غانتس حسم خياره

بي دي ان |

05 مارس 2024 الساعة 12:21م

الكاتب
بدأ يوم أمس الاثنين 4 مارس الحالي بيني غانتس، عضو كابينت الحرب المصغر زيارة لواشنطن بناءً على دعوة من نائبة الرئيس الأميركي، كاملا هاريس دون التنسيق مع رئيس حكومة الحرب الإسرائيلية، والتي بلغ بها شفويا من الوزير نفسه، مما اثار غضبه، واعتباره ذلك خروجا عن المألوف، وقال ردا على ذلك "لإسرائيل رئيس وزراء واحد، هو نتنياهو"، وطالب سفير بلاده عدم استقبال، او مرافقة الوزير الجنرال في أي من لقاءاته مع ممثلي الإدارة. واعتبر الخبير الأمني الإسرائيلي يوسي ميلمان يوم اول أمس الاحد 3 مارس الحالي، بان ذلك سابقة غير معهودة، وقال " لا أتذكر حالة منع فيها رئيس الوزراء سفيرا او ممثلا عنها من التعامل مع وزير كبير آخر في حكومة الحرب" وأضاف "بيبي غير مؤهل ويجب على غانتس مغادرة الحكومة." واعتبر الخبير خطوة الرجل خطوة متقدمة في مواجهة نتنياهو، قائلا "قام غانتس بتقوية فقرات في عمده الفقري." مفترضا ان عضو كابينيت الحرب حسم خياره في الانفكاك عن حكومة نتنياهو.
ومع ان التناقضات بين نتنياهو وغانتس موجودة قبل حرب الإبادة الجماعية، وبقيت مستمرة حتى الانِ، رغم مشاركته فيها بعد 7 أكتوبر 2023، ليس توافقا مع رئيس الحكومة، بقدر ما يعتقد ان وجوده فيها تم بالتوافق مع الإدارة الأميركية، وفي محاولة لضبط إيقاع سياسات وخطط بيبي وأركان حكومته السادسة الطائشة والمتهورة. وانعكس ذلك في اول تصريح لغانتس في يناير الماضي، حيث استنكر "هؤلاء الذين يفتعلون المشاكل في العلاقة بين تل ابيب وواشنطن." وحينها لم يسم نتنياهو ولا سموتيريش ولا بن غفير، الذي كشف عن افتراقه عنهم، وكونه يعرف ان رئيس حكومته "قرر ان يفعل ما يريد دفاعا عن مصالحه الشخصية. حتى لو كان ثمن ذلك العلاقة بينه وبين إدارة بايدن."  
وتأكد غانتس من ذلك حينما ذكر نتنياهو امامه شخصيا في اجتماع مهم لمجلس الحرب الوزاري "أنني وحدي القادر على ترويض إدارة بايدن، وهناك استحالة ان تنجح هذه الإدارة في ممارسة ضغوط عليّ في الحرب على حماس." ووصلت المعلومة للإدارة الأميركية، وتجلت تداعياتها في مناكفات رئيس حكومة الحرب معها، ومن خلال عدم تجاوبه مع رؤيتها لإدارة الحرب، مما أثار غضبها، وانعكس رد فعلها في رسالة عاجلة من واشنطن لعاصمة عربية خلال الساعات الماضية تضمنت "لقد نفذ صبرنا الطويل على عناد وحماقات بنيامين نتنياهو." وفهم منها أن الإدارة بدأت العمل على تقويض حكومته من داخلها بدعوة غانتس المقرب منها لزيارة واشنطن.
وشملت لقاءات الوزير غانتس ظهر أمس الاثنين اللقاء مع هاريس ومن ثم مع كبار أعضاء الكونغرس من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، وستشمل لقاءات مع جاك سوليفان، مستشار الامن القومي، ومع أعضاء اللوبي الصهيوني "ايباك"، الداعم المؤثر في العلاقة بين تل ابيب وواشنطن. كما تشير بعض المصادر، ان غانتس سيلتقي مع الرئيس بايدن ووزير خارجيته بلينكن، وهي خطوة تصعيدية من قبل الإدارة تجاه نتنياهو وحكومته، لأنهم لا يتصرفون بشكل عاقل او منطقي. بل يتعمدون بشكل مدمر تخريب أي صفقة تتقدم بها لرئيس الحكومة واركانها.
ومن الواضح ان إدارة بايدن وصلت الى نتيجة مفادها، من الصعب الرهان على نتنياهو، وان بقاءها في دائرة الانتظار يفقد الرئيس الأميركي، مرشح الحزب الديمقراطي للرئاسة في نوفمبر القادم المحافظة على كرسي الحكم في البيت الأبيض للدورة الثانية. مما دعاها لالتقاط أنفاسها للي ذراع رئيس حكومة الحرب الإسرائيلية، واستباق الوقت عبر دعوة حليفها الموثوق، الذي أظهرت استطلاعات الرأي الإسرائيلية المتعاقبة خلال أشهر الحرب الخمسة الماضية، انه الاوفر حظا في اية انتخابات قادمة في الفوز بالأغلبية في الكنيست، وفي تولي رئاسة الحكومة القادمة.
وبالمحصلة فإن زيارة غانتس لواشنطن تؤكد على الاتي: أولا انفراط عقد حكومة الحرب؛ ثانيا التعجيل بالدعوة لانتخابات مبكرة؛ ثالثا شل عمل حكومة الحرب خلال الفترة الانتقالية لحين اجراء الانتخابات. رغم انها قد تقوم بارتكاب جرائم حرب أكثر وحشية وفظاعة مما ارتكبته حتى الان؛ رابعا قد تسمح إدارة بايدن بتمرير مشروع قرار لوقف حرب الإبادة من مجلس الامن، او فرض هدن طويلة تمهيدا لوقفها. لا سيما وان المهلة الزمنية الممنوحة لنتنياهو وحكومته نفذت بالنسبة لواشنطن، ولم تعد قادرة على مواجهة الرأي العام الأميركي، ولا الرأي العام العالمي بما في ذلك حلفائها الاستراتيجيين في الغرب الأوروبي وفي العالم العربي. وقادم الأيام كقيل بإماطة اللثام عن تداعيات المستقبل المنظور.
[email protected]
[email protected]