سقط شعار وحدة الساحات

بي دي ان |

28 نوفمبر 2024 الساعة 02:18ص

الكاتب
أخيراً تم إبرام اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان الشقيق ودولة الاستعمار الإسرائيلية، وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو مساء أول أمس الثلاثاء 26 تشرين ثاني / نوفمبر الحالي (2024) ان المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية وافق على اتفاق وقف اطلاق النار مع لبنان، الذي تم بوساطة أميركية فرنسية. وكان بالمثل أعلن رئيس حكومة تصريف الاعمال اللبنانية، نجيب ميقاتي الموافقة على ذات الاتفاق في بيان رسمي ادلى به لوسائل الاعلام.
وتضمن الاتفاق 13 بندا، هي ذاتها التي حملتها السفيرة الأميركية في لبنان، ليزا جونسون للرئيس نبيه بري، وحسب ما أعتقد، لم يتم تغيير أي من النقاط الرئيسية في مشروع الاتفاق الأميركي الإسرائيلي، ولا أود ان أورد نقاط الاتفاق بالتفصيل هنا، ولكن سأسلط الضوء على أبرز مثالب الاتفاق المبرم
من النظرة الأولية لنصوص الاتفاق تؤكد، ان لبنان الرسمي ومعه حزب الله قدموا تنازلات كبيرة لصالح إسرائيل والولايات المتحدة الوسيط غير النزيه في أكثر من نقطة: أولا نجاح إسرائيل في فصل الساحات عن بعضها، واسقاط شعار "وحدة الساحات"، الذي كنت ذكرته أكثر من مرة، انه شعار وآه، وعمليا كان التعاون بين الساحات محدودا، ولا يقوم على ركيزة برنامجية، وخطة عمل قومية او دينية او سميها ما شئت؛ ثانيا  ابقيت يد إسرائيل طليقة بذريعة "حق الدفاع الذاتي"، بتعبير آخر، تستطيع ان تتذرع بأي حجة واهية وترتكب ابشع الجرائم ضد لبنان وشعبه الشقيق؛ ثالثا سيتم تفكيك كافة المنشآت العسكرية غير القانونية المعنية بإنتاج السلاح، بمعنى آخر، سيتم تفكيك مصانع الأسلحة الخاصة بحزب الله، وممنوع على الحزب البيع او الشراء او توريد السلاح الا عبر المؤسسة الحكومية الرسمية؛ رابعا على قوات حزب الله الانسحاب حتى ما نهر الليطاني، وتفكيك منشىتها وقواعدها في البلدات الجنوبية المحاذية للحدود اللبنانية الإسرائيلية؛ خامسا القبول ببقاء إسرائيل 60 يوما في الأراضي اللبنانية لحين سحب قواتها؟ لماذا؟ وعلى أي أساس ال60 يوما؟ وكل قواتها الموجود في الغلاف الحدودي يمكن سحبها خلال ساعة او ساعتين بحد أقصى، وهذا رضوخ لإرادة إسرائيل.
وكان رئيس الائتلاف الإسرائيلي الحاكم أعلن بشكل جلي اول امس الثلاثاء، أن إسرائيل حققت 3 اهداف رئيسية، هي: الأول "التركيز على إيران" التي اعتبر انها تشكل التهديد الرئيسي لإسرائيل، وهو يقصد ايران كمنافس إقليمي، وصاحبة ما يسمى أذرع محور "المقاومة"؛ الثاني هو "انعاش القوات" والتغلب على القيود المفروضة على توريد الأسلحة من الولايات المتحدة، وهنا اعتراف صريح من قبل الرجل القوي في إسرائيل، ان جيشه منهك ومثخن بالجراح، ومع ذلك حقق مكاسب في المفاوضات ودون قتال؛ الثالث يتمثل في فصل جبهة غزة عن جبهة لبنان، وعزل حماس. والهدف الأخير كان أحد الأهداف الرئيسية لإسرائيل وأميركا.
وفي السياق أكد نتنياهو، أعدنا حزب الله عقودا الى الوراء، وقضينا على غالبية قدراته العسكرية، واغتلنا نصر الله، وما ذكره المهوس بحرب الإبادة الجماعية فيه الكثير من الصحة. لأن قدرة حزب الله العسكرية تأثرت كثيرا بعد تفجيرات البيجرز في 17 أيلول / سبتمبر الماضي، وعمليات الاغتيال التي طالت معظم قيادات وكوادر حزب الله بما في ذلك الأمين العام السابق وخليفته الافتراضي هاشم صفي الدين، وفؤاد شكر وغيرهم، ومع ذلك لنعترف ان حزب الله استعاد بعض عافيته في المعارك البرية وعمليات القصف الصاروخي التي تجلت بوضوح يوم الاحد الماضي 24 تشرين ثاني / نوفمبر الحالي. لكن في المجمل حزب الله لم يعد حزب الله الذي نعرفه، وفقد الكثير من هيبته ومكانته في الساحة اللبنانية، والمستقبل المنظور سيكشف للجميع عن ذلك التراجع في مكانة ودور الحزب على الساحة اللبنانية.
في كل الأحوال مبروك للبنان الرسمي والشعبي وقف حرب الإبادة الإسرائيلية الأميركية، الا ان الثمن الذي دفعه لبنان الرسمي والشعبي وحزب الله كبير وغالي جدا، وضمنا لم يخرج منتصرا، واكاذيب النصر يفترض ان تهدأ، وتراجع كل قوة لبنانية نفسها، وتستخلص الدروس والعبر، وأيضا رغم الإنجازات الإسرائيلية في المفاوضات، لكن لا يمكن القول ان إسرائيل انتصرت، انما خرجت مثخنة بالجراح، وتكبدت خسائر فادحة على أكثر من مستوى وصعيد، وعادت الى الخط الأزرق، ولم تسيطر على مليمتر واحد من لبنان. وبالتالي لا يوجد منتصر في الحرب الاجرامية، والهزيمة تمت للبنان بالنقاط فقط.
[email protected]
[email protected]