إلى أي مدى ستتدحرج كرة النار ؟!

بي دي ان |

24 سبتمبر 2024 الساعة 05:01م

المشرف العام
في حين تشن مئات الطائرات الحربية الإسرائيلية آلاف الغارات على أهداف في جنوب لبنان، وفي ظل مئات الشهداء وآلاف الجرحى، وتهجير المواطنين قسرا من الجنوب اللبناني، ترسل إسرائيل رسالة لواشنطن أن الحرب الشاملة ليست هدفها! في حين أن مسؤول أمريكي عن السي إن إن يصرح "نحن أقرب ما نكون إلى دوامة حرب إقليمية منذ هجوم السابع من أكتوبر". 

إذن ماذا يفعل نتنياهو وماذا يريد؟! 
لقد اعتاد نتنياهو وضع أهداف وبنود يقرها هو، يتم من خلالها شرعنة أي حرب يقوم بها، ففي حربه على غزة القائمة، ادعى رئيس الوزراء الفاشي، بأن هدف حربه على غزة هو القضاء على حركة حماس وقدراتها العسكرية، في حين ما قام به من جرائم حرب ومجازر وحرب إبادة جماعية فاقت كل التصورات، وفاقت كل الحروب في العصر الحديث، لنكتشف أن القضاء على حماس هو ذريعة واهية وسردية واهية حاول تقديمها للعالم ليكون مبررا لجرائمه، في حين اختفت أهدافه الحقيقية وراء هذا الادعاء، فالمطلوب ( إنهاك المجتمع الفلسطيني وتآكله) وزعزعة الاستقرار وزعزعة المنظومة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والأخلاقية للمجتمع، وسرقة خيراته من غاز وغيره، ومن ثم احتلال عسكري لغزة بشكل مباشر أو غير مباشر من خلال أدوات، إلا إذا جاء ما يبطل سحر هذا الساحر، وعلى مايبدو هذا ما يحدث في لبنان الآن، هو لا يريد القضاء على حزب الله لا بضربة واحدة ولا بحرب عسكرية تقليدية، لقد اختار حربا سيبرانية، الأخطر والأكثر إثارة وجرما في ذاك الوقت، وعلى مايبدو أنه نفذ ما صرح به في إحدى لقاءاته المتلفزة حين قال "نحن بكبسة زر نركع الأمم" وقد ضغط على الزر فعلا، لكن لا يمكن تركيع الشعوب العصية على الانكسار 

لقد تلكك رئيس وزراء المستعمرة الإسرائيلية، وذاع أن ردعه للبنان جاء لضمان عودة المستوطنين إلى منازلهم في الشمال، في حين نحن نرى على غرار ما حدث ويحدث في غزة، مئات الشهداء وآلاف الجرحى تهجير، هدم منشآت (تآكل بطيء للمجتمع) دمار البنية التحتية، انعدام مقومات الحياة، ويعيش المواطنون حالة الفزع والتخبط ماذا يحدث ؟!

كرة النار تتدحرج برغبة جامحة لرجل كل مسيرته عبارة عن حروب وضحايا دون أي اعتبارات إنسانية أو قانونية، ويبدو ستتدحرج الكرة لإنهاك قدرات حزب الله من جانب، وإنهاك قوى المجتمع المدني ومؤسساته،(وكعادة لغة الاستقواء والاستخفاف.. سنعيدهم إلى العصر الحجري) ومن ثم فرض منطقة نفوذ يسيطر عليها الإسرائيليون، كيفما يتم تسميتها،(منطقة عازلة، ترسيم حدود)، بكل الأحوال هي مرحلة مفصلية ومنعطف تاريخي اختلقه نتنياهو لفرض الهيمنة الاستعمارية ليس على لبنان ومن قبلها غزة، بل ليتمم زحفه باتجاه دول عربية أخرى لتشييد شرق أوسط جديد.

ويأتي هذا الزحف الاستعماري القديم الجديد في ظل ظروف وعوامل مواتية للغاية، فمن جانب : دعم أمريكي كامل وضوء أخضر، لما في ذلك لحماية المصالح الأمريكية بالمنطقة، مما استدعى إرسال حاملات طائرات أمريكية للمنطقة للدفاع عن الخطوة الإسرائيلية بكل ما أوتيت أميركا من قوة وهيمنة عسكرية. 

التطبيع العربي المجاني والذي بات يمثل المنطقة الرخوة في معظم الدول المطبعة، مما يحيد هذه الدول تماما.
 
الشعوب العربية التي لم يعد لها علاقة بقضاياها العربية ولها انشغالاتها وهمومها المتلاحقة، والأهم هو حالة القمع والردع التي يواجهها الشباب العربي في حال تعبيره عن تضامنه خاصة تجاه القضية الفلسطينية، وكذلك الدعم الغربي اللامحدود لإسرائيل، وكأننا أمام عملية (تنويم مغناطيسي). 

لعل الخطير بالأمر هو حالة الاختراق الأمني الذي كشف عورة الأجهزة الأمنية والاستخباراتية لوكلاء إيران بالمنطقة (حماس وحزب الله نموذج) وهؤلاء العملاء لن يتوقف عملهم لتحقيق مكاسب عسكرية لإسرائيل، وإنما يتخطى ذلك لتحقيق زعزعة الاستقرار ونشر الفوضى وضرب السلم الأهلي، ومن ثم (خلق الدولة الفاشلة) ليسهل التحكم والسيطرة عليها. 

بالتالي المشهد اليوم هو استمرار استنزاف ليس الحزب فحسب، واستنزاف الدولة اللبنانية أيضاً، ليكون نتنياهو قد أنهى عمله في غزة مع امكانية احتلال غزة- الهدف الذي مازال قائما- وتعزيزه من خلال إخلاء شمال غزة وجعله منطقة عسكرية مغلقة، أيضا بحجة تطهير الشمال من حماس، وها هو يستمر في حربه بالشمال، ووارد جدا أن يتمدد لدول أخرى، بعد توفر رغبته الشديدة في إغراق المنطقة العربية لينقذ نفسه من جانب ويحقق مصالح وحلم إسرائيل في "إسرائيل الكبرى" حيث التقاء مصلحته ومصلحة المستعمرة ، مع العوامل الخارجية المتوفرة له، وعلى مايبدو '"سترينا الأيام القادمة مالا ترغب الشعوب العربية أن تراه، ومالا تستطيع الحكومات العربيه كبح جماحه".