توزيعٌ للموتِ دون أدنى شفقة..

"سدي تيمان" : صندوق أسود بجرائمه بحق الأسرى الغزيين داخله

بي دي ان |

30 يوليو 2024 الساعة 07:12م

أسرى غزيون

شهاداتٌ مروّعة، وظروف اعتقال مهينة، وغير بشرية، تعذيبٌ وتنكيل إسرائيلي، وجرائم مستمرة وغير مسبوقة، وصرخات مدوية، وتوزيعٌ للموت دون أدنى شفقة، للأسرى المعتقلين داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي. 

لكن الأشد إجراماً تلك العذابات التي يعيشها أسرى قطاع غزة داخل "سدي تيمان" المعتقل الذي يُعّد صندوقاً أسوداً بجرائمه في ظل حرب الإبادة الجماعية على القطاع". 

 ففي داخل"سدي تيمان" جميع الأسرى، معصوبين العيون، مقيدين بسلاسل تنهش لحم أياديهم، مشبوحين عُراة، معلقين نحو الأعلى، محرومين من الطعام والشراب، ودخول الحمام، ومجبرين على لبس الحفاضات.

وفي حديث خاص لـ "پي دي ان "، يروي ‫الطفل خ،ج (14 عام) سكان جباليا البلد شمال قطاع غزة، أنه قضى‬ أربع وعشرون يومًا داخل "سدي تيمان"، مشيراً  أن أبشعها كان يوم‫ أن أدخلوه غرفة كانت عبارة عن حصمة وأغاني عبرية مزعجة كثيراً على مدار 4 أيام وهو لا يعلم عن حاله ووضعه شيئاً ثم جاء له جنود ضربوه ببطنه كثيراً وبرجليه، وبعدها قام ضابط بإشعال سيجارة ثم أمسك قدميه وأطفأها فيها مرتين". 

‫ووفقاً لرواية أسير محرر آخر ، "طالب بعدم ذكر اسمه" إن ، "الكلام ممنوعاً منعاً باتاً داخل المعتقل، فالذي يتكلم مع الآخر، يُشبح على ماسورة حديدية، ويرفع على أطراف أصابعه، لـ 5 أو 6 ساعات متواصلة، دون الموافقة على دخول الحمام من قِبل جنود الاحتلال إن تطلب الأمر."‬

أما فادي بكر، وهو أسير محرر، فقد أجبروه جنود الاحتلال على النوم فوق جثة متحللة، بعد أن وصل المعتقل مصابًا أصلًا، لافتاً إلى أن معالجة يديه وقدماه كانت بالكَيْ وبالتعذيب.

وتذكر المواطنة "هـ، د" 24 عام، متزوجة وأم لطفلين، ماتعرضت له داخل المعتقل من عذاب وتنكيل :"أنه يوم اعتقالي قام جنود الاحتلال بتعصيب عيناي بشكل قوي وقيدوا يداي بشدة تمهيدا لأخذ عينة مني من النخاع الشوكي لأنهم شكوا بأن أطفالي ليسوا لي وأنهم من أسرى الاحتلال خاصة وأنهم شقر وأعينهم ملونة"

وتضيف :" علمت بعد الافراج عني أنهم قاموا بأخذ عينات من النخاع الشوكي لأطفالي أيضاً وتم احتجازهم لدى الجيش في غزة لمدة 5 أيام بعد اعتقالي أنا ووالدهم ومن ثم وقع بعدها تسليمهم لأم زوجي، بعدها قاموا بحقننا بحقن لا أعرف ماهيتها، حيث كنا داخل مكان أشبه بغرفة العمليات وبارد جدا وكان هناك علب أدوية وأبر وطاولة كبيرة وكنت أستطيع سماع صوت طقطقة الابر وأستطيع رؤية سحب المواد وخلطها من تحت العصبة كما كان هناك محاليل وكانيولات."

وتكمل :"ثم أخذوني للخارج وأجلسوني على مكان به حصى ورمال واعطوني بطانية مبلولة بالماء في ظل البرد الشديد"

ومن جانبه، يؤكد محامي هيئة شؤون الأسرى والمحررين التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية خالد محاجنة، أن الاحتلال الإسرائيلي ينتهج سياسة الاغتصاب بحق الأسرى للانتقام منهم، من خلال وسائل جدًا صعبة ولا يمكن للعقل أن يتخيلها أو يتوقعها.

ويصف محاجنة، سدي تيمان، حين زاره ذات مرة، بأنه “معسكر أو ثكنة عسكرية وليس سجنًا عاديًا، إذ كانت العديد من الدبابات والمدرعات والمعدات العسكرية منتشرة في كل مكان، وكان هناك جنود ينتشرون بين كثبان الرمال”، مضيفًا أنه يمتد على مساحات واسعة، ومقسم إلى 4 أقسام لاحتجاز واعتقال الأسرى الغزيين، وفي كل قسم هناك 4 بركسات من صفيح وزينك، هي أشبه بالحظيرة، وفي كل واحدة يتم احتجاز 100 أسير في ظروف غير إنسانية وبلا مقومات للحياة”.

ويكشف المعتقل الصحفي محمد عرب، تفاصيل مروعة من داخل معتقل سدي تيمان، لمحاجنة، قائلاً:"فمن أصعب المشاهد التي مرت عليّ، أن جنودالاحتلال قاموا بإجبار شاب من قطاع غزة " 27 عامًا " بالنوم على بطنه وجعل الكلاب البوليسية تهجم عليه، ومن ثم اغتصابه بواسطة مدفأة الحرائق، مضيفاً أن أسيراً آخر، "25 عاماً"، استشهد بعد ساعات من تعذيبه جراء الإهمال الطبي وعدم الاستجابة لكل التوسلات بتقديم الرعاية له. 

ونقلاً عن عرب، إن "الكلاب البوليسية تهاجم المعتقلين وتنهش أجسادهم وهم مكبلو الأيدي وراء رؤوسهم، إلى جانب تعرضهم لعمليات شبح يرافقها الاعتداء".

وذكر عرب للمحامي محاجنة، "أن أسير ،تم تعريته بشكل كامل، وضرب مؤخرته وأعضائه التناسلية بصعقات كهربائية، من قِبل جنود الاحتلال"

ونقلاً عن شهادات أسرى آخرين أنه يسمح لكل أسير بالاستحمام دقيقة واحدة فقط في الأسبوع، ويتم تجويع المعتقلين وعدم تقديم الطعام الكافي، بجانب عدم توفير الأفرشة والأغطية، ومنعهم من الصلاة وأداء شعائرهم الدينية.

‎ومن بين صور الانتهاكات أيضاً يتم احتجاز المعتقلين داخل أقفاص حديدية دون أي أسرة وبلا مقومات الحياة الأساسية، وتكبيل أطرافهم على مدار الساعة، ما تسبب في بتر أطراف بعضهم، كذلك تعصيب أعينهم لفترات طويلة، فيما كشفت بعض المعلومات عن إجراء العمليات الجراحية للمعتقلين دون تخدير بقرار من وزارة الصحة الإسرائيلية للأطقم الطبية داخل المعتقل، وتقديم العلاج لهم وهم مكبلون ومعصوبو الأعين.

وأمام تلك التقارير الموثقة بالشهادات الحية، وما تلاها من مذكرة قدمتها 5 جمعيات حقوقية إسرائيلية للمحكمة العليا طالبتها فيها بإغلاق معتقل سديه تيمان والكشف عن مصير مئات الأسرى الغزيين الذين اختفوا قسرًا، سمح جيش الاحتلال بنشر بيانات خاصة قال فيها إن هناك قرابة 700 معتقل في هذا السجن، وأن هناك 36 معتقلًا قُتل بداخله، معظمهم من قطاع غزة.

وفي وقت سابق وبحسب التقارير الواردة تم تحويل 9 جنود إسرائيليين (من بينهم قائد “القوة 100″، التي تتولى حراسة الأسرى في المعتقل، وهو برتبة رائد للمحاكمة بسبب الاعتداء جنسيًا على أحد أسرى غزة، للمحكمة العسكرية في بيت ليد.

وسادت حالة من الفوضى داخل قاعدة "بيت ليد"، عقب اقتحام عشرات المتظاهرين اليمينيين المحكمة العسكرية داخل القاعدة، احتجاجا على اعتقال الجنود المعتدين، ما دفع الجيش إلى نقل 3 كتائب إلى القاعدة لحمايتها، بعدما كانت مقررة أن تدخل قطاع غزة.

‎وتحاول الحكومة الإسرائيلية تغييب تلك الأدلة ومحاولة فتح أي تحقيقات بشأن الانتهاكات المرتكبة بحق الأسرى، كما تعهدت بغلق تدريجي للمعتقل

بالمقابل شككت جهات فلسطينية رسمية وشعبية في التحقيق الذي أشعل الداخل الإسرائيلي، ووُصف بـ "المسرحية الهزلية" لتلميع صورة تل أبيب أمام المجتمع الدولي وإيهامه بأنها تحاسب جنودها في حال ارتكابهم انتهاكات.

ووطالبت الجهات الفلسطينية، بلجنة تحقيق دولية للتحقيق في هذه الجرائم الفظيعة والوحشية بحق الأسرى. 

ويعد سدي تيمان، قاعدة عسكرية إسرائيلية تقع على بعد خمسة كم شمال غربي بئر السبع، أنشأه الجيش الإسرائيلي مباشرة بعد بداية عدوانه على غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، عقب عملية طوفان الأقصى، ونقل إليه العديد ممن اعتقلهم في غزة، بينهم أطفال وشباب وكبار في السن