسبي بين عمال مدينة القدس وعمال الضفة الغربية، لصالح أبناء القدس، حملة البطاقة الزرقاء داخل سوق العمل الإسرائيلي، وانما هناك معاناة يواجهونها في سوق العمل الفلسطيني الضيق والمحدود والمتآكل نتاج الانتهاكات الإسرائيلية المتصاعدة على اكثر من مستوى وصعيد، مما فاقم من ازمة البطالة، وزاد أعداد العمال الملقى بهم على قارعة الطرق وفي الأسواق بلا عمل، أضف الى عدم التزام أصحاب العمل بقوانين وزارة العمل، ولا بالحد الأدنى من الأجور، ودون حماية العمال من إصابات العمل، وبلا تأمين صحي، وهذا ناتج عن زيادة البطالة، وتدني منسوب الاستثمار، وانخفاض الحاجة لليد العاملة، مما يساهم في تغول أصحاب العمل على العمال من الجنسين، وخاصة النساء.
وحدث ولا حرج عن مأساة ومصائب قوة العمل في غزة، التي تراجعت الى حد بعيد حاجة السوق لليد العاملة، لأنه لا يوجد مجال للعمل، وتم تدمير المصانع والمؤسسات والورش الفنية والشركات والمطاعم والمقاهي أنخفض حجم من يعمل منها الى الحد الأدنى، فضلا عن الموت والابادة والدمار الهائل، واغلاق منافذ الحياة بنسبة تقترب الى 90% أقل أو أكثر قليلا، فهناك مأساة العمال تتجاوز حدود المنطق والعقل في ظل الإبادة الجماعية وحرب التجويع والامراض والاوبئة وغيرها من تداعيات الإبادة الإسرائيلية الأميركية، التي استهدفت وتستهدف كل معلم من معالم الحياة الإنسانية.
ولم اتحدث عن معاناة وصعوبات وتضحيات العمال في الجليل والمثلث والنقب والمدن المختلطة، ولا عن العمال في مخيمات الشتات في الأردن وسوريا ولبنان، ولا معاناة العمال في المغتربات والمهاجر، لأن الحديث في هذا المجال يطول، ويحتاج لأكثر من بحث وقراءة، لذا ركزت في هذه المناسبة العظيمة على عمال الضفة بما فيها القدس وقطاع غزة لتعاظم الصعوبات والتعقيدات التي يواجهونها في كل تجمع على انفراد، وبشكل عام كونهم من أبناء الشعب العربي الفلسطيني. لذا لا اعتقد ان الطبقة العاملة الفلسطينية والمسحوقين والبؤساء والاجراء وعمال الزراعة والبحر يشعرون في يومهم العالمي ببهجة العيد، انما يتذكرون في كل لحظة لعنة الموت والابادة والتجويع والحرمان والاعتقال والحصار وألف عنوان وعنوان من المصائب الناجمة عن جرائم وانتهاكات النازية الإسرائيلية في كل بقعة من أراضي دولة فلسطين المحتلة عام 1967، ومع ذلك على العمال ان يحتفوا بالأول من أيار، رغم الالام والاوجاع والنكبات والكوارث الإسرائيلية الأميركية. وكل عام وأبناء الطبقة العاملة في الوطن والشتات وال48 والمغتربات بخير.
[email protected]
[email protected]