حرب الدفاع عن النفس

بي دي ان |

07 أكتوبر 2023 الساعة 11:10م

الكاتب
فلتان إرهابي إسرائيلي اجتاح المحافظات والمدن والمخيمات والقرى والأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية وخاصة المسجد الأقصى، الذي فرض التقسيم الزماني والمكاني فيه، كمقدمة لتدميره، وبناء الهيكل الثالث محل الهيكل المزعوم، إطلاق رصاص على أبناء الشعب في فلسطين التاريخية، واعداد القتلى في ارتفاع جنوني، وإعلان من قبل الفاشي بن غفير اول امس الجمعة، ان بلدة حوارة هي "جزء من إسرائيل"، التي حرمت اول امس من تشييع جثامين الشهداء، وغيرها من الجرائم حتى طفح الكيل، ولم يعد هناك قدرة على الاحتمال لمزيد من استباحة الدم الفلسطيني. مما استدعى قيادة الذراعين المقاومين القسام وسرايا القدس والاذرع الاخرى اتخاذ قرار التصدي لجرائم الحرب الصهيونية، وربطت الرد مع تلازمها بحلول مناسبتين هامتين: الأولى الذكرى الخمسون لحرب أكتوبر 1973؛ الثانية ذكرى انطلاقة حركة الجهاد الإسلامي ال36.
و قامت اذرع المقاومة في محافظات الجنوب بالتخطيط والاعداد لمعركة دفاعية نوعية في استراتيجيتها وتكتيكها يوم امس السبت الموافق السابع من تشرين اول / أكتوبر 2023 فجرا ضد دولة الاستعمار الاسرائيلية، حيث قامت اذرع القسام وسرايا القدس وغيرها باطلاق 5000 الاف قذيفة صاروخية على المستعمرات الإسرائيلية في الرجمة الأولى مترافقة مع عملية اقتحام للعديد من المستعمرات من البر والبحر، وتمكنت من تحقيق جملة من الإنجازات العسكرية والأمنية فاقت التقديرات عند غالبية المراقبين، منها أولا تحقيق المفاجأة والمباغتة واختيار الزمان والمكان المناسبين مع فتح شرارة معركة الدفاع عن النفس؛ ثانيا الكفاءة الأمنية العالية في تقدير الموقف العسكري السليم، من حيث اختراق غلاف غزة، وإدخال المئات والاف من المقاتلين برا وبحرا للمواقع والمعابر الإسرائيلية من اقصى الجنوب الى شمال وغرب قطاع غزة، واقتحام العديد من المستعمرات الإسرائيلية والسيطرة عليها؛ ثالثا إيقاع خسائر فادحة في صفوف العسكريين والامنيين الإسرائيليين تجاوز عدد القتلى ال(100) والجرحى ما يزيد ال(1000) وأسر ما يزيد على 135 مجرم حرب إسرائيلي حتى اعداد المقال، بمعنى ان العدد غير نهائي، لان سيارات الإسعاف لم تصل لكافة المناطق، وتم نقل القتلة الإسرائيليين الى محافظات غزة، وتدمير العديد من الاليات والسيطرة على أخرى وادخالها للقطاع؛ رابعا الصدمة والمفاجأة والمبادرة اخرست القيادات العسكرية والأمنية والسياسية الإسرائيلية لساعات طوال، مما أصاب المؤسسة العسكرية بالشلل والارباك والتعلثم، حيث لم تواجه إسرائيل وضعا مشابها الا قبل خمسين عاما في حرب أكتوبر 1973 من قبل الجيشين العربيين المصري والسوري؛ خامسا إغلاق الأجواء الإسرائيلية، وارغام مطار اللد على الغاء الرحلات الجوية كافة، سادسا إخفاق فاضح لأجهزة الامن الإسرائيلية، وفشلها في الاستعداد لمواجهة هكذا سيناريو؛ سابعا الكشف عن هشاشة وجبن جنود وضباط الجيش الإسرائيلي، الذين لاذوا بالفرار، وعدم تمكنهم من مواجهة المقاتلين الفلسطينيين؛ ثامنا إيقاع خسائر فادحة في الأرواح والمعدات والأسلحة والاقتصاد الإسرائيلي، رغم ان المعركة في يومها الأول، لان المواجهة الدائرة مختلفة ومغايرة لكل ما جابهته إسرائيل في المعارك السابقة؛ تاسعا انخفاض الروح المعنوية داخل منتسبو المؤسسة العسكرية والأمنية الإسرائيلية، وحتى في أوساط سكان المناطق المحاذية للقطاع من المستعمرين؛ عاشرا استمرار المعارك في 25 مستعمرة إسرائيلية منها اوفكيم وسديروت وبئيري وقاعدة رعيم العسكرية، والتي يبعد بعضها عن غلاف غزة 35 كيلومتر، ويحتجزون بالعديد منها رهائن حتى الساعة السادسة والنصف من مساء امس؛ عاشرا الفشل الفادح في تأمين الامن للاسرائيليين، وانكشاف ظهر حكومة نتنياهو السادسة عموما ورئيسها وزعرانه بن غفير وسموتيريش وماعوز.  
معركة السابع من أكتوبر 2023 لها ما بعدها، لانها تعتبر تحولا نوعيا في المواجهة بين المقاومة الفلسطينية والجيش الإسرائيلي، واي كانت النتائج وتداعيات المعركة، فإنها شكلت انعطافة استراتيجية تشبه الى حد بعيد معركة الكرامة مارس 1968 في سيرورة وصيرورة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. رغم الفارق بين المعركتين ان كان من حيث الطرف المبادر للحرب، او اليات سير كلاهما، ولكنها اقرب الى حرب العاشر من رمضان 1973، من حيث التنظيم والتخطيط والكفاءة وإدارة المعركة على المستويات المختلفة، وأكدت هزيمة واضحة لدولة اسبارطة الصهيونية، التي لن تنسى هذه المعركة ما بقيت على قيد الحياة.
إسرائيل وقياداتها تحاول ان تفهم ما حدث، ولماذا؟ وكيف؟ وأين الخلل في أجهزة الامن الاستخبارية؟ وهل كانت مراكز البحث الأمنية الإسرائيلية قرأت سيناريوهات المواجهة مع أذرع المقاومة الفلسطينية؟ أسئلة كثيرة تدور في خلد القيادة الإسرائيلية ومراكز ابحاثها الاستراتيجية، والتي قد تكون وصلت الى نتيجة مفادها، ان مستقبل إسرائيل في مهب الريح، ان لم تغتنم فرصة السلام وتنفيذ خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967.
[email protected]
[email protected]