كمائن ترامب.. هل ستنجح؟

بي دي ان |

02 فبراير 2025 الساعة 05:43م

المشرف العام
ما بين قرار وقف إطلاق النار في غزة، وفاجعة المواطنيين الفلسطينيين بتداعيات حرب الإبادة، حيث صدموا بعد عودتهم مشاهد بقايا ركام منازلهم في الشمال وما تبقى من  جماجم وعظام، وأشلاء أبناء ظنوا للحظة أنهم أحياء. 

كمائن كثيرة على ما يبدو أنها معدة ومخبأة للفلسطينيين المنهكين بفعل الحرب، بغزة خاصة، والفلسطينيين عامة. 
فما أن وضعت الحرب أوزارها حتى اتخذ الكنيست الإسرائيلي قرارا جديدا يحظر عمل وكالة الأونروا لإغاثة الفلسطينيين اللاجئين، في خطوة كارثية ومخالفة للقوانين الدولية تتسبب بإضاعة حق الشعب الفلسطيني بعودته لأرضه من جانب، ويؤدي إلى تجريم المساعدات الإنسانية من جانب آخر، والذي بدوره سيؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية الموجودة بالأساس، فمن المعلوم أن الأونروا لها دور إغاثي وإنساني كبير من حيث تقديم الخدمات الضرورية، التعليم، الصحة، الغذاء، المأوى لملايين الفلسطينيين الذين طردهم الاحتلال من بيوتهم منذ عام 1948 - ومازالوا. 

دولة الكيان تحاول جاهدة بكل الطرق الإجهاد على أي محاولة أو خطوة تعمل على استقرار الأوضاع نحو قيام الشعب الفلسطيني بتحقيق حلمه وحقه في دولة مستقلة، في ذات الوقت الذي تفرض فيه دولة الاحتلال قيودا وحواجز بالضفة الغربية تعرقل حركة السكان وتنغص يومهم بالوقوف على الحواجز لساعات طويلة، وتبتلع آلاف الدونمات وضمها، يأتي ترامب يوم الأحد الماضي لإلقاء تصريحات من على متن طائرة "إير فورس وان" مبنية على تخطيط مسبق في خطوة وقحة يدعو خلالها لتهجير الفلسطينيين من أرضهم إلى دول مجاورة وهي مصر والأردن.
 
ترامب كرر الطلب لأكثر من مرة إلى أن وصل به الحد إلى القول "سيفعلان ذلك" لقد قدمنا لهم الكثير وسيفعلوا، ويقصد مصر والأردن، رغم إعلان الدولتين عن رفضهما للتهجير والذي تم التحذير منه طوال سنوات سابقة وليست خلال الحرب فقط. 

رجل الصفقات ينظر إلى قطاع غزة كقيمة تجارية محتملة للقطاع التي يمكن أن تعزز الإقتصاد الإسرائيلي، وليست إعادة بناء المجتمعات الفلسطينية داخل القطاع، وفق تصريحات الباحثة في معهد نيولاين "كارولين روز". 

قضية تهجير الفلسطينيين من أرضهم؛ قضية تمس حقوق الفلسطينيين ووجودهم ومصيرهم، ومع ذلك يطرحها رجل الصفقات بكامل استخفافه بتضحيات وإرادة الشعب الفلسطيني وتمسّكه بأرضه مهما كلف الثمن وقد فعل، واستخفافا آخر بدول عربية وازنة ومحورية وشعوبها. 

الشعب المصري زحف أمس نحو الحدود المصرية الفلسطينية في خطوة يعبر عن رفضه لتهجير شعب شقيق صاحب أرض وقضية، مدركاً أنها خطوة تمثل مساسا بالأمن القومي المصري والسلم العربي عامة. 

ترامب يريد تفصيل شرق أوسط جديد على مزاجه ووفق أهوائه وما يتلاءم مع مصالحه ومصلحة الابن المدلل"إسرائيل" على حساب مصالح الشعب الفلسطيني والشعوب العربية وكرامتها وكياناتها. 

على مايبدو أن رجل الصفقات لم ير المواطن الفلسطيني الذي خرج من الحرب بلا ماء ولا طعام ولا مأوى وهو يأكل الرمل حبا وشوقا للشمال حين عودته، وهذا مهم لأن الفلسطيني سيبقى هو صاحب القرار الأول والأخير في ذلك فلن تكون هناك حرب إبادة أخرى لطرد الفلسطيني من ارضه ولن يفعل وإن انتزعوا روحه منه، وبرغم انعدام مقومات الحياة في غزة، وهذا يعني ضرورة التحرك الرسمي الفلسطيني والعربي والإسلامي للتحرك السريع نحو دعم الشعب الفلسطيني وتعزيز صموده على أرضه، فالمطلوب توفير مأوى مؤقت لحين الإعمار، ومأكل ومشرب ومستشفيات ميدانية، وتجهيز بنى تحتية وغيرها في إطار تنفيذ خطة طوارئ عاجلة. 

الإرادة المصرية والأردنية تحديدا برفض خطة التهجير مهمة والدعم العربي لهما مهما للوقوف والتصدي لمخطط ترامب الشيطاني الذي لن يتم في ظل تعزيز صمود الشعب الفلسطيني وموقف عربي حازم رافض للمخطط. 

القيادة الفلسطينية مطلوب منها حراكا دوليا نشطا لتفعيل دور الحكومة ومنظمة التحرير في غزة والدعوة لمؤتمر دولي لإعادة الإعمار في غزة، والتصدي لوحشية الاحتلال في الضفة والقدس. 

توحيد الصف الوطني الفلسطيني ووضع برنامج واضح وبذل كل الجهود لمجابهة الشر القادم من رئيس أكبر دولة على الأرض، قادما بوسائل مخزية "البلطجة والابتزاز، والصفقات، واشاعة الفوضى وتدمير قرارات دولية وقعت عليها دولته واعترفت بها"، رئيس يسرق وطنا ليهديه للص، فنحن حقا أمام صراع في غاب وليس في عصر تسوده ديمقراطية وثقافة القيم، نحن في حكم ترامب سنكون تحت حكم البلطجة.