لا تعتادوا المخيمات !

بي دي ان |

24 ابريل 2024 الساعة 12:02ص

الكاتبة
بن غوريون أثناء تقديمه مقترحاً لإنشاء دولة إسرائيلية يهدف فيه طرد الفلسطينيين من أراضيهم، قال :"إن طرد الفلسطينيين سوف يعطينا شيئاً لم نملكه يوماً.. فنحن نًمنح الفرصة التي لم نجرؤ أن نراها حتى في أحلامنا.. لذا يجب علينا طرد العرب واتخاذ أماكنهم". من هُنا  بدأت رحلة الفلسطينيين في التشرد في أرجاء المعمورة، بدايةً في عام  النكبة 1948، والتي تلتها نكسة 1967، حيث استخدم الاحتلال الإسرائيلي كل وسائل الترهيب من قتل، وتدمير، وتطهير عرقي لإجبار الفلسطينيين  على الرحيل من ديارهم بلا عودة، وذلك أمام مرأى العالم الذي لم يحرك ساكناً، حيث أقيمت مخيمات للاجئين في دول عربية عدة، منها سوريا ولبنان والاردن حتى حاضرنا هذا، فالذين اعتادوا المخيمات لم يرحلوا منها أبدا، فقد مر سبع عقود على النكبة ومازال الفلسطينيون ينامون في المخيمات وفي أيديهم مفتاح العودة ! 

 اكتوبر الأكثر دموية!

ما حدث في السابع من أكتوبر للعام 2023 بحق الفلسطينيين في قطاع غزة أصاب العالم صدمةٌ من هوّل وكم الفظائع والمجازر والوحشية التي ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي ضد أهالي القطاع من قصف بالطائرات، والدبابات والمدفعيات وكلها بتوقيت واحد دون توقف، وبلا رحمة ودون سابق انذار، حيث استهدفت المدنيين من أطفال ونساء، كما استهدفت كلاُ من المستشفيات والمدارس والجامعات والمساجد ، كما جعلت من الأطباء والمتعلمين وذوو الخبرة والكفاءات في كافة المجالات بنكاُ لأهدافها، حيث لم تدع رأساُ فوق جسد، ولا حجراُ فوق حجر، ولا شجرة في مكانها، ولم تبقى قبراً على حاله، وكأنها تثأر من كل الوجود الفلسطيني، وكل ذلك بدافع ترهيب الفلسطينيين ودفعهم للهجرة بلا تفكير، من خلال جعل الخيم المأوى الاخر والأخير لهم، فقطاع غزة أصبح أرضاُ قاحلة يحتاج عمر جيلاً لكي يحبو دون أن يمشي واثقاً!

رقماً يُرهب من يراه!

كل من يحمل محمولاُ في قطاع غزة استيقظ ليلاً على جرس الهاتف الذي يظهر عليه رقماُ مجهولاً،  يفتح الخط ليسمع الاسطوانة المشؤومة، وهي: "على سكان أهالي المنطقة ".."،التوجه إلى جنوب القطاع من أجل سلامتكم.."، يحتار أهل تلك المنطقة بين البقاء والرحيل وأحلاهما مُر، ففي الحالتين تفقد حياتك، فمرة أثناء اختيارك البقاء على الرحيل من خلال الصواريخ  التي تجعلك وأهلك أشلاء يصعب العثور عليكم، و الخيار الاخر الرحيل تاركاً كل ما تملك خلفك دون أن يكون لك حق الخيار، ترحل انت وعائلتك وخلفك ذكريات جمة والألم يعتصر قلبك وكل ذلك لا يعني أنك قد لا تكون في دائرة الاستهداف حيث تكون ضمن الخيار الأول من خلال استهدافك أثناء تنفيذك أمرهم وأنت في طريقك للرحيل !

أين الوجهة الأخرى؟ 

أثناء الاجتياح  البري لقطاع غزة اضطر اهالي القطاع على النزوح الى جنوب القطاع، دون أن يملكوا أدنى مقومات الحياة، فقد اجبروا أن يتخذوا من الأرصفة والشوارع  مكاناُ لنصب خيمهم، حيث لم يُبقى لهم جيش الاحتلال خياراً آخر، فقط اتخذوا من الرمال فراشاً لهم، ومن السماء طاقة يقوون على الحياة اذا اشتد وطيسها، ومن الخيمة ستارا يمنع عنهم أعين المارة دون أن يخترقوا اسرارهم ! 

من في الخيمة؟

في مقابلة مع احدى السيدات التي تعيش وأهلها في الخيمة تقول :"انا واخوتي وزوجات اخي وابناؤهم البالغ عددهم سبعة ،نقطن في خيمة لا تتجاوز الأربعة أمتار، بلا فراش وبلا غذاء ، والأمراض تنهش بأطفالنا رويدا رويدا، وكلما أمطرت يلتهم المطر كل ما لدينا وما فينا، فيصبح المطر كابوساً كلما سقط علينا ترك اثارا وخيمة على كل من يقطن فيها"، أنها واحدة ضمن الاف يعيشون في الخيام بلا حياة!

من المسؤول والى متى؟

 الجيش الاسرائيلي يتلقى دعماً كبيراً من رئيس الوزراء الاسرائيلي والولايات المتحدة ، وبعض الدول الاوروبية سواء بالأسلحة أو التصريحات الصادرة عنهم أوعن اليمين المتطرف بتشجيعهم على القتل بأعدادٍ كبيرة، كما جاء على لسان وزير التراث الإسرائيلي بأنه: "ينبغي علينا القاء قنبلة نووية للتخلص من غزة"، والعديد من التصريحات الصادرة عن وزراء اسرائيليين الذين يشجعون على قتل أهالي قطاع غزة جملةٌ وبلا تردد،  وهناك خيارين  لا ثالث لهما.. اما قتل الفلسطينيين جميعاً، أو تهجيرهم وهم يحملون الخيام على أكتافهم لُيُمضوا ما تبقى من عمرهم لاجئين في المخيمات وبلا مأوى أو وطنا يجمعهم، ويبقى السؤال الذي يراود الجميع متى سينتهي مسلسل القتل والتشريد وحمل الخيام للفلسطينيين؟!

لا تعتادوا الخيّم..!

 لا تعتادوا الخيم كأجدادكم من قبل، فكل الذين اعتادوا الخيام استفحل الصدأ مفاتيح ديارهم، لذا من المؤسف الحديث عن حق العودة لأهالي القطاع بعدما شُرّدوا من ديارهم من شمال القطاع الى جنوبه، ويبدو أن رحلة النزوح حالة مستمرة للفلسطينيين، حيث يقطن أكثر من مليون فلسطيني في الخيم ومراكز الاونروا لإيواء اللاجئين الفلسطينيين، فهناك تخوفاً كبيراً لدى أهالي القطاع في بقاء الحال على حاله في ظل سماعهم تصريحات  غامضة من هُنا وهُناك حول بناء مخيمات للنازحين في جنوب القطاع تأوي النازحين، فهل سنشهد عملية لجوء جديدة غير النكبة والنكسة!