فلسطين تتعاضد مع اشقائها

بي دي ان |

18 سبتمبر 2023 الساعة 11:55م

الكاتب
فلسطين وشعبها كانت ومازالت وستبقى احد عناوين العروبة، ورافعة من روافع القومية العربية، ولن تتخلى عن هويتها القومية، ولا عن جماهير الامة والشعوب والاثنيات المنغرسة في تربة الوطن العربي الكبير، الذين كانوا جزءا من نسيج شعوب الامة، وعنوانا من عناوينها، ورديفا قويا في بنيانها، ولهم ما لشعوب الامة، وعليهم ما عليها. تآزروا عبر التاريخ في الدفاع عن حياض الوطن العربي، وساهموا في حروب شعوبها الوطنية والقومية، وكانوا إضافة نوعية في إغناء الملامح الثقافة، وعززوا التسامح والتكامل والتعاضد فيما بينهم، وساهموا مساهمة قوية ضمن قدراتهم وامكانياتهم في بناء الدول الوطنية.
ولا اضيف جديدا عندما أؤكد، ان قضية فلسطين ستبقى قضية العرب المركزية، رغم تراجع وانكفاء العديد من اهل النظام الرسمي العربي، وساهم الاشقاء العرب على مدار التاريخ بمختلف انتماءاتهم ودياناتهم وطوائفهم ومذاهبهم وخلفياتهم الفكرية والعقائدية في الدفاع عن فلسطين وقضيتها وحقوق واهداف شعبها، وإن كان بعض اهل النظام العربي تواطؤا على الشعب والقضية الفلسطينية. الا ان الجماهير العربية من مختلف الأقطار لم تتخلَ عن فلسطين، ولم يستسلموا لارادة انظمتهم المتساوقة مع الغرب الرأسمالي، ولا المتورطة في اتفاقيات التطبيع المجانية، وكان مونديال الدوحة نهاية 2022 خير دليل وبرهان على عظمة تضامن وتكافل شعوب الامة مع الشعب العربي الفلسطيني، وحاصروا إسرائيل وكل من دافع عنها، وفي كل المناسبات التي تستشعر فيها الشعوب العربية التضامن ودعم كفاح الشعب الفلسطيني، لم يبخلوا، او يترددوا في احتضان ودعم قضيتهم، قضية العرب المركزية، في الحرب والسلام، وخاصة دول الطوق العربية وتحديدا مصر الشقيقة الكبرى، التي تحملت عبئا مركزيا، وفي الرياضة، وفي الملمات وجرائم الحرب الإسرائيلية، وفي المحافل الدولية والإقليمية والإسلامية وعدم الانحياز والقمم الافريقية والاسيوية واللاتينية الأميركية والأنشطة والفعاليات داخل أوروبا الغربية والشرقية وفي الولايات المتحدة، وحيثما استدعت الضرورة كانت شعوب الامة والشعوب المتوطنة فيها في مقدمة المتضامنين والداعمين بلا شروط لفلسطين وشعبها.
كما ان فلسطين تاريخيا لم تبخل يوما على اشقائها، وكان شعبها المنكوب بنكبة إسرائيل اللقيطة، ومشروعها الاجلائي الاحلالي، وهو يئن تحت جراح ومصائب الاستعمار الصهيو امبريالي يدافع ويتضامن مع اشقائه العرب ومع شعوب الأرض قاطبة. لكن الأولوية كانت لبني جلدته. ولم يتخلَ، ولم تثنيه المصائب، وتآمر بعض العرب الرسميين عن الوقوف صفا واحدا الى جانب الاشقاء. لان قياداته عبر التاريخ ادركت ان الحاضنة الاستراتيجية لفلسطين، هي أولا شعوب الامة العربية، فرسان القومية العربية بمختلف تياراتهم ومشاربهم الفكرية والدينية، بما في ذلك اتباع الاثنيات المتوطنة والمتجذرة في الوطن العربي الكبير، من الاشقاء الكورد والامازيغ والتركمان واليزيديين والاشوريين، ودون تمييز في الدين والطائفة والمذهب والمعتقد.
واليوم الثلاثاء الموافق 19 أيلول / سبتمبر الحالي تقف فلسطين بقياداتها الوطنية ممثلة بمفوضية العلاقات العربية والصين التابعة لحركة فتح، والاطر القومية: المؤتمر القومي العربي، والمؤتمر الشعبي العربي، ومجموعة السلام العربية وجمعيتا الصداقة الفلسطينية الليبية والمغربية الى جانب اشقائهم في ليبيا والمغرب ليتقبلوا العزاء بضحايا الزلزال والاعصار، الذين تعرضوا لمصاب جلل نتاج زلزال مراكش الذي حصل مساء السبت الموافق 9 أيلول / سبتمبر الحالي، واودى بحياة قرابة (3000) الاف مواطن، واصابة ما يزيد عن (6000) مواطن، بالإضافة لتدمير العديد من القرى والبنى التحتية، واعصار "دانيال" التدميري الذي حصل مساء الاحد 10 أيلول / سبتمبر الحالي، وضرب شرق ليبيا في مقتل، ونجم عنه سقوط عشرات الالاف من الضحايا والمصابين، مدينة درنة لوحدها فقدت من أبنائها ما يزيد عن (11000) مواطن، وكذلك منطقة الجبل الأخضر كلها بما فيها مدينة البيضاء والمرج وسوسة، وحتى مركز المنطقة الشرقية بنغازي تعرضت لاضرار كبيرة وجسيمة، وحسب الأمم المتحدة والمختصين الاقتصاديين تحتاج ليبيا الى (7) مليارات دولار أميركي لاعادة اعمار ما هدمه ودمره الاعصار والفيضانات المرعبة، وشرد عشرات الاف، ودمر البنى التحتية من طرق وجسور وسدود وكهرباء ومياه ومراكز عمرانية.
وكانت فلسطين أرسلت فريقا من الدفاع المدني لليبيا الشقيقة للمساعدة في انقاذ ما يمكن إنقاذه من ضحايا الاعصار. لا سيما وان المغرب الشقيقة حصرت قبول المساعدات بعدد محدود من الدول. وبرأي اهم درس للاشقاء الليبيين، الذي يفترض ان يستخلصوه من مصيبة وهول الاعصار، هو العودة لطريق الوحدة الوطنية، وترميم الجسور بين القوى المختلفة، ونبذ الحرب والإرهاب والعنف، وإعادة الاعتبار لليبيا العربية الواحدة الموحدة بجيش واحد، ونظام سياسي واحد، وحكومة واحدة وقانون واحد ونظام تربوي واحد، والتخلص من كل ما يعيق وحدتهم.
وكنت أتمنى على الاشقاء في المغرب ان يلتقطوا لعنة زلزال مراكش ليفتحوا الأبواب امام عودة العلاقات الأخوية مع النظام الجزائري، وينزعوا فتيل التوتر والتنابذ، ويرصوا صفوف المغرب العربي الكبير. في كل الأحوال فلسطين قيادة وشعبا وحكومة ونخبا وفصائل، كما وقفت تاريخيا مع اشقائها، وتجدد اليوم وقفتها التساندية والتعاضدية مع اشقائها في المغرب وليبيا. لان مصابهم مصاب الشعب الفلسطيني، وجرحهم جرح كل فلسطيني، والمهم الم فلسطين، ونجاحهم نجاح لفلسطين. وستبقى فلسطين ابد الدهر عنوانا للتضامن مع كل الاشقاء العرب دون استثناء، ودون تمييز، ودون حسابات صغيرة، ورديفا قويا للعرب والاثنيات المتوطنة في الوطن العربي الكبير.
[email protected]
[email protected]