فلسطين.. في السابع من أكتوبر

بي دي ان |

08 أكتوبر 2023 الساعة 05:35م

المشرف العام
لطالما كانت إسرائيل -ومازالت - الابن المدلل لشتى الدول المنحازة لها والتي تتسم بالنفاق، وازدواجية المعايير، هكذا تعامل العالم والمجتمع الدولي مع دولة احتلال عاثت فسادًا في فلسطين، فقتلت ونكلت وهدمت البيوت فوق ساكنيها، وسلبت الأرض وهودت الأقصى، ووضعوا الحواجز وقهروا المواطنين العزل بإجراءات يومية مذلة، أمام عالم يمارس الصمت والعمى عن كل فعل بشع تقترفه إسرائيل، بالتالي لم يخطر على بال جيش المستعمرة أن يترجم الفلسطيني غضبه على صيغة فعل مزلزل، فكان السابع من أكتوبر ليتفاجأ الاحتلال والعالم أجمع بفعل استثنائي خارج عن المألوف وغير مسبوق، حيث دخول أكثر من ألف مقاوم اخترقوا كل الأسوار المشيدة، وحطموا أسطورة الجيش الذي لا يقهر، ليتم قهر هذا الجيش المتبجح. 

 اقتحام فلسطيني لمواقع عسكرية إسرائيلة بخلاف ما كانت عليه الأمور (اعتداءات إسرائيلة ضد أهداف فلسطينية)، هجوم فلسطيني جوي وبري وبحري هو الأقسى من نوعه على دولة الاحتلال مما أدى إلى سقوط مئات القتلى وآلاف الجرحى من طرف العدو الإسرائيلي، وعلى مايبدو أنها كانت بحاجة لمثل هذه الصدمة، والتي كما قال مسؤولون الشاباك السابق "إن إسرائيل لم تتلق أي تحذير من أي نوع كان". 

إسرائيل التي اعتادت ممارسة جرائمها ضد المدنيين والأبرياء العزل بشكل يومي، لم تتوان من جديد باستخدام قوتها العسكرية بشكل مفرط تجاه المواطنين في غزة تحديدًا، حيث قصفت الأبراج ومسحت شوارع كاملة في مدينة غزة وقتلت المئات "وماتزال" وقصفت البيوت فوق رؤوس أهلها. 

إسرائيل التي هجرت المواطنين من بيوتهم عام (1948) تعود من جديد، وتطالب المواطنين اخلاء منازلهم لتهدم المنازل وليس بآخرها مجزرة لبيت من عائلة شبات "بيت حانون" حيث جريمة بشعة فوق ساكنيها لتوقع سبعة عشر شهيدًا، ومجزرة الزعانين وأبو دقة.

عشرات المجازر ترتكب حتى كتابة هذه السطور من قبل المستعمرة الإسرائيلية بحق فلسطينيين مدنيين عزل، بعد قطع الماء والكهرباء والإمدادات الغذائية والطبية والإنسانية عن المواطنين، وهذا ليس بغريب على احتلال فاشي يميني متطرف اعتاد على الافراط باستخدام القوة ضد العزل الفلسطينيين، في غزة يتعرضون لعدوان شامل ووحده في مواجهة هذا العدوان الظالم الذي يفوق قدرته بآلاف المرات، ولعل قرار الحرب الذي اتخذه رئيس وزراء المستعمرة على المواطنين العزل في غزة لهو دليل على هزيمة أخرى ووصمة عار جديدة في تاريخ الكيان، فغزة ليست دولة ولا تمتلك جيش نظامي، وقرار الحرب هذا يأخذ نتنياهو ومستعمرته إلى أسفل السافلين والسقوط إلى مستنقع الإرهاب والجريمة من جديد، وهو دليل على الفشل الذريع الذي مني به الجيش الذي ادعى عبر عقود أنه "الجيش الذي لايقهر" فقد تم قهره وسقوطه بل وسحله. 

إسرائيل دولة تمارس الاٍرهاب وتضرب عرض الحائط بكل المواثيق والقوانين الدولية، وتقتل الأطفال والنساء والمدنيين، وعلى ما يبدو ستزيد من بشاعتها وجرائمها (خاصة بعد اتخاذ قرار الحرب) والذي يعتبر الأول منذ خمسين عاما، في محاولة منه لرد اعتبار جيشها العسكري من جانب، (رغم أنه قد فات الأوان لذلك)، من جانب آخر حكومة اليمين المتطرفة ستحاول اثبات قدرتها العسكرية أمام المجتمع الإسرائيلي.

بكل الأحوال لعل وجود أكثر من مئة وستون رهينة وأسير إسرائيلي بيد المقاومة الفلسطينية، سيخلق حالة تخبط في كيفية الرد، مما سيجعله يكثف ضربات المدنيين لكسب رقم كبير من الضحايا يذهب به إلى شعبه، وكذلك القيام بأكبر قدر ممكن من هدم البيوت وقتل المدنيين وهدم المنشآت والمرافق الفلسطينية. 

معركة صعبة وغير تقليدية، قد تشكل  ملامح مرحلة قادمة، فاسرائيل ستفرط باستخدام القوة، وقد تؤلب الرأي العام الدولي ضدها، خاصة كونها دولة احتلال وتمارس الأبارتايد ضد الشعب الفلسطيني. بالتالي بات مطلوب من المجتمع الدولي الضغط على دولة الكيان ليتحمل مسؤولياته والتزاماته القانونية تجاه شعب يحتله، وأن يتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته القانونية والدولية تجاه توفير جميع الامدادات الغذائية والطبية والإنسانية اللازمة لشعبنا الفلسطيني وأن يكفوا عن التعامل بازدواجية المعايير.

من المؤكد أن هذه المعركة رغم زخمها العسكري والتكتيكي وكم القتلى والجرحى في صفوف الاحتلال، كل هذا لن ينهي الاحتلال، لكن المؤكد أن بقاء الاحتلال الإسرائيلي على أرض فلسطين، هو مؤشر لاستمرارية نضال الشعب الفلسطيني ضد هذا الاحتلال البشع، وسيبقى الفلسطيني يحمل بندقيته إلى يوم تحرير فلسطين وإن بقيت القضية مئات السنين.