كيف اتفق الدرويش والقاسم على ذات الآب ؟!
بي دي ان |
21 أغسطس 2023 الساعة 09:04م
فرجٌ ما؟ هناك دائماً فرجٌ ما.. لن نفقد الأمل، ولو من أجل الأجيال القادمة. وحسبنا يا صديقي العزيز، أننا نرسم بحبر الرّوح وبدم القصيدة سهما واضحًا "أرجو أن يكون واضحاً" يؤشر إلى الاتجاه السّليم نحو خروبتنا وزيتونتنا وزهرة برقوقنا اللاذعة، هذا ما أرسل به شاعرنا الثائر سميح القاسم إلى صديقه محمود درويش - (الرامة 6/1/86 ).
ليرد الدرويش: أما لآخر هذا الليل من آخر.. هل استطاع الجنين المتكون في هذا الرحم المريض، أن ينجو من المرض؟ (22/7/86) .
هما الشّاعران المقاومان الثائران، ملوك الكلمة والقصيدة، تساءلت كثيرًا ماذا بين هذين الجميلين ليذهبا في ذات الآب؟ كيف اتفقان بالحياة والموت؟ هل كان قراراً؟ أم تلاقي أرواح؟ كلاهما رحلا ونحن من خسر، نحن من انكسر، كنا دائما نلق بأعبائنا على كتفهما فينقلان الهم والقضية، ونلوذ إليهما حين يقدر لنا الفرار.
آب/ أغسطس شهر الوفاء والرثاء والبكاء، علنا ندرك حجم خسارتنا حين فقدنا دون أي رغبة منا، عَصّب أدب المقاومة الفلسطينية، وتوأم لمسيرة شكلت أهم وأروع وأقوى صور الإبداع في تاريخ الشعب الفلسطيني، حملا هم القضية وكانا أمناء عليها.
القاسم والدرويش عاشوا حاضرهم وفهموا وشاهدوا ببصيرتهم حاضرنا، فهل أدرك الدرويش يومًا أننا أتينا ولم نصل، وأننا جئنا ولم نعد؟ وهل شعر أنه سيأتي يوماً نفتقد للحرية، ثم يومًا نفتقد المحبة، تماماً كما عبر عن خوفه من الغد، لأننّا حينها سنفتقد للإنسانية.. ثم علينا أن نخجل من أنفسنا لأننا جميعًا حققنا مخاوف الدرويش، وأثبتنا انعدام إنسانيتنا على الأغلب، فهل كان محمود درويشًا حقًا ؟! ولو كان بيننا هو الآن هل سينشد مرة أخرى.. على هذه الأرض ما يستحق الحياة بعد تحقيق مخاوفه ؟! وإذا كان كذلك فلم قرر من على هذه الأرض الانتحار ومغادرة الحياة، هل بالغ الدرويش بقيمة الحياة، أم أن من غادروها بمحض إرادتهم، سلبوها قيمتها ؟!
وكيف قرأ سميح القاسم ضيق قلوبنا حين تساءل: في الكون متسع لكل الناس، هل في الناس متسع لبعض الكون ؟ هل كانت ملامحنا واضحة، أم أنها سقطت أمامه الأقنعة ؟! هل كان يخجلنا حين قال: ربما أفقد - ما شئت - معاشي ربما أعرض للبيع ثيابي وفراشي
ربما أبحث، في ورث المواشي عن حبوب ربما أخمد عريانا، وجائع ياعدو الشمس لكن لا أساوم.
أخجلتنا ياسميح، يا قديس الكلمة، ونبض القصيد.. لقد ساومنا وتاجرنا وبعنا وهنا وقسمنا وهلكنا أنفسنا ودمرنا أجيالنا، لقد ارتكبنا الخطيئة والفاحشة والرذيلة ووجوهنا نحو القبلة، وفي يدنا عناوين لتواريخ مزيفة، نعم أيها الراحلين، لقد بعثرنا التاريخ، حذفنا نصفه وزيفنا النصف الآخر، شطبنا نصف المعارك ونصف الأسماء ونصف الشهداء وقتلنا نصف الأحياء وقسمنا النصف الآخر مابين الموت وشبه الموت وأكثر، نحن لا نكترث للتاريخ ولا تعنينا الجغرافيا ولا نقدس الأسماء، نعلي من نشاء ونسقط من نشاء وكلنا حكام، وكل حاكم فينا، له ألف ألف من الأهواء.
يا عشاق فلسطين والأطفال والأيتام والنساء الماجدات والثائرين والتائهين والضحايا في زمن الردة، حين تروننا وأنتم الأحياء في عليين اقرأوا علينا ما تيسر من الأحزاب والزلزلة والكوثر، اقرأوا علينا الفاتحة وما تيسر.
يا سادة العروبة والشعراء لا تسألوا عنا فنحن نخجل مما اقترفته أيدينا، ومن تجارتنا الفاسدة التي ردت إلينا، وانسياب الكذب فينا، لقد منَّ الله علينا أنّه لم يخلق فينا نبي كي لا نكفره ونقيم الحد عليه.
لا تسألوا عنا ولا تكترثوا بنا، دعونا وشأننا، وسيصلكم الجواب حين تنظروا ساحة الأقصى وإلى شبه جزيرة العرب، لأرواحكما السلام. ولنا على الأرض النجاة
ليرد الدرويش: أما لآخر هذا الليل من آخر.. هل استطاع الجنين المتكون في هذا الرحم المريض، أن ينجو من المرض؟ (22/7/86) .
هما الشّاعران المقاومان الثائران، ملوك الكلمة والقصيدة، تساءلت كثيرًا ماذا بين هذين الجميلين ليذهبا في ذات الآب؟ كيف اتفقان بالحياة والموت؟ هل كان قراراً؟ أم تلاقي أرواح؟ كلاهما رحلا ونحن من خسر، نحن من انكسر، كنا دائما نلق بأعبائنا على كتفهما فينقلان الهم والقضية، ونلوذ إليهما حين يقدر لنا الفرار.
آب/ أغسطس شهر الوفاء والرثاء والبكاء، علنا ندرك حجم خسارتنا حين فقدنا دون أي رغبة منا، عَصّب أدب المقاومة الفلسطينية، وتوأم لمسيرة شكلت أهم وأروع وأقوى صور الإبداع في تاريخ الشعب الفلسطيني، حملا هم القضية وكانا أمناء عليها.
القاسم والدرويش عاشوا حاضرهم وفهموا وشاهدوا ببصيرتهم حاضرنا، فهل أدرك الدرويش يومًا أننا أتينا ولم نصل، وأننا جئنا ولم نعد؟ وهل شعر أنه سيأتي يوماً نفتقد للحرية، ثم يومًا نفتقد المحبة، تماماً كما عبر عن خوفه من الغد، لأننّا حينها سنفتقد للإنسانية.. ثم علينا أن نخجل من أنفسنا لأننا جميعًا حققنا مخاوف الدرويش، وأثبتنا انعدام إنسانيتنا على الأغلب، فهل كان محمود درويشًا حقًا ؟! ولو كان بيننا هو الآن هل سينشد مرة أخرى.. على هذه الأرض ما يستحق الحياة بعد تحقيق مخاوفه ؟! وإذا كان كذلك فلم قرر من على هذه الأرض الانتحار ومغادرة الحياة، هل بالغ الدرويش بقيمة الحياة، أم أن من غادروها بمحض إرادتهم، سلبوها قيمتها ؟!
وكيف قرأ سميح القاسم ضيق قلوبنا حين تساءل: في الكون متسع لكل الناس، هل في الناس متسع لبعض الكون ؟ هل كانت ملامحنا واضحة، أم أنها سقطت أمامه الأقنعة ؟! هل كان يخجلنا حين قال: ربما أفقد - ما شئت - معاشي ربما أعرض للبيع ثيابي وفراشي
ربما أبحث، في ورث المواشي عن حبوب ربما أخمد عريانا، وجائع ياعدو الشمس لكن لا أساوم.
أخجلتنا ياسميح، يا قديس الكلمة، ونبض القصيد.. لقد ساومنا وتاجرنا وبعنا وهنا وقسمنا وهلكنا أنفسنا ودمرنا أجيالنا، لقد ارتكبنا الخطيئة والفاحشة والرذيلة ووجوهنا نحو القبلة، وفي يدنا عناوين لتواريخ مزيفة، نعم أيها الراحلين، لقد بعثرنا التاريخ، حذفنا نصفه وزيفنا النصف الآخر، شطبنا نصف المعارك ونصف الأسماء ونصف الشهداء وقتلنا نصف الأحياء وقسمنا النصف الآخر مابين الموت وشبه الموت وأكثر، نحن لا نكترث للتاريخ ولا تعنينا الجغرافيا ولا نقدس الأسماء، نعلي من نشاء ونسقط من نشاء وكلنا حكام، وكل حاكم فينا، له ألف ألف من الأهواء.
يا عشاق فلسطين والأطفال والأيتام والنساء الماجدات والثائرين والتائهين والضحايا في زمن الردة، حين تروننا وأنتم الأحياء في عليين اقرأوا علينا ما تيسر من الأحزاب والزلزلة والكوثر، اقرأوا علينا الفاتحة وما تيسر.
يا سادة العروبة والشعراء لا تسألوا عنا فنحن نخجل مما اقترفته أيدينا، ومن تجارتنا الفاسدة التي ردت إلينا، وانسياب الكذب فينا، لقد منَّ الله علينا أنّه لم يخلق فينا نبي كي لا نكفره ونقيم الحد عليه.
لا تسألوا عنا ولا تكترثوا بنا، دعونا وشأننا، وسيصلكم الجواب حين تنظروا ساحة الأقصى وإلى شبه جزيرة العرب، لأرواحكما السلام. ولنا على الأرض النجاة