ماذا تريد حماس من غزة؟!

بي دي ان |

02 ابريل 2024 الساعة 07:03م

المشرف العام
لم يكن شهر حزيران عام 2007، شهرا عاديا، بل كان واضحا أن الانقلاب الذي أحدثته حركة حماس سيكون له تداعياته الكارثية على الشعب الفلسطيني وقضيته، وهذا ما لامسه المواطنون في غزة حيث الحكم المستبد "الحديد والنار" الذي طالما تباهت به حماس في حكمها (الإجباري) على غزة. 

أكثر من ثمانية عشر عاما، عانى خلالها المواطنون في قطاع غزة أسوأ مرحلة في تاريخه، حيث حكما أمنيا بامتياز، يصاحبه قمع حريات وإغلاق مؤسسات وفرض ضرائب باهظة على كل شيء، ضرب المنظومة القيمية وتفسخ النسيج الاجتماعي، مع عدة حروب مدمرة راح فيها عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى وهدم البيوت والبنى التحتية، فقر، بطالة، انقطاع الكهرباء والماء.

 تداعيات كثيرة عانى منها المواطنون   مع ارتفاع أصوات كثيرة تنادي بمغادرة حماس الحكم لكن دون جدوى، بل إن الذين طالبوها بتوفير حياة كريمة تم اعتقالهم وتعذيبهم، ما أدى إلى انتحار المئات وهجرة عشرات الآلاف هربا من حكمها، وصولا للسابع من أكتوبر والتي اعتبرتها حماس يوما من التاريخ، وأن الحرب حققت نتائج كبيرة وانجازات عظيمة وفق قول "رئيس مكتبها السياسي في طهران" حيث القبلة المحببة لديهم. 

منذ بدء الحرب على غزة وتصريحات قيادات حماس القادمة إلينا من خلف البحار ومن تحت أسقف الفنادق في الخارج، تستفز مشاعر المواطنين المقهورين والمغلوب على أمرهم، فكان يجب على أصحاب الطوفان تجهيز سفينة النجاة، وتجهيز المواطنين لهذا الحدث وتوفير احتياجاتهم من كل شيء. اضافة إلى وجوب التشاور مع الكل الفلسطيني لدراسة عواقب هذا الفعل، لكن حماس التي اختارت الوجه الخارجية والقرار الخارجي والولاء الخارجي، لا يمكن لها بأي حال من الأحوال التشاور فلسطينيا بأي أمر مهما صغر، فما بالكم بمثل هذا الحدث. 

مشكلة حماس التي كانت ولازالت أنها ولت نفسها على الشعب وأعطت نفسها صلاحيات كبيرة دون تفويض وتصر أن يكون قرار السلم والحرب بيدها، رغم فشلها في الحالتين وهذا ماثبت خلال فترة حكمها على غزة، وقد اعترف القيادي لديهم خالد مشعل أكثر من مرة بذلك "أنهم فشلوا في حكم غزة". 

وفي العودة لصلب الموضوع حرب الابادة على غزة، الذي لم تحاول خلاله حماس في هذا الحدث المهول وهذه الحرب الشرسة، أن تجسر الهوة بينها وبين الشعب، فاستمرت في جلد الناس وإطلاق النار على من يتقدم لأخذ المساعدات وسط مجاعة لا توصف، وضرب المواطنين بالعصي داخل مدارس الإيواء، وهدم الخيم على المواطنين رغم صعوبة ايجاد الخيم وغلاء سعرها، والأخطر من ذلك غلاء الأسعار بشكل جنوني والذي تحكمت هي في مفاصله طوال شهور حرب الإبادة، دون أي اعتبار لحالة المواطنين المزرية. 

وما حدث بالأمس من (قتل) اثنين من رجال المخابرات الفلسطينية كانا يعملان على تسهيل دخول شاحنات المساعدات إلى شمال غزة التي وصل بها المجاعة أوجه وموت العديد من المواطنين بسبب انعدام الغذاء، هو تكملة لمسلسل تفرد حماس في القطاع ورفضها رفضا قاطعا  دخول أي طرف لغزة، حتى لو كان قادماً لتقديم خدمات الإغاثة الإنسانية لشعبه المنكوب.

 لا أريد الخوض في حيثيات قتل رجال المخابرات لعدم الجزم بسبب الوفاة، وسأحتفظ برأيي الشخصي، لكن بيان الجبهة الداخلية في غزة (مصطلح جديد يضاف للجهات الأمنية) والتي تقول أنها تعاملت مع عناصر تتبع المخابرات في رام الله وتم اعتقال 10 منهم وإفشال مخططهم، وأنه سيتم الضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه أن يلعب في مربع لايخدم سوى الاحتلال". 

يبدو واضحا أن حماس ترسل رسائل مفادها أنه بالإمكان التضحية بالمواطنين في سبيل الحفاظ على حكمها لغزة، وللأسف لا تسمح لأحد من ارسال المساعدات لغزة والشمال ولها نقاط تفتيش معينة هناك، وهي أيضا لا تعمل على ارسال المساعدات هناك بالإضافة إلى ترك تجار الحروب في غزة والشمال من استغلال المواطنين الذين قرروا البقاء هناك. 

حماس استطاعت الإمساك برجال المخابرات "على حد قولها" في أول مهمة لهم" في حين انها عجزت عن الإمساك بتجار الحرب الذين تسببوا بغلاء الأسعار وتسببوا بمجاعة لدى المواطنين، ولم تستطع الضرب بيد من حديد على الصرافين اللصوص الذين نهبوا أموال الناس وابتزوهم والذين سرقوا المساعدات الغذائية وتم بيعها بأسعار خيالية أمام كل الجهات الرسمية والأمنية. 

واضح أن حماس وقيادتها بالخارج والداخل بعيدون كل البعد عن الواقع، وغير معنيين بالمواطنين ومايحدث لهم من كوارث، وأنّ الأولوية الأولى والأخيرة لهم، العودة إلى حكم غزة حتى على بقايا الدماء والأشلاء وكومات الردم، على أمل أن تقوم قطر بهذا الدور مع ضربهم بعرض الحائط مرة أخرى لرغبة المواطنين، ومع ذلك قادم الأيام وحين تضع الحرب أوزارها، ستدرك حماس حجم السخط والغضب الشعبي عليها وستدرك حجم الوهم الذي تعيشه.