أهالي قطاع غزة .. نزوح مستمر بأحذية مهترئة

بي دي ان |

03 أغسطس 2024 الساعة 12:55ص

صورة من الحدث

مع امتداد أمد الحرب، لم تنتهِ فصول النزوح المؤلمة بعد، وسط ظروف بالغة القسوة، لكن هذا النزوح المستمر يتعب الغزيون جراء اهتراء أحذيتهم أثناء المشي على الأقدام لمسافات طويلة.

"فقدت حذائي في أحد شوارع مدينة خانيونس أثناء نزوحي منها، وأنا الآن لا أمتلك حذاء وأمشي حافية القدمين". تقول الطفلة روز تمراز، وعلى وجهها ملامح الحسرة، مؤكدةً أنها لم تستطيعَ شراء آخر لعدم توافر الأحذية بالأسواق. 

فيما لم تجد السيدة "أم محمد الحفناوي" مفرًا من اللجوء لإعادة خياطة أحذية أطفالها، وهو ما تكرر أكثر من مرة جراء حركة النزوح المستمرة، لافتةً إلى أنها لم تفكر خياطة الأحذية القديمة يوماً ما حتى أنها لن تعرف طريق الإسكافي لكن الوضع اليوم أصبح مختلف  في ظل واقع الحرب المرير.

وبين زقاق أسواق مخيم النصيرات، يبحث الحاج أيمن العمصي، "65 عاما"وعلى وجهه آثار جهد وتعب، عن حذاء يناسب قدميه جراء اهتراء حذائه.

وإلى خيمة صغيرة تفتقر لأدنى مقومات الحياة ، عاد الأب يوسف الدمياطي، بخفي حُنين، بعد أن جاب سوق مدينة دير البلح وسط قطاع غزة طولًا وعرضًا بحثًا عن "حذاء" لزوجته التي تورمت قدامها بسبب وقوفها المستمر حافية القدمين على الرمال الحارة وهي تَعد الطعام له ولأطفالهم. 

ومنذ اندلاع الحرب على قطاع غزة  "السابع من أكتوبر الماضي"، و "إسرائيل" تغلق المعابر وتحكمها بتدفق البضائع، اضافةً للكثير من الاحتياجات الضرورية  كالأحذية، والملابس كذلك المنظفات.

ويعقب الدمياطي : "المتوفر بالمحلات المحلية تم بيعه في أشهر الحرب الأولى بأسعار خيالية، أما الآن فهي مفقودة تمامًا مؤكداً أن كل من يملك حذاءً يحافظ عليه وكأنه يملك شئ ثمين، لأنه يعرف أن لا بديل له".

أما ابراهيم الجرجاوي يقول:"
5 دقائق فقط، كانت المهلة الزمنية التي أعطاها الاحتلال الإسرائيلي لأهالي أحد حي الصبرة شرق قطاع غزة للنزوح، تمهيدًا لقصفه، خرجنا من البيوت دون الاهتمام بأن نفكر بانتعال حذاء مناسب يحملنا لمكان آمن"

ويتابع الجرجاوي:" لا نفكر بالكيلومترات التي سنقطعها مشيًا على الأقدام ونحن نحمل متاعنا وأطفالنا مع همومنا وقلوبنا الثقيلة، لا نفكر إلا بالنجاة، لكن بعد المشي طويلا قد يطغى ألم القدمين على ألم النزوح."

ويجدر بالإشارة أنه لا يستطيع من يتقطع حذاءه خلال الهروب أن يتوقف ليصلحه خوفًا من استهدافه، إذ أن القصف والرصاص يكون عشوائياً لا يفرق بين أحد.

"لا أذكر كم مرةً أخطتُه" تقول عبير موسي مشيرةً إلى حذائها المهترئ الذي تكاد قدماها تخرجان منه، فمنذ عشرة أشهر وهي ترتديه منتقلة به من مكان لآخر. 

أما فادي الظاظا ،35 عاماً، من شمال قطاع غزة يروي:"حين نزحت من منزلي وبمنتصف الطريق أدركت أني لم أنتعل حذاءً فعدت مرة أخرى كسرعة البرق لبست حذاءً مخصص للحمام مصنوع من جلد خفيف وكانت زوجتي قد انتعلت شبشب المنزل وخرجت مسرعة، فلا وقت لدينا للبحث عن البدائل"

‎وأثناء نزوح عدي راضي من حي الدرج يوضح أنه تعرض لموقف صعب وفق وصفه، إذ قُطع “شبشب” زوجته فاضطر للوقوف قليلًا لإصلاحه، لكن المهمة فشلت، لتكمل الطريق بقدم واحدة ترتدي حذاء والأخرى دونه، مما تسبب لها بجروح في قدمها  كوآلام شديدة، حتى وصلوا مأوى وعندما احتاجوا شراء آخر لم يجدوا فيتشارك الان هو وهي نفس الحذاء"

وتساءل محمد الغفري وهو أب لستة أبناء ونزح من مدينة غزة إلى جنوب القطاع "كيف يمكنني أن اجلب أحذيةً لأطفالي وثمن الواحد يزيد على 30 دولار". 

وأوضح أنه لا يملك سوى تخييط أحذية أبنائه مرة تلو الأخرى، مضيفًا: "لم نألف مثل هذه الحياة، ولم نتخيل أن يصل بنا الحال في يوم من الأيام إلى هذا المستوى من المعاناة والمأساة".

وخلال أي جولة على البسطات المنتشرة في أسواق قطاع غزة، تجد أحذيةً معروضةً بالية وقديمة، وباليوم العادي لا يقبل الغزي بها بل يقوم بالاستغناء عن ارتدائها وأخرى غير متطابقة بالمطلق، ويطلب بائعوها أسعارًا خيالية باهظة، ويجد المواطن نفسه مجبرًا على اختيار الأقل سوءًا من بينها، بدلًا من أن يسير حافي القدمين ،ويلجأ آخرون لإصلاحها عند الإسكافي.

وقد يلجأ الإسكافي أيضاً إلى انتزاع الجلد من الشنط النسائية البالية ويستخدم قطعًا بلاستيكية لصناعة النعل، منتجًا "شباشب" تناسب كافة الأعمار، ويقوم بعرضها للبيع، فالحاجة أم الاختراع في قطاع غزة!