معايير بايدن المزدوجة

بي دي ان |

26 نوفمبر 2024 الساعة 07:50ص

الكاتب
بالأمس القريب بعد انفجار الازمة الروسية الأوكرانية في 24 شباط / فبراير 2022، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف بحق الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين في 17 اذار / مارس، أي بعد نحو 20 يوما من اندلاع الحرب، الذي أيدته إدارة بايدن، ورحب الرئيس الأميركي كل ما قامت به المحكمة في سعيها لفرض عقوبات ومحاكمة الرئيس الروسي بوتين، وأشاد ساكن البيت الأبيض بإجراءات المحكمة، واعتبرها حامية العدالة والقانون الدولي، وعلى النقيض من ذلك، رفض الرجل الكسيح وادارته قرار المحكمة الجنائية الدولية بإصدار مذكرتي اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو ووزير حربه السابق، يوآف غالانت يوم الخميس 21 تشرين ثاني / نوفمبر الحالي، قبل 5 أيام، وكرر بايدن القول، أن "المحكمة الجنائية الدولية شيء لا نعترف به." في انقلاب فاضح لموقفه السابق، وبمعايير مزدوجة تكشف انفصال الإدارة الأميركية عن الواقع.
ومنذ صدور القرار ضد نتنياهو وغالانت قاد البيت الأبيض حملة شعواء ضد قضاة محكمة الجنائية الدولية، وأعلن الناطق باسمه "ترفض الولايات المتحدة بشكل أساسي قرار المحكمة بإصدار أوامر اعتقال بحق كبار المسؤولين الإسرائيليين،" وتابع "مازلنا نشعر بقلق عميق إزاء اندفاع المدعي العام طلب أوامر الاعتقال." ليس هذا فحسب، بل ان إدارة بايدن لا تعتد بما تؤكده تقارير منظمات دولية وحقوقية، وعلى رأسها الأمم المتحدة، أن إسرائيل لم تترك أي ملاذ آمن لأكثر من 1،8 مليون فلسطيني نزحوا من مختلف مناطق قطاع غزة خلال الأشهر ال14 من الإبادة الجماعية على الشعب الفلسطيني. واعتبر البطة العرجاء قرار الجنائية الدولية ضد نتنياهو وغالانت بالأمر الشائن. في انقلاب فاجر ومعيب بحق المحكمة والشعب الفلسطيني والقانون الدولي والقانون الإنساني الدولي. وأغمض بايدن وادارته اعينهم عن ويلات وابادة وفاجعة الشعب الفلسطيني، الذي سقط منه حتى الان في اليوم 416 للحرب الجهنمية ما يزيد عن 160 الفا من الشهداء والجرحى، وكذب الحقائق التي تبثها على مدار الساعة الفضائيات العالمية بما فيها الفضائيات والوكالات الإعلامية الأميركية والإسرائيلية والأوروبية الغربية، وصموا آذانهم عن سماع صوت الشعوب والنخب العالمية بما فيهم طلاب الجامعات الأميركية نفسها واتباع الديانة اليهودية الاميركيين ومظاهراتهم وشعاراتهم الرافضة للإبادة الجماعية على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
مع ان الولايات المتحدة الأميركية، هي من لعب دورا أساسيا في تأسيس هيئة الأمم المتحدة في عام 1945 بعد الحرب العالمية الثانية لخدمة أهدافها الاستعمارية بشكليها القديم والجديد. بيد ان الإدارات الأميركية المتعاقبة عندما كانت المنظمات والهيئات الأممية وعلى رأسها مجلس الامن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة تصوت لصالح قرار أممي يتناقض مع مصالحها الحيوية، كانت تناصبها العداء، وتشن حملة تحريض واسعة عليها، والعكس صحيح. وفي السنوات الأخيرة وخاصة في زمن إدارة بايدن الراحلة قريبا عن سدة الحكم استباحت القوانين والقرارات الدولية والمعاهدات والهيئات الأممية بشكل غير مسبوق بهدف تبديد مكانتها الأممية، وحرف بوصلتها، وخاصة مع قيادتها دفة الإبادة الجماعية على الشعب الفلسطيني عموما وفي قطاع غزة خصوصا لدعم دولة الاستعمار الإسرائيلية فوق النازية.
وفي الوقت نفسه، يخطط السيناتوران الجمهوريان ليندسي غراهام وتوم كوتون للضغط على السيناتور تشاك شومر زعيم الأغلبية الديمقراطية، لإجراء تصويت على مشروع قانون أميركي أقره قبل شهور الكونغرس لفرض عقوبات على قضاة المحكمة الجنائية الدولية. وأعلن الجمهوريون إنهم سيواصلون الضغط لفرض عقوبات على الجماعات والدول التي تساعد وتحرض القوى التي تعرض أمن الولايات المتحدة للخطر مثل الجنائية الدولية.
لم يعد خافيا على أحد من العالم، ان الولايات المتحدة الأميركية تعتبر إسرائيل اللقيطة جزءً من أمنها القومي، وقاعدتها العسكرية المتقدمة في الشرق الأوسط، وذراعها الضارب في حماية مصالحها الاستراتيجية في الإقليم، لهذا جيشت حاملات طائراتها وبوارجها وغواصاتها وقواتها من النخبة والمارينز مع حلفائها من دول الغرب الرأسمالي في 8 تشرين اول / أكتوبر 2023 لقيادة حرب الأرض المحروقة على الشعب الفلسطيني لتسييد إسرائيل الخارجة على القانون الدولي على الإقليم عموما، بعد تغيير هيكلة الشرق الأوسط وفق مشيئتها وبما يخدم استراتيجيتها للهيمنة عليه، واستباقا للتحولات الجيوسياسية العالمية قبل تشكل النظام العالمي متعدد الأقطاب.
وما نشهده في لبنان والوطن العربي وغيرها من الصراعات الدائرة في الإقليم له صلة عميقة بالمخطط الصهيو أميركي لإعادة رسم خارطة الشرق الأوسط بما يخدم أهدافهم العدائية ضد مصالح الشعوب والدول في الاقليم عموما.
[email protected]
[email protected]