تناقضات الكابينيت وانعكاساتها

بي دي ان |

20 مارس 2024 الساعة 04:08ص

الكاتب
بين المصالح العامة للدولة الإسرائيلية والحسابات الشخصية والحزبية هوة تتسع بشكل متدحرج يوميا، وارتفعت حدة التناقضات بين مكونات الكابينيت ذاته، وبين الموالاة والمعارضة الإسرائيلية، وبين حكومة حرب الإبادة والشارع الإسرائيلي، وبين النخب الحاكمة ومستقبل الدولة والمشروع الصهيوني، وبين الادارتين الإسرائيلية والأميركية ومن خلف الأخيرة دول الغرب الأوروبي الرأسمالي، وبين الدولة العبرية ويهود العالم والرأي العام العالمي ككل.
منذ اليوم الأول لتشكل مجلس الحرب الإسرائيلي بعد السابع من أكتوبر 2023 لم يكن التوافق موجودا بين مكوناته بسبب وجود تناقضات بين اركان حكومة نتنياهو السادسة وتكتل المركز برئاسة غانتس، لكن اعتبارين دفعا الأخير للانضمام للحكومة، الأول المصلحة العليا للدولة والمشروع الصهيوني. لا سيما وان مستقبل دولة المشروع أهتز بشكل غير مسبوق الثاني رغبة واشنطن في وجود أنصارها داخل دائرة الحكم الإسرائيلي للوقوف على توجهات حكومة نتنياهو، خاصة وان الإدارة الأميركية، هي التي تدير دفة الحرب. وبالتالي لم يكن الانسجام والتكامل بين الطرفين موجودا.
كما ان اركان الحكومة السادسة لم يكونوا متوافقين على رؤية واحدة، ليس اتجاه ما خلفه السابع من أكتوبر 2023، وانما سابق عليه، أي منذ تأسيس الحكومة، وتحديدا بين غالانت وزير الحرب وهليفي أركان الجيش من جهة ونتنياهو واقرانه سموتيرش وبن غفير من جهة أخرى حول تركيبة الحكومة والمهام المتداخلة بين وزرائها وخاصة بين وزير الحرب والوزير في الوزارة المسؤول عن الإدارة المدنية، وبالتلازم معها بشأن اليات العمل ضد الشعب والقيادة الفلسطينية عموما، وفي العلاقة مع حركة حماس في قطاع غزة، وانعكس ذلك قبل الحرب بإقالة غالانت، ثم تم التراجع عنها.
أضف لذلك ما حصل يوم السبت الماضي 16 مارس الحالي عندما عقد وزير الحرب اجتماعا للوفد المفاوض بحضور رئيس الموساد ومشاركة غانتس وايزنكوت دون اخذ موافقة نتنياهو، لاعتقادهم انه يحاول التسويف والمماطلة في ملف التفاوض بهدف تعطيل المفاوضات، وحتى عندما سمح في جلسة الحكومة يوم الاحد الماضي بسفر الوفد للدوحة، وضع خطوطا حمراء أكثر تشددا على ديفيد برينع، لرغبته بادامة حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني، لان مصلحته الخاصة تتمثل في ذلك، وارتباطا بتماهيه مع حلفائه سموتيرش وبن غفير، وخياره الأيديولوجي الرافض لأي عملية سلام.
وتفاقمت التناقضات مع اشتعال نيران حرب الإبادة الجماعية ضد الشعب العربي الفلسطيني مع سعي بيبي تحميل الجيش الإسرائيلي المسؤولية عما حصل في السابع من أكتوبر الماضي، لتبرئة نفسه، وللمحافظة على بقائه على رأس الحكومة، وتمثل ذلك بالاختلاف حول مبادرة رئيس الأركان هليفي بتشكيل لجنة تحقيق عسكرية حول الملف ذاته، حيث اعتبرها كل من الثلاثي رئيس الحكومة ووزير الامن "الوطني" ووزير المالية منحازة، لان قوامها من حلفائه. وتلا ذلك مؤخرا يوم الاحد الماضي 17 مارس الحالي نية رئيس الأركان ترفيع 52 ضابطا بينهما 2 في مواقع حساسة، مما أثار ردود فعل داخل الحكومة وخاصة سموتيرش، الذي وجه "انتقادات شديدة اللهجة إلى رئيس الأركان، وأبدى معارضته لإجراء تعيينات جديدة في الجيش، مؤكدا أنه سيطالب المجلس الوزاري للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت)، وقف التعيينات".
وقال سموتريتش إن "على رئيس الأركان عدم الانشغال بتعيينات غير ملحة بالجيش، فالقيادة الحالية للجيش التي تتحمل مسؤولية الفشل والإخفاق في 7 أكتوبر، لذا لا يجب أن تتولى تحديد شكل الجيش للمستقبل، نريد تعيين قيادة عسكرية تقود عملية إصلاح الجيش بعد انتهاء الحرب".
واتسعت رقعة التناقضات مع دعوة الإدارة الأميركية لغانتس لزيارة واشنطن دون التنسيق مع نتنياهو، وحتى انه جرى إبلاغه شفويا بالزيارة من قبل عضو كابينيت الحرب عشية زيارته. وقبل يومين أخذ رئيس الحكومة قرارا بابعاد رئيس تكتل المركز عن التدخل في ملف المفاوضات بشأن تبادل اسرى الحرب، في محاولة منه لدفعه للخروج من الحكومة. مع ان خطوته تتناقض مع الاتفاق المبرم بينهما. لكن على ما يبدو ان غانتس ليس بوارد مغادرة الحكومة حتى الان، ورغبة منه في التوافق مع واشنطن في خطوته الدراماتيكية، بحيث يكون خروجه منها إيذانا بفتح بوابة الانتخابات البرلمانية والاطاحة برئيس الحكومة وائتلافه.
اما التناقضات الأخرى بين رئيس حكومة الحرب مع الشارع الإسرائيلي ومع يهود العالم والإدارة الأميركية والرأي العام العالمي، حتى الان لم يعرها اهتماما طالما واشنطن تغطي جرائم حربه، ولم تقدم مشروع قرارها المعدل للمرة الخامسة والداعي لوقف الحرب فورا لمجلس الامن. غير ان التناقضات القائمة وهي حقيقية، وليست شكليه ستعطي ثمارها في المدى المنظور، وكافه عوامل الاختلاف والتناقض ستؤدي الى سقوط حكومة بيبي، وتدفع نحو انتخابات مبكرة بعد إتمام تبادل الاسرى، الذي أتوقع ان يفرض عليه وعلى اقرانه، وهذا ما عبر عنه رئيس تكتل مركز الدولة، عندما قال، سيتم التبادل رغم اننا سندفع ثمنا باهضا مقابل ذلك، مما سؤدي لفرط عقد الحكومة، حبث هدد كل من سموتيرش وبن غفير بالانسحاب منها. وان غد لناظره قريب.
[email protected]
[email protected]