لندافع برؤية برنامجية

بي دي ان |

24 أغسطس 2023 الساعة 12:19ص

الكاتب
حرب الارادات بين صاحب الأرض والحقوق والتاريخ والموروث الحضاري، وبين المستعمر الصهيوني بكل ادواته ومعاول هدمه ومن يقف خلفه من الغرب الرأسمالي وعلى رأسه الولايات المتحدة لم ولن تتوقف حتى تنتصر إرادة الشعب العربي الفلسطيني مهما كلف الامر من تضحيات دفاعا عن الحق التاريخي، والحق السياسي القانوني، والحق بالحياة والعيش الكريم في إطار وحدود الدولة الفلسطينية المستقلة وذات السيادة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من حزيران /يونيو 1967، وضمان عودة اللاجئين الفلسطينيين على أساس القرار الدولي 194، وحق المساواة الكاملة لابناء الشعب في الجليل والمثلث والنقب والمدن المختلطة.  
وبعيدا عن عمليات الاستشراف لمستقبل دولة المشروع الصهيوني، إن كانت ستعيش او تندثر، فالضرورة الوطنية تتطلب دائما وابدا من قيادة منظمة التحرير وقادة الفصائل الفلسطينية والنخب السياسية والمراكز البحثية الوطنية والقومية وضع الخطط التكتيكية والاستراتيجية بين مرحلة وأخرى لمواجهة جرائم الحرب الإسرائيلية وعنوانها الأبرز والأكثر سفورا الاستيطان الاستعماري، الذي تعمل على تحقيقه وتوسيعه وتعميقه الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة بالتكامل مع مجلس الاستيطان (يشع) ومع الجمعيات والمنظمات الصهيونية الاستيطانية المختلفة وعصابات الموت والجريمة المنظمة الصهيونية، ومغادرة موقع الانتظار والمراوحة وردود الفعل الارتجالية والانفعالية، التي سرعان ما تهمد بعد صدور بيان من هذا الطرف او ذاك المسؤول لتهدئة الخواطر، في الوقت الذي تسابق الأدوات الإسرائيلية الاستعمارية الزمن للهيمنة والسيطرة على الأرض الفلسطينية كلها من خلال عمليات التطهير العرقي عبر الترانسفير، ومواصلة عمليات القتل وغيرها من الانتهاكات والعمليات الإرهابية.
في خطين متوازين ظهرت للسطح يوم الثلاثاء اول امس الموافق 22 آب/ أغسطس وأمس الأربعاء ( 23 آب / أغسطس) مشروعان استعماريان الأول تبناه بتسليئل سموتريش، الوزير في وزارة الحرب، والثاني مشروع يوسي داغان، رئيس المجلس الإقليمي للمستوطنات المقامة في شمال الضفة، وكلاهما يتكاملا في الرؤية البرنامجية والتخطيط الاستراتيجي لتحقيق هدف إقامة "دولة إسرائيل الكاملة" على فلسطين التاريخية.
المشروع الأول الذي كشفته القناة العبريية (12) يوم الثلاثاء الماضي، جاء فيه، ان وزير المالية سموتريش يسارع الى تنفيذ خطته لتوسيع مستوطنات الضفة الفلسطينية، وإضفاء الشرعية على بؤرها الاستيطانية بذرائع الرد على الهجمات الفدائية، والموضوع كما يعلم الجميع اسبق من العمليات، وهو جزء من برنامج عمل الحكومة الذي اعلنه زعيم الصهيونية الدينية المرتكز على اضلع المثلث: إقرار الفلسطينيين بالرؤية والرواية الإسرائيلية بملكية الأرض الفلسطينية؛ من لا يعترف بذلك ليرحل عن الأرض طواعية؛ ومن لم يرحل بخاطره سيتم ترحيله او قتله من قبل الجيش الإسرائيلي.
وفي الرسالة التي وجهها وزير الإدارة المدنية الاستعمارية لوزراء حكومة الترويكا الفاشية الأسبوع الماضي، ابلغهم فيها نيته لتقديم خطته الى مجلس الوزراء هذا الأسبوع لتسجيل ملاحظاتهم بالتعديل او الإضافة قبل إقرارها. وتتضمن الخطة أولا إضفاء الشرعية على 155 بؤرة استيطانية عشوائية في جميع انحاء الضفة؛ ثانيا إضفاء الشرعية على البؤر المقامة على أراض فلسطينية خاصة، اما من خلال نقلها ل"أراضي دولة"، او تطبيق اليات قانونية بديلة تسمح لها بالبقاء في مكانها؛ ثالثا تخصيص 180 مليون دولار للمستوطنات والبؤر الاستيطانية مخصصة للخدمات مثل الصحة والتعليم ونوادي الشباب، ومبالغ كبيرة لتعزيز وتوسيع البصمة المدنية لإسرائيل في الضفة الفلسطينية، بما في ذلك 92 مليون شيقل (24 مليون دولار) وفقا لمنظمة مراقبة المستوطنات "السلام الان. طبعا موازنة الحكومة تضمنت ما يزيد عن مليار 200 مليون شيكل لتعزيز وتطوير الاستيطان الاستعماري في أراضي الدولة الفلسطينية المحتلة.
واما مشروع داغان الاستراتيجي، الذي سلمه امس الأربعاء لنتنياهو، رئيس الحكومة، يقوم على أولا مضاعفة أعداد المستوطنين في شمال الضفة الفلسطينية من 170 الفا حاليا إلى مليون مستوطن في العام 2050؛ ثانيا يشمل المخطط إقامة مدن استعمارية جديدة، ومناطق صناعية وسكة حديد ومطار، حسبما ذكر موقع "واينت" الالكتروني؛ ثالثا تم اعداد المشروع من قبل خبراء من المهندسين والمستشارين المهنيين. وجرى وضع اللمسات والخطوط العريضة للمخطط خلال مؤتمر سنوي مركزي لقادة المستوطنين عقد قبل عشرة شهور تقريبا؛ رابعا يشمل المخطط توسيع عدد من المستوطنات القائمة حاليا، وتحويلها ألى "مدن"، وإقامة "مدن جديدة"، وإقامة مركز طبي ومراكز ثقافية في مركز الإقليم للمستوطنات.
لنلاحظ التكامل بين الخطط الاستعمارية التكتيكية والاستراتيجية، وكل من الصهيونية الدينية بقيادة سموتريش، ومجلس الاستيطان الإقليمي، الذين يعتبرون حكومة الفاسد والفاشي نتنياهو فرصة ثمينة لتحقيق المخطط الصهيوني الام، أولا لانه من رواد المشروع الاستعماري أبا عن جد، وثانيا بحكم استماتته على الاحتفاظ بكرسي الحكم؛ ثالثا لان رقبته مطلوبة للقضاء بأربع قضايا فساد. بالنتيجة الأطر الصهيونية المختلفة تخطط وتعمل لبناء إسرائيل الكاملة على حساب الطرد الطوعي او الاجباري للفلسطينيين من ارضهم في نكبة جديدة، ولاحظنا ان هناك تناغما فيما بين المشروع الصهيوني المتجدد، والسياسات الأميركية، التي تقودها الإدارات المختلفة وخاصة التحول الشكلي لادارة ترامب، ومتابعة إدارة بايدن لمخطط ما يسمى "السلام الابراهيمي" وتنفيذ صفقة القرن، وتقديم كل التسهيلات والدعم لتحقيق ذلك. رغم البيانات والمواقف المعلنة من قبل ممثلي واشنطن، التي تدعي انها ضد الاستيطان في الضفة، ولكنها لا تفعل شيئا، لا بل تتهرب وتدعي عدم قدرتها على ارغام إسرائيل لوقف جرائم حربها، وبالتالي بياناتها لا تساوي بنسا واحدا.
المهم هذا مخطط الأدوات الإسرائيلية الصهيونية المعلنة والواضحة، ما هي خطط القيادات الفلسطينية؟ وما هي الخطوات العملية لترجمة اية خطط وقرارات تم اتخاذها سابقا، او يمكن اتخاذها لاحقا؟ وأين دور الهيئات القيادية لمنظمة التحرير؟ وما هو دور الحكومة؟ وماذا عن الوحدة الوطنية؟ وماذا عن المقاومة الشعبية؟ واي مقاومة شعبية نريد؟
هناك الف سؤال وسؤال عن الذات الوطنية ومآلاتها، وتوجهاتها، واليات عملها التي تحتاج الى نقلة نوعية، وشجاعة في المكاشفة لوضع الاصبع على الجرح او الجروح.
[email protected]
[email protected]