ميلادُ "شام" بداخل مأرب غير آمن ومن وقع المآسي والنزوح في غزة

بي دي ان |

09 ديسمبر 2023 الساعة 11:44ص

صورة من الحدث
من بين وقع المآسي والأحزان والشعور بالضعف الذي يجتاح حال النازحين في غزة جراء قطع الاتصال والتواصل مع استمرار القصف الصاروخي الاسرائيلي بجميع مناطق قطاع غزة .

استقبلت الشابة ألاء شحادة مولودتها(شام) البكر ،الطفلة الحديثة الولادة، التي استقر بها المطاف في مركز الإيواء التابع لوكالة الغوث ،تلك الطفلة التي وُلدت بظروف قاسية بمساعدة نساء نازحات بذات الصف الذي تمكث فيه عائلتها بأحد مراكز الإيواء، هؤلاء النساء اللواتي تم إجلاؤهم من مدينة غزة، تحت القصف الصاروخي والاستهدافات الاسرائيلية لمنازلهم.
 
شام هي المولودة التي قبل مجيئها بدقائق أشعرت النازحين بالضعف أمام قوتها واصرارها، بل أمام القليل من الامكانيات التي توفرها الاونروا لمجيئها.
 
وعن شعور والدة شام، تؤكد آلاء شحادة "أن الفرحة بقدوم مولودتها باتت قاسية فلم تدع الحرب الاسرائيلية لها حالا للفرحة باستقبال شام ككل الأمهات وجعلتها منشغلة بتوفير وسيلة نقل لنقلها لأحد المشافي للاطمئنان على صحتها وعلى صحة مولودتها بعد ولادتها بهذه الظروف القاسية.
 
ولم تفكر الاء يوماً بالخوف من الموت كما وهو حالها اثناء ولادتها، على حد قولها، مضيفة أنها تعاني هنا بمركز الايواء حيث لم تجد ما يوفر لها احتياجات الميلاد الأساسية من ملابس لطفلتها ولها وحليب وحفاضات وغيره.
 
وتقول ألاء"لم أشعر انني قادرة على توفير ملابس بيبي لطفلتي التي كنت اترقب قدومها ولم أشعر بفرحة المولود الأول، كيف سأشعر بفرحة ونحن نعيش جحيم الأسعار وعدم التراحم"، 

 وتضيف أن هذه الظروف اجبرتها اثناء حملها بالتقليص من وجبات الأكل اليومي واختزال الوجبات وذلك لتوفير وجبات اليوم إلى غد وبعد غد ليستمر عيشها بما يحافظ على حياتها كونها حامل ولو بنصف بطن، حسب وصفها.
 
وتحدثت شحادة لـ پي دي ان، عن رحلة نزوحها من مدينة غزة التي استمرت لساعات سيراً على قدميها، تحت نيران الاحتلال الإسرائيلي، إلى أن وصلت لوادي غزة، باحثة عن وسيلة نقل لمدينة رفح هي وعائلتها، من بعد تعرّض حي النصر التي كانت تعيش فيه لقصف عنيف وتضرر منزلهم هناك.

وعن وصف الأم لرحلة نزوحها: "من جراء السير لمسافات طويلة وصوت الغارات ورائحة الفوسفور والدخان أصبت بانفلونزا وسعال وبدت عليّ أعراض الولادة المبكرةً حينها، كان لدي خوف وقلق من الولادة المبكرة التي قد تعرض جنيني للموت المحقق في خضم انقطاع الكهرباء، ونقص مياه الشرب والمواد الغذائية والأدوية.

وتؤكد: "ولادة شام كانت صعبة جداً و تجربة مرعبة مررت بها، فأنا أشعر بعجزي عن حماية طفلتي بالايام القادمة لقد اصابني اكتئاباً حاداً وأثّر علي لأنني أصبحت متوترة جداً، كما انني اشعر بالعجز الشديد في ظل انتشار الفيروسات والأمراض بمركز الإيواء لعدم توافر المياه الصحية والمقومات النظيفة.

وتتابع شحادة " إنني أخاف أن أخرج من غرفة الصف في المدرسة رغم أنها مكتظة بنحو ثلاثين شخصاً، بسبب انتشار القمامة وروائح الطبخ والقصف في الخارج"، مبينة أنه "منذ ايام قد قصف منزل بجانب المركز وانتشر الغبار والدخان، ولم تستطع أن تحمي طفلتها الرضيعه الا بوضع محارم مبللة على أنفها".

وعن ما عانته أثناء حملها، تؤكد ألاء أنها قابلت الطبيبة خلال حملها وهي في الشهر الثامن مرة واحدة فقط وذلك بسبب عدم توفر اجرة وسائل المواصلات لديها وعدم توفر الفحص الدوري، ونظراً لحالة الطوارئ التي فرضتها الحرب الاسرائيلية على القطاع 

وتكمل، إن الذهاب الدوري للطبيب أثناء الحمل شيء مهم.
 
وتدرك شحادة أنها بعد ماوضعت طفلتها ستجد صعوبة بتوفير الحليب والحفاضات والدواء والرعاية   الكاملة لطفلتها شام

وتضيف أنه حتى إمكانية الرضاعة الطبيعية غير متوفرة، لان المرأة المرضعة تحتاج إلى شرب حوالي ثلاثة لترات من المياه يوميًا وتناول كفايتها من الطعام، حتى تدر الحليب ولكن هناك نقص في توفير مياه الشرب"

وتضيف: "وبهذا اضطررت إلى اللجوء للحليب الصناعي منذ ولادة طفلتي لأنني أعاني من نقص التغذية، وحتى هذا الحليب غير متوفر باستمرار، فأجده حيناً ولا أجده في المرة الثانية فأستخدم نوعاً آخر ما يسبّب لطفلتي مغصاً"، مبينة أن "الحفاضات غير متوفرة الا بقلة أيضاً وأن الطفله أصيبت بتسلّخات جلدية شديدة وباتت صعبه لأنني حاولت ترك الحفاض عليها لأطول فترة ممكنة".
 
كما تصف تخوفها من استمرار الحرب الإسرائيلية وانها نزحت لجنوب القطاع كونها المكان الذى ادعى الاحتلال أنه آمن وان القصف الصاروخي والمدفعي والهجمات الإسرائيلية تُشن بكل مكان بالقطاع، "فلا يوجد أمان بأي مكان" على حد قولها.

وتأمل الاء أن تشعر في المدرسة التابعة لـ"أونروا" حيث نزحت، ملاذاًَ آمناً يحميها وطفلتها من قصف الاحتلال الإسرائيلي المكثّف على القطاع

وتكمل "لم نشعر بالاستقرار.. قلقون دائما بسبب الحرب والقصف المستمر على المدينة من قبل الاحتلال".
 
ألاء شحادة هي قصة واحدة عبرت باختصار عن حال آلاف النساء الحوامل النازحات في مأرب غير آمن وفي ظل عوز وفقر وقلق من حرب تدور رحاها بكل مكان في جميع مناطق القطاع، وقلق حرب جيوب خاوية وأمعاء تحتاج إلى المزيد من الغذاء وأسعار لا تفرق بين محتاج ولا غنى، كالنار تأكل ما يتساقط عليها.

ووفقاً للاحصائيات، نحو 50 ألف امرأة حامل تلد أكثر من 180 منهنّ يومياً، في قطاع غزة المحاصر تحت نيران الاحتلال الإسرائيلي التي لم تهدأ منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، يعانين من ويلات الحرب وألم المخاض، وولادة أطفال بدون توافر الحد الأدنى من مقومات الحياة.