هل اهتراء مخيمات اللاجئين الفلسطينيين يحفظ حق العودة؟

بي دي ان |

21 أغسطس 2023 الساعة 11:38م

محامية
أن تكون لاجئاً في وطنك مدعاة للمأساة، فاهتراء مخيمات اللاجئين الفلسطينيين تعد سمة بارزة في الحفاظ على حق العودة من وجهة نظر الكثيرين، وعلى الرغم من أنه تم تحديد يوماً للنكبة إلا أنهم غفلوا أن النكبة ستستمر إلى يومنا هذا، والتي تتمثل في الحياة المأساوية التي يعيشونها، فقد ألقت النكبة بظلالها على ماضيهم وحاضرهم وعلى مستقبل أبنائهم وطريقة عيشهم !

حيث لا تزال الصدمة التاريخية حاضرة في أذهان اللاجئين، وأصبحت جرحاً نازفاً يزداد يوماً بعد يوم مع إنكار الاحتلال الإسرائيلي لحقهم المشروع في العودة إلى أراضيهم على الرغم من  القرار الصادر عن هيئة الأمم المتحدة رقم "194"، والذي ينص على حق اللاجئين الفلسطينيين إلى العودة لأراضي 1967 التي احتلها الاحتلال الإسرائيلي.

النظرية التي تنادي بعدم تحسين المخيمات الفلسطينية: 
يبدو أنه لم يتبادر أبداً في أذهان أصحاب هذه النظرية أن اللاجئين سيظلوا عالقين في تلك المخيمات الرثة لعقود طويلة لا تصلح للحياة، فقط أثبتت هذه النظرية فشلها في وقتنا الراهن، حيث نادت بعدم تحسين الحياة في المخيمات الفلسطينية لضمان حق العودة باعتبار هذه المخيمات حالة مؤقتة، وتعبر عن الهوية الفلسطينية والوطنية، وتؤكد أن إعادة التوطين في المخيمات قد يؤدي إلى تثبيت اللاجئين في مكانهم الحالي، وبالتالي تقليل ضغط المجتمع الدولي على إسرائيل للمضي قدمًا في تحقيق الحل العادل للنزاع الفلسطيني، والتي تعمل على تحويلها لقضية انسانية أو اغاثية حتى تنتهي،  وهُنا نتساءل حول ماذا لو لم  يتغير حال اللاجئين ولم تُحل القضية، وبقيت عالقة لا تراوح مكانها، هل سنحكم بالموت عليها؟   

اهتراء المخيمات.. تعبيراً عن الهوية الفلسطينية!
تعتبر المخيمات الفلسطينية رمزاً للهوية الفلسطينية، فهي تجسيداً لاستمرارية نضال الشعب الفلسطيني في المطالبة بحقه في العودة، والتي تشكل جزءً من الذاكرة الجماعية وترمز إلى الحق الأساسي في العودة إلى ديارهم الأصلية، وحتى يتم تذكير العالم حول الحياة المأساوية التي يعاني منها اللاجئين الفلسطينيين.

عقوداً سبع: 
إلا أن العقود السبع التي مضت على النكبة لم يطرأ عليها أي تغيير على الصعيد السياسي لحق اللاجئين في العودة إلى ديارهم الأصلية، فكلما زاد اهتراء المخيمات أصبحت قضية اللاجئين على الهامش، بل وتزداد معاناتهم وأزماتهم في كافة مناحي الحياة سوءً وخاصة تلك الاقتصادية، والتي كان آخرها تقليص الأونروا للمساعدات الغذائية المقدمة للاجئين في قطاع غزة. 

هل بقاء اللاجئ الفلسطيني داخل المخيمات يعني أن تكون حياته مستباحة؟ 
يواجه اللاجئ الفلسطيني في كل مكانٍ تحديات جمة وظروفاً صعبة تؤثر على جودة حياته، رغم الجهود المكثفة التي تبذلها المنظمات الدولية وغير الحكومية التي تختص في شؤون اللاجئين مثل الأونروا، في تقديم المساعدات الإنسانية والتنموية وتوفير الخدمات الأساسية وأدنى متطلبات الحياة، ولكن إلى متى سيبقى اللاجئ الفلسطيني يعيش تحت رحمة تلك المؤسسات، ففي أحيانٍ يتم تأخير صرف المساعدات، وأحيان اخرى يتم تقليل حجم التمويل، ومرات يُذاع  على الاعلام أنها ستتحول لقضية انسانية واغاثية حتى تموت القضية أو بالأحرى اللاجئ وهو على قيد الحياة !

ماذا لو تم انشاء أبنية سكنية للاجئين الفلسطينيين؟
تبادر إلى ذهني سؤالاً، ماذا لو تم توفير أبنية سكنية للاجئين الفلسطينيين في أفضل الأحياء الفلسطينية أوفي أي بقعة في العالم، هل سينسى أنه لاجئ يوماً ما؟ وهل العيش الرغيد سيسقط حقهم في العودة إلى الديار، وهل يوجد نصوص قانونية دولية تُرهن الترف بإسقاط الحق، أياً كان نوع هذا الحق؟ أم أن توفير هذه الأبنية قد يؤدي تحويل حق العودة إلى التوطين الدائم؟ 

في النهاية: 
لا أعلم، ولكن يبدو أن اهتراء المخيمات قد يُبقي على الذاكرة حية، ولا يسقط ذلك الحق عنهم، لذلك المعاناة ستبقى مستمرة طالما أنها مرهونة بحل قضية اللاجئين، فقد تنتهي في غضون سنواتٍ قليلة، ولكن ماذا لو ظلت أبدية!

فهل اهتراء المخيمات الفلسطينية ستجعل العودة حتمية؟! وإلى متى سيبقى اللاجئ الفلسطيني يعيش في العراء كما القرون القديمة رغم حداثة العصر؟!