رسائل السيطرة على المعبر

بي دي ان |

08 مايو 2024 الساعة 12:17ص

الكاتب
مع الإعلان عن اقتراب جاهزية الرصيف المائي الأميركي على شاطئ مدينة غزة، واستعداده لاستقبال سفن المساعدات الإنسانية للسكان في قطاع غزة، وضمنا الشروع بتنفيذ تهجير السكان الفلسطينيين لدول أوروبا وكندا وأميركا اللاتينية ، وعمليا تكريس الميناء كقاعدة عسكرية أميركية لتحقيق الأهداف الأميركية الإسرائيلية في السيطرة على حقول الغاز والنفط الفلسطينية، وتهيئة الظروف لليوم التالي بعد وقف حرب الإبادة الجماعية على الشعب الفلسطيني، وفي خطوات دراماتيكية متتالية قيام اذرع حماس والجهاد العسكرية قصف معسكر الجيش الإسرائيلي في كرم أبو سالم، حيث يتواجد المعبر الرئيس لدخول المساعدات الإنسانية للجماهير الفلسطينية، واغلاق القوات الإسرائيلية المعبر مباشرة، وهو ما يضع 100 علامة سؤال على عملية القصف انفة الذكر، ثم إعلان قيادة حركة حماس قبولها صيغة الاتفاق المطروح على الطاولة من جانب واحد مساء اول أمس الاثنين 6 مايو استجابة للضغوط الأميركية والعربية وبما يخدم أهدافها الفئوية الخاصة، والذي رفضه كابينيت الحرب الإسرائيلي بعد ساعتين او أكثر قليلا، ليس هذا فحسب، انما قامت قوات الجيش والمرتزقة بالسيطرة فجر أمس الثلاثاء 7 مايو الحالي على معبر رفح البري من الجانب الفلسطيني بعد عقدين من اتفاق سبتمبر 2005 الرباعي الفلسطيني الإسرائيلي والاوروبي والمصري، وإنزال العلم الفلسطيني ورفع العلم الإسرائيلي بدلا عنه، وهو ما يعني أولا الايذان ببدء اقتحام محافظة رفح بموافقة وغطاء اميركي؛ ثانيا اختراق الاتفاقية الدولية المتعلقة بالمعبر؛ ثالثا استباحة اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية 1979 وخاصة المنطقة D منها، التي تنص صراحة على عدم التواجد الإسرائيلي العسكري في محور فيلادفيا (محور صلاح الدين)، وأيضا استكمال تصفية بقايا اتفاقية اوسلو الفلسطينية الإسرائيلية المتعلقة بالمعبر والمنطقة A الخاضعة للسيطرة الفلسطينية الإدارية والجيو سياسية.
هكذا تكون المعادلة العسكرية الأمنية والسياسية الإسرائيلية الأميركية اتضحت معالمها باستهداف الشعب الفلسطيني. لا سيما وأن ممثلي الإدارة الأميركية في الوقت الذي كانوا فيه يضغطوا للموافقة على صيغة اتفاقية التبادل للرهائن والهدن المؤقتة، والتي لم تتضمن نصا صريحا وواضحا لوقف فوري ودائم لحرب الإبادة الجماعية، وإطلاق يد حكومة نتنياهو النازية لتحقيق أهدافها التي لم تتحقق، واستخدم نصا ملتبسا وغامضا مفاده "استدامة الوقف للهدن"، وهو ما يذكرنا ببنود القرار الدولي 242 حمال الأوجه بالصيغتين العربية والإنكليزية، في ذات الوقت اعلن الناطقون الرسميون لإدارة بايدن، ان حكومة الحرب الإسرائيلية تنوي اقتحام محافظة رفح لمدة 90 يوما، والتي دعت النازحين الفلسطينيين بالعودة للمواصي في خانيونس ومعسكرات النزوح في المحافظة الوسطى من قطاع غزة، مما يعني ان واشنطن ما اعطته باليمين انتزعته باليسار.
وعطفا على ما تقدم تكون رسائل السيطرة على معبر رفح الفلسطيني من اتضاح صورة المشهد جلية، أولا أن ما وافقت عليه حركة حماس ليس أكثر من حبر على ورق، وبدون رصيد في أي من النقاط التي تضمنتها الاتفاقية المذكورة انفا، سوى ما يتعلق بحماية قياداتها. لأنهم مطلوبين لتكريس وديمومة الانقسام. ثانيا مواصلة حكومة نتنياهو المضي قدما في اقتحام محافظة رفح بكل تفاصيلها، وتتابع مضاعفة عمليات القتل والتجويع للسكان الفلسطينيين، والبدء بتهجير السكان الفلسطينيين من الرصيف المائي الاميركي؛ ثالثا الغاء أهمية المعبر المصري واستبداله بالرصيف المائي الأميركي؛ رابعا منح ضمانات لبقاء وحماية قيادات حركة حماس في القطاع، ومنحهم تعويضات مالية، وهذا جزء من الاتفاقية السرية غير المعلن عنها؛ خامسا تهيئة الواقع في القطاع لتنفيذ خطة نتنياهو، التي توقفت امامها في زاوية قبل يومين بالضبط؛ سادسا شطب خيار الوحدة الجيوسياسية لأراضي الدولة الفلسطينية كليا، من خلال إقامة أدارة محلية في القطاع، وتصفية المشروع الوطني الفلسطيني، والتمهيد لتبديد السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية.
وهكذا تكون الخطة الإسرائيلية الأميركية تكشفت فصولها، إن تم لها النجاح. واي كانت النتائج، فإن التطورات العاصفة والدراماتيكية في القطاع لليوم 215 من حرب الإبادة تستدعي من قيادة منظمة التحرير التوقف أمام ما يجري بسرعة ودعوة المجلس المركزي للانعقاد واشتقاق برنامج سياسي وكفاحي ومالي واداري يستجيب لتحديات المرحلة القادمة، وأيضا الشروع بتطبيق قرارات المجلسين الوطني والمركزي السابقة منذ 2015، وإعادة الاعتبار للمشروع الوطني كما يليق به، وقلب الطاولة لحماية المصالح الوطنية العليا.
[email protected]
[email protected]