ملك الأردن: لن نقبل بالتهجير القسري للفلسطينيين

بي دي ان |

24 سبتمبر 2024 الساعة 05:01م

قال ملك الأردن عبد الله الثاني إنه "خلال الربع الأخير من القرن الماضي والصراعات الإقليمية تعصف بمجتمعنا الدولي وتختبره، وغالبا لم تمر لحظة على عالما دون اضطرابات إلا أنني لا أذكر وقتا أخطر مما نمر به الآن".

وأضاف: "تواجه الأمم المتحدة أزمة تضرب في صميم شرعيتها وتتعرض للهجوم بشكل فعلي ومعنوي، فمنذ قرابة العام وعلم الأمم المتحدة الأزرق يعجز عن حماية المدنيين الأبرياء في غزة من القصف العسكري الإسرائيلي، وتقف شاحنات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة بلا حراك على بعد أميال من فلسطينيين يتضورون جوعا، ويتم استهداف عمال الإغاثة الذين يحملون شعار الأمم المتحدة، ويتم تحدي قرارات الأمم المتحدة وتجاهل آرائها".

وأضاف ملك الأردن: "لا عجب أن الثقة بالمبادئ والقيم الأساسية للأمم المتحدة قد بدأت بالانهيار، فالواقع الأليم أن بعض الشعوب هي فوق القانون الدولي، وأن حقوق الإنسان انتقائية وامتياز يمنح للبعض ويحرم البعض الآخر منه حسب الأهواء، ولا يمكننا القبول بذلك لأن تقويض المؤسسة الدولية والأطر العالمية هي أكبر تهديد يواجه أمننا العالمي اليوم".

وقال إن "حجم الفظائع التي أطلقت على غزة لا يبرره أي شيء بأي حال من الأحوال، وأسفر عن أكثر معدلات القتل والمجاعة وأكثر مجموعة من الأطفال مبتوري الأطراف ومستويات غير مسبوقة من الدمار". وتابع: "لقد قتلت هذه الحكومة الإسرائيلية أطفالا وصحفيين وعمال إغاثة إنسانية أكثر من أي حرب بالتاريخ الحديث، وعلينا أن لا ننسى الهجمات على الضفة الغربية حيث قتلت الحكومة الإسرائيلية 700 فلسطيني منهم 160 طفلا، وتجاوز عدد الفلسطينيين المعتقلين 10 آلاف و700 معتقل، منهم 400 امرأة و730 طفلا، وهجر أكثر من 4 آلاف فلسطيني من أرضهم وبيوتهم، وتصاعد عنف المستوطنين وهجرت قرى بكاملها، وفي القدس الشريف تستمر الانتهاكات الصارخة للوضع التاريخي القائم في المقدسات الإسلامية والمسيحية بحماية وتشجيع من أعضاء في الحكومة الإسرائيلية وهذا كله بالضفة الغربية، وليس غزة التي استشهد فيها 42 ألف فلسطيني، فكيف يمكن أن لا نعتبر أن هذه الحرب هي استهداف متعمد للفلسطينيين، ولا يمكن تبرير هذه المعاناة للفلسطينيين".

وأضاف ملك الأردن: "ما من شيء مألوف في هذه الحرب وهذا العنف الذي بدأ في 7 أكتوبر، وفي غياب المساءلة الدولية تصبح هذه الفظائع أمرا معتادا، وهذا يهدد بمستقبل يسمح فيه بارتكاب الجرائم بأي مكان في العالم، وآن الأوان لضمان حماية شعب فلسطين، ويحتم الواجب الإنساني على المجتمع الدولي أن يتبنى آلية حماية في جميع الأراضي المحتلة".

وعن ترويج متطرفين لفكرة الأردن كوطن بديل، قال الملك عبد الله الثاني: "سأكون واضحا، هذا لن يحدث أبدا ولن نقبل بالتهجير القسري للفلسطينيين، وهذه جريمة حرب"، مضيفا أن "التصعيد ليس في مصلحة أي دولة في المنطقة، وهذا يتجلى بالتطورات الأخيرة في لبنان وفي الأيام الأخيرة، وعلى هذا التصعيد أن يتوقف".

وأردف: "لسنوات والعالم العربي يمد يد السلام لإسرائيل عبر مبادرة السلام العربية ولكن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة اختارت التصعيد ورفضت السلام نتيجة لغياب الرادع لها وازدياد الإفلات من العقاب شيئا فشيئا، لقد تحمل الفلسطينيون 75 عاما من الدمار والاحتلال، وفي هذا العام سمح للحكومة الإسرائيلية أن تتجاوز الخطوط الحمر واتهمت هذه الحكومة الإسرائيلية بارتكاب الإبادة الجماعية وتتردد أصوات المطالبة بفرض العقوبات على إسرائيل".

وقال "إن وحشية الحرب على غزة أجبرت العام للنظر على كثب ورؤية حقيقة إسرائيل، فلا يمكن لإسرائيل المتطورة أن تتعايش مع إسرائيل التي يعرفها الفلسطينيون، فلا بد أن تختار إسرائيل بين الديمقراطية والعدالة للجميع أو أن تتعرض لمزيد من العزلة والرفض، فكل تصعيد يتبعه هدوء مؤقت وسرعان ما يبدأ تصعيد أكثر فتكا، ولسنوات اختار المجتمع الدولي القبول بالوضع القائم والقبول باستمرار الاحتلال مقدما الدعم لحل الدولتين من خلال تصريحات لا تسمن ولا تغني من جوع، ولكن اليوم أصبح واضحا أن الوضع القائم لا يمكن أن يستمر وفقا لقرار غير ملزم".

وتابع: "إننا بحاجة لسلام عادل يرتكز على القانون الدولي والحقوق العادلة والاعتراف المتبادل، وعلينا كدول وشعوب أن نتوحد من أجل العمل على تحقيقه، وأن العالم يرقبنا وسيحكم التاريخ على مدى شجاعتنا ولن يحاسبنا المستقبل فقط، بل ستحاسبنا شعوب هذا الزمان أيضا، وسيحكمون علينا كأمم متحدة إن اخترنا الاستسلام للتقاعس أو قررنا أن نحافظ على المبادئ التي يستند إليها عالمنا، ويتساءلون هل سنبقى متفرجين على الموت في غزة وإزهاق الأرواح البريئة لأن العالم لم يقدم لهم العون، وعلى هذه الحرب أن تنتهي وكل يوم إضافي في الانتظار هو يوم لا يمكن للضحايا تحمله".

ودعا الملك عبد الله الثاني دول العالم إلى الانضمام للأردن في فرض بوابة دولية لإيصال المساعدات لغزة "لمن هم في أمس الحاجة إليها، لأن المساعدات الإنسانية ليست أداة حرب، ومهما اختلفنا سياسيا فهناك حقيقة لا يمكن إنكارها وهي أنه لا ينبغي لأي شعب أن يتحمل هذه المعاناة وحيدا ومتروكا، وبعد مضي عام على الحرب أثبت عالمنا فشله سياسيا، لذلك لا يجب أن نخذل الشعب الفلسطيني إنسانيا".