"رؤى" الثانية بالثانوية الأزهرية بالقاهرة: سأحقق حُلم والدي الشهيد وأدرس الطب

بي دي ان |

01 أغسطس 2024 الساعة 02:15م

الطالبة رؤى أبو داير

رغم ما يعانيه طلاب غزة المتواجدين في الخارج بفعل حرب الإبادة المتواصلة منذ السابع من أكتوبر، إلا أنهم تحدوا هذا الواقع، وأصروا على النجاح والتميز، لأنهم يدركون جيداً أن رأس مال الفلسطيني الذي يحمله في حله وترحله هو العلم والتعليم، كل ذلك دفعهم إلى تسجيل تفوق واضح في مختلف المجالات العلمية والتعليمة.

"رؤى رائد أبو داير" من قطاع غزة تمكنت من الحصول على المركز الثاني في القسم العلمي ضمن أوائل غزة بالثانوية الأزهرية بمجموع 619 وبمعدل 95.23%، رغم الظروف القاسية التي عاشتها شأنها شأن جميع سكان القطاع بفعل الحرب الإسرائيلية وما نتج عنها من قتل ودمار ونزوح وجوع ومرض.

عاشت رؤى وأسرتها أحوالاً معيشية صعبة، بعدما قرروا البقاء في منزلهم شمال غزة، ومع اشتداد الأحزمة النارية العشوائية اضطروا لمغادرة المنزل، والمكوث في منزل لأحد الأقارب، لكن القذائف الإسرائيلية لم تمهلهم كثيراً حتى استهدفت المنزل الذي يمكثون فيه ما أدى إلى إصابة والدها إصابة حرجة وبقي ينزف لفترة طويلة حتى استشهد".

"أوقات عصيبة مرت على رؤى وهي ترى أمامها والدها ينزف وهو ملقى على الأرض، دون أن يتمكنوا من استدعاء سيارة الإسعاف لإنقاذه ونقله إلى أحد المستشفيات القريبة مع قطع الاحتلال للكهرباء والإنترنت وشبكة الاتصالات، حتى فارق الحياة".

قررت رؤى وعائلتها المكونة من ست أشخاص مغادرة الشمال والتوجه إلى الجنوب بحثاً عن الأمان، في مشهد لم تتخيل أنه تعيشه في أحلامها، حيث اضطروا للعبور عبر "الممر الأمن"، والمرور من بين جنود الاحتلال ودباباته، وزخات الرصاص المُتعمد فوق رؤوسهم وبين أقدامهم، والجثث المتحللة ملقاة على الأرض، ومع ذلك يجب عليهم الاستمرار في السير وعدم التوقف، وبرعاية الله وحفظه تمكنوا من اجتياز هذه المنطقة والوصول إلى المحافظات الجنوبية".

ليبدأ فصل جديد من المعاناة في ظل النزوح، والخوف وعدم توفر المأكل والمشرب والغاز، والاضطرار للطبخ على النار، والبحث عن المياه، والغسيل على الأيدي، والمشي على الأقدام لمسافات طويلة لعدم توفر وسائل النقل في ظل منع الاحتلال ادخال الغاز والوقود، إضافة إلى غياب والدها ومن ثم عمها الذي استشهد بعد شهر من استشهاد والدها، كل ذلك دفع رؤى وعائلتها للتفكير للخروج من غزة.

تقول بمشاعر متناقضة:" وصلنا إلى مصر بتاريخ 20 فبراير، وكنت سعيدة بأن نجونا من الموت ولكن في نفس الوقت كنت حزينة على أخواتي وعائلتي وأهلي في غزة الذين يذوقون كل صنوف المعاناة والعذاب، وحينها بدأت أدرك أنني أعيش جسداً بلا روح".

لم تستسلم رؤى لمشاعر اليأس وقررت تحقيق حُلم والدها الذي كان محباً للعلم، ويشجعها وأخوانها على ذلك، فشقيقتها الأولى تدرس الطب، والثانية تدرس تخصص التغذية، وحينها توجهت فوراً إلى الأزهر الشريف بالقاهرة، للتسجيل في الفرع العلمي، والحصول على الكتب، رغم شعورها بالتيه، وعدم استعدادها النفسي لأي شيء بعد كل المعاناة التي عاشتها خلال أشهر تواجدها بغزة.

اجتهدت رؤى وثابرت، واعتمدت بشكل كبير على نفسها في المذاكرة، ووضعت خطة الدراسة، رغم مرور وقت طويل على بدء العام الدراسي، واستغلت الفرصة التي منحها الله إياها لاستكمال مسيرتها التعليمية، خاصة بعدما أصدر أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف قراراً بتوفير سكن بكافة المتطلبات المعيشية والترفيهية لجميع طلبة غزة المسجلين بالأزهر، إضافة لتوفير الصفوف التعليمية والمعلمين والمعلمات الذين بذلوا جهداً كبير في شرح المنهاج خلال فترة بسيطة.

وتُضيف بفرحة منقوصة: "لم يكن الأمر سهلاً فبالإضافة للمواد العلمية كان هناك مواد شرعية فعدد المواد كان كبيراً، ولكني دخلت في تحدي مع نفسي بأنني سأجتاز هذه المرحلة، وأحقق حلمي، وأتقدم لامتحانات الثانوية".

وجاء اليوم المنتظر وإعلان النتائج حتى تفاجأت باتصال شيخ الأزهر ليبشرني بحصولي على المركز الثاني ومعدل مرتفع رغم كل المعوقات، لكن فرحتي لم تكن مكتملة لأن شعبي مازال يعيش الموت في كل لحظة، إضافة لعدم وجود والدي وقدوتي وداعمي الأول، لكن ما يهون عليّ أنني أسير في الطريق الذي تمناه لي".

يذكر أن وكيل الأزهر الشريف بمصر الدكتور محمد الضوينى، أعلن خلال مؤتمر صحفي، نتائج الثانوية الأزهرية، وأوائل الطلبة بمشيخة الأزهر الشريف.

وتطمح رؤى إلى دراسة الطب في أحد الجامعات المصرية، لتحقق حُلم والدها، ولخدمة أبناء شعبها الفلسطيني، والمساهمة في إعادة بناء مجتمعها.