موقف استرالي إيجابي

بي دي ان |

21 أغسطس 2023 الساعة 12:21ص

الكاتب
موقف الحكومة الاسترالية الذي اتخذته مع نهاية الثلث الأول من شهر آب / أغسطس الحالي، واعتبرت فيه الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية وقطاع غزة أراضي محتلة، وأكدت عدم شرعية الاستيطان الاستعماري، الذي يتناقض مع القانون الدولي ومرجعيات السلام ذات الصلة بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي، يعتبر نقلة إيجابية، وخطوة متقدمة في تشخيص واقع الصراع، واقتراب من محاكاة الخطوط الناظمة لعملية السلام وخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران / يونيو 1967، والابتعاد عن مداهنة الموقف الإسرائيلي المعادي للتسوية السياسية، والكف عن التغطية على جرائم الحرب للدولة الإسرائيلية اللقيطة، وعنوانها الأبرز الاستيطان وملحقاته من عمليات التهويد والمصادرة وإعلان العطاءات المتواصلة لبناء الاف الواحدات الاستيطانية، وتشريع البؤر الاستعمارية، بالإضافة لعمليات التزوير والنهب للعقارات وبيوت العائلات المقدسية، والسيطرة على المقابر التي تحتضن رفات الصحابى وعلماء المسلمين والمناضلين الوطنيين والقوميين من العرب، وما يصحابها من هدم للبيوت والمنشآت والمدارس في المنطقة المصنفة (ج)، والقتل والاقتحامات والاجتياحات للمدن والقرى والمخيمات.
هذا الموقف الإيجابي، الذي لاقى تثمينا وترحيبا قويا من الكل الفلسطيني بدءا من قيادة منظمة التحرير والسلطة والحكومة الفلسطينية وفصائل العمل الوطني، قوبل من جانب حكومة الترويكا الفاشية بزعامة نتنياهو رفضا وغضبا إسرائيليا، عبرت عنه صحيفة "جيروزاليم بوست" يوم الأربعاء الموافق 16 آب / أغسطس الماضي، وقالت في تقريرها حول الموضوع، أن قرار الحكومة الاسترالية يعد انحرافا حادا عن موقفها الداعم والراسخ تجاه إسرائيل، على الرغم من التعاون القديم الحديث بين البلدين. وادعت أن "القرار في أسوأ الأحوال ينم عن نقص في الفهم الأساس لروابط إسرائيل الممتدة لالاف السنين مع المواقع الثقافية والتاريخية في الضفة الغربية." وافترضت الصحيفة في سيناريو آخر، أن "القرار في أسوأ الأحوال يمثل شكلا من الخنوع المثير للسخرية لعناصر اليسار المتطرف في حزب العمال الأسترالي قبيل انعقاد مؤتمرهم الوطني الأسبوع المقبل." أي هذا الأسبوع.
وأشارت الصحيفة الصهيونية إلى ان "احد الإخفاقات الرئيسية للسياسة الاسترالية الجديدة يتمثل في انها لم تعد متوافقة مع التصريحات الصادرة عن حلفاء استراليا الرئيسين كالولايات المتحدة وكندا." وتنكر على الحكومة الاسترالية تأكيدها، "بأن الحكومات السابقة في بلادها، أشارت الى الضفة الغربية وقطاع غزة على انها أراض محتلة." وتدعي "انه لا يوجد ما يثبت صحة هذا الكلام في تصريحات سابقة." وهذا اسقاط رغبوي استعماري مناف لابسط الحقائق.  
وأضافت الصحيفة الصهيونية أن "الحكومة الاسترالية تنكر بتعريفها للضفة الفلسطينية على انها أراض محتلة، أي ادعاء شرعي وقانوني لإسرائيل في تلك المنطقة." ليس هذا فحسب، بل ان ما يثير استياء وغضب إسرائيل، أن الحكومة الاسترالية قررت رسميا إستخدام مصطلح "الأراضي الفلسطينية المحتلة" وتعهدت بتشديد معارضتها للمستوطنات الإسرائيلية، التي وصفتها بغير القانونية.
ويعكس موقف صحيفة "جيروزاليم بوست" موقف النخب الإسرائيلية في الموالاة والمعارضة، التي ترفض من حيث المبدأ خيار السلام وحل الدولتين على حدود الرابع من حزيران / يونيو 1967، وتُصر على المضي قدما في خيار الاستيطان الاستعماري، الذي ترفضه رسميا كل من الولايات المتحدة وكندا والاتحاد الأوروبي وكل دول العالم. وتؤكد جميعها على رفض السياسات الإسرائيلية وحكوماتها المتعاقبة. فضلا عن قرارات هيئة الأمم المتحدة ومنظماتها المختلفة بدءا من مجلس الامن والجمعية العامة ومجلس حقوق الانسان ومنظمة اليونسكو ومحكمة العدل الدولية وغيرها التي تزيد عن الالف قرار اممي.
رغم ان الولايات المتحدة وكندا والاتحاد الأوروبي لم تقرن مواقفها المتبنية لخيار حل الدولتين بسياسات عملية تنسجم مع ما تعلنه باستمرار. لدحض مواقف الصحيفة الإسرائيلية وسياسات حكومات إسرائيل المتعاقبة، وتفرض الضرورة المنطقية والقانونية والسياسية الاعتراف بالدولة الفلسطينية، ورفع مكانتها لدولة عاملة في الأمم المتحدة، وفرض العقوبات الواجبة على حكومة نتنياهو السادسة المنفلتة من عقالها، للجم نزعاتها الإرهابية والفاشية، ولاعادة الاعتبار لخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران / يونيو 1967، ووقف بناء السفارة الأميركية في القدس، وإعادة فتح القنصلية الأميركية في القدس، التي فتحت في العام 1844، وبالمقابل إعادة فتح الممثلية الفلسطينية في واشنطن، ورفع منظمة التحرير من قوائم الإرهاب، ودعم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين دون محاولاتها العبثية لفرض اجندتها لتقليص اعداد اللاجئين الفلسطينيين، وتأمين الحماية الدولية للشعب الفلسطيني وعقد المؤتمر الدولي وفق روزنامة زمنية محددة لاستقلال الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية وفق قرار مجلس الامن 2334 الصادر في 23 كانون اول / ديسمبر 2016.
ونحن نثمن الموقف الأسترالي الجديد القديم، نأمل ان تخطو الحكومة الاسترالية بالاعتراف الرسمي بدولة فلسطين لاعطاء موقفها مصداقية اكبر، انسجاما مع قرارات الشرعية الدولية، لتشكل رافعة حقيقية لعملية السلام، وتحفز الدول المترددة لانتهاج ذات السياسة الاسترالية الشجاعة.
[email protected]
[email protected]