تقرير: مركز "نظير اللوقة" لا يستوعب المزيد.. ومآسي الناجين تتفاقم وسط جهود حثيثة

بي دي ان |

28 نوفمبر 2023 الساعة 01:31م

مراكز الإيواء

في مركز الإيواء "نظير اللوقة"ومن جنوب قطاع غزة تحديداً مدينة رفح، توصف حياة النازحين بـ"الكارثية" بسبب افتقارها لأدنى مقومات الحياة الأساسية ككثير من مراكز الإيواء في قطاع غزة، وسط جهود حثيثة من قبل القائمين عليها. 

فهذه المدرسة التي فتحت أبوابها مؤخراً وتحولت لمركز إيواء يضم العشرات من العائلات النازحه من قدر صعب إلى قدر أصعب، منهم من تركوا منازلهم بعد إخطار الإجلاء والبعض الآخر دُمرت بيوتهم وممتلكاتهم العامة، فالمؤكد يُنظر لهم على أنهم "مكلومين" فالخوف والقهر يجسد وجوههم. 

وعند مدخل مركز نظير اللوقة وفي حمامات الصرف الصحي يفتقر المتواجدون لمياه الصرف الصحي وشح بالمساعدات من طعام وشراب وكساء وأغطية، وتعطل للطاقة الكهربائية، إضافة إلى أن الليل أصبح أشد برد فمياه الأمطار ابتلعت خيام البعض منهم وآخرين أغرقتهم المياه". 

ووفقا للنازح الأربعيني:"" نزحت إلى رفح من مدنية غزة، ليلاً متأملاً أن نجد مكاناً آمناً، لكن لا يوجد مكان آمن في القطاع، الجميع مستهدف من قِبل الاحتلال الإسرائيلي والجميع معرض للقصف البربري". 

و يتابع واصفاً وضع المدرسة الذي يتواجد بها" نعيش على أقل القليل، حيث لا مياه للشرب، ولا مياه دائمة للنظافة، والطعام غير كافي، وسط تكدّس شديد داخل الغرف، وفي ساحات المدرسة، أنه وإن وجد النازحون هنا طعام فسيحصلون على وجبة غداء واحدة صغيرة شحيحة لاتكفي عائلتي، وبنزول الأمطار تعرضنا للبرد القارس فنحن لا نملك ثيابا شتوية وخرجنا من بيوتنا بلا شئ تحت مدافع الاحتلال والقصف الهمجي". 

ومن جانب آخر، عند الدخول للمدرسة ترى أكوام من الناس يصطفون أمام خزان المياه ينتظر الشخص الواحد منهم ساعة وعدة ساعات وهو يحمل بعض الأوعية البلاستيكية الفارغة، يبحث عن الماء ليتمكن من غسل وجهه وغسل وجوه أطفاله ولكنه يعود إلى ملجئه خائب دون الحصول على ذلك لفراغ الخزان من الماء. 

أما أسرة الحاج سالم وصلت إلى رفح من غزة فهم سكان منطقة الصبرة، أحد مناطق القطاع التي توغلها الاحتلال براً، فهذه الأسرة تصف نزوحها ليلاً هاربة من الموت، تصف الأسرة حالها؛"كان الرعب يسيطر علينا، تعرضنا للدمار والقصف والموت المحقق، رأينا جثثاً في الشوارع وأصوات المدافع من حولنا ترعب أطفالنا والصواريخ تمر من فوق رؤوسنا وتتقاذف علينا، كل شئ من حولنا مدمر". 

لا يمكن للعقل يوما أن يتخيل أنه يمكن أن يعيش بلا أغطية وفي خيام بساحات مدرسة من المفترض أن تكون حرماً للعلم والتعليم، ولا يمكن أن يتخيل رأسه بلا مظلات واقية من المطر، ولكن قد يراود العقل هذا التخيل فجأه خلال هذه الأيام، في ظل المنخفضات الجوية وما شابه. 

الشاب أمجد، يقف ململم أطراف أسرته، ليصنع لهم خيمة في ساحة مدرسة الإيواء لعلها تقيهم من برد الشتاء. 

وفي حديث مع "بي دي ان": قال الشاب الثلاثيني: "استيقظنا على أصوات وصراخ من يقطن معنا بالمربع السكني، والخوف ينتابنا بعد سماع الجيران بأن هناك اخلاء لجميع منازل المربع، الرعب انتابنا والجميع مسرعاً هارباً بروحه وأطفاله، وما أن خرجنا بدأ الاحتلال بقصف المربع بأحزمة نارية، وقنابل فسفورية، ركضنا هاربين حائرين لا نعلم أين نذهب".

المنطقة التي ينذرها الاحتلال بالاخلاء باتت محظوظة، فمئات المنازل تقصف على رؤوس ساكينها دون انذار، فمن ينجو من القصف يجوب الشوارع وأماكن الإيواء لا يبحث عن الغذاء بل يبحث عن مكان يظنًأنه سيوفر له الأمان، علماً بأن الأمان مفقود حتى في مراكز الإيواء التابعة للأونروا ، لأنها أصبحت من ضمن أهداف الطائرات الحربية! 

السيدة الاء التي ترافق أطفالها، والقلق يشحب وجهها على عائلتها التي مازالت تقطن في غزة، المنطقة مشتعلة بنيران الأحزمة النارية، تؤكد أنها من منذ ساعات الصباح تحاول التقاط شبكة الاتصالات علّها تطمن قلبها، لكن دون جدوى.

فحال السيدة الاء كحال الكثير، وما أكثر الذين يجوبون ممرات المدرسة الضيقة والتي يظن أنها يمكن أن تكون آمنة يبحثون فيها عن شبكة قوية، لـ يتمكنوا من التقاط شبكة الاتصالات ليتواصلوا مع أبنائهم وعائلاتهم المفقودين او المشتتين.

وفي ظل وضع أقل ما يقال عنه كل ما في حياة ومحيط المدارس ليس سوى حلقات نارية قاتلة، يستحيل معها أن تجلس بأمان، فمدارس عدة باتت تتعرض للقصف ذاته والجميع فيها مستهدف من قبل الاحتلال، بل كل غزة باتت تتعرض للمصير ذاته.

يقول مدير مركز ايواء نظير اللوقة، القائم على إدارتها، الأستاذ احسان عدوان، في حديث مع "بي دي ان"، أن احتياجات أي مركز إيواء وخاصة نظير اللوقة يتفرع من عدة فئات عمرية. فهناك أطفال رضع وهناك أطفال من سنة لسنتين وهناك أطفال من سنتين حتى 15 سنة. وهناك احتياجات خاصة بالسيدات والفتيات وهناك مرضى واحتياجات لكبار السن، فجميع احتياجات هذه الفئات لا نستطيع تلبيتها جميعها من مؤسسة واحدة، فما يأتي لنا من دعم وخدمات من مؤسسات مختلفة يلبي تقريبا 30 ℅ من احتياجات سكان مركز نظير اللوقة.  

وتحدث عدوان عن معاناة النازحين المتواجدين في مركز نظير اللوقة، قائلا:" أن المعاناة كبيرة جدا تفوق الوصف والخيال، وأن ابسط الاحتياجات لا نستيطع توفيرها بسهولة، فكل الأشياء التي يستخدمها الإنسان في الأوضاع الطبيعية في وضع هذه الحرب فيجب علينا أن نتصل مرة والف مرة حتى نستيطع توفيرها بعد أيام، فثلا المياه المالحة تحتاج لجهد كبير لتوفيرها وهي من ابسط الأشياء، وكذلك مياه الشرب تحتاج ايضا لجهد أكبر لتوفيرها وللأسف لا تكفي لحاجة المواطنين النازحين في مركز نظير اللوقة بسبب العدد الكبير المتواجد داخل المركز الذي يصل حتى 2000 نازح. 

وفيما يتعلق بالدعم الذي يصل المركز، أوضح مدير مركز الإيواء، يصل الدعم حسب عدد الأفراد ويتم تحديث الكشوفات كل أسبوع ونصف تقريباً، ولكن إذا كان هناك عدد غير مسجل وغير معتمد من التنمية الاجتماعية تبقى المساعدات على العدد القديم، ولكن يتم توزيعه على كل الأعداد بما يشمل الأسماء الغير مسجلة، وهذا الأمر يقلل من حصة الأفراد المسجلين. 

وذكر عدوان، أن من أبرز المؤسسات الداعمة لمركز ايواء نظير اللوقة هي التنمية الاجتماعية وبعض المؤسسات الأهلية وهناك بعض الجهات الدولية قامت بزيارتنا لمعرفة احتياجاتنا لكن لم يصلنا حتى الآن أي شي من هذه الجهات. 

وفيما يتعلق في الإيواء الخارجي، قال عدوان لا نستقبل أسماء داخل الايواء لأنه تم اغلاق باب التسجيل من أسبوع تقريبا ولكن قد نعمل على مساعدة بعض الحالات الصعبة جدا. 

وبخصوص المعاناة التي يعانيها النازحون داخل مراكز الإيواء توصف بالصعبة جدا جدا، ولا يمكن تلبية حاجاتهم البسيطة اليومية التي كانت بلا عناء يتم صرفها في الأيام الطبيعية قبل الحرب. 

وطالب عدوان الجهات الدولية أن تنظر إلى مراكز الإيواء نظرة رحمة وبانسانية حسب القوانين الدولية التي تم وضعها لاغاثة المدنيين في أوقات الحروب لأن المدنيين لا علاقة لهم بالحروب ويجب اغاثتهم بشكل عاجل، وأن يتم زيادة عدد الشاحنات التي تدخل من المعابر حتى نستطيع تلبية احتياجات جميع  من يسكنون هذه المراكز، وإلا ستكون هناك كوارث صحية لا نحمد عقباها.