حماس تدمر المقابر

بي دي ان |

17 أغسطس 2023 الساعة 12:17ص

الكاتب
انقلاب حركة حماس منذ 16 عاما خلت على الشرعية الوطنية، كان انقلابا على وحدة النسيج الوطني والاجتماعي والثقافي، وتبديدا للمشروع والاهداف الوطنية لصالح أعداء الشعب، وانقلابا على النظام والقانون والقيم والأخلاق الفلسطينية، واعتداءً على المحرمات والمقدسات والمشاعر الإنسانية، وعنوانا لعمليات نهب وسلب ولصوصية في وضح النهار لجيوب المواطنين عبر توالد الضرائب والخوات وسرقة أراض الوقف والشعب والعباد على حد سواء، وتعميم ونشر الرذيلة والفسق والمخدرات والدعارة وهتك اعراض الناس، وتعريض حياة المواطنين للتدمير المنهجي من خلال افتعال الحروب بالتكامل مع دولة الاستعمار الإسرائيلية، والزج بحياة الشباب وأبناء الشعب عموما في متاهات الموت في أعالي البحار هربا من البطالة والجوع والفقر والفاقة، ومضاعفة الحصار بحصارات متعددة ومتنوعة القى بها الانقلابيون على رؤوس الشعب في المحافظات الجنوبية، ومازال تجار الدين والدنيا من جماعة الاخوان المسلمين أداة الأعداء في ضرب وحدة الشعب والكيانية الوليدة والقضية والاهداف الوطنية يسعون في نسف مرتكزات ووحدة المجتمع في محافظات غزة خصوصا والوطن والشعب بتجمعاته المختلفة عموما، وينقبون عن عناوين جديدة لتحقيق غايتهم كأداة وظيفية لاستباحة كل معلم من معالم الانسان الفلسطيني في قطاع غزة.
وآخر نسخة من جرائم الحركة الانقلابية يتمثل في الاعتداء الصارخ على الأموات وقبورهم، وعلى الشهداء الذين وروا الثرى في تلك المقبرة، وتدنيس صروحهم التي لها عشرات السنوات، التي يؤمها الناس في المناسبات الاجتماعية والدينية لزيارة اباءهم وامهاتهم وابناءهم ورفاق سلاحهم. ولم تعر قيادة الانقلاب أي اهتمام لكل ما تقدم، وأعلنت في مؤتمر صحفي يوم الثلاثاء الماضي الموافق 15 آب / أغسطس الحالي عن نيتها بإزالة مقبرة "التوينسي" الكائنة في حي الشجاعية، حسب ما اعلن منير أبو زعيتر، مدير التربية والتعليم شرق غزة، وادعى "ان المشروع سيوفر مساحة لاقامة مجمع للمدارس تخدم أهالي الحي في ظل الاكتظاظ السكاني الكبير" وتابع المدعو أبو زعيتر ذرائعه الواهية بالقول "ان المدارس المتوفرة في المنطقة الشرقية لمدينة غزة لا تلبي احتياجات الطلبة الذين يفوق عددهم 70 الف طالب وطالبة." ومضى في غيه وتهافته المعيب "ان مشروع إزالة المقبرة شكل بارقة أمل لانهاء معاناة الطلبة الذين يقطعون مسافة طويلة للوصول الى مدارسهم." والكذبة الأخيرة اقبح من كل الذنوب.
ولكن ذرائع أبو زعيتر والدعاليس والسنوار لم تنطلِ على العباد، ورفضت الجماهير الفلسطينية في الحي والمدينة والقطاع عموما هدم المقابر في مدينة غرة. لان ذرائعهم وحججهم واهية وكاذبة ورخيصة، كونه يمكن تأمين مواقع بديلة لبناء مجمع للمدارس، وهناك أراض بديلة، ويمكن مقايضتها باراض من أراض الوقف، او شراءها من أموال الدعم المخصصة لمشاريع التعليم، ووفق ما اعلن المخاتير والوجهاء والنخب العلمية في الحي، الذين رفضوا نقل المقبرة القديمة المسماة "التوينسي" وسط شارع بغداد في حي الشجاعية لاقامة المجمع المذكور انفا.
لكن حكومة الدعاليس الاخوانية الانقلابية تحدت مشاعر المواطنين، وإصرت على استباحة حرمة الموتى، وتجاوزت كل الأعراف والقيم الفلسطينية والعربية والاسلامية، وتمادت في انتهاكاتها للتغطية من جانب آخر على انتهاكات وجرائم العدو الإسرائيلي، الذي حول العديد من مقابر في الأراضي التي نكبت بإقامة الدولة اللقيطة إسرائيل عليها عام 1948 وفي القدس العاصمة الأبدية ، التي تضم بين جنباتها رفات الصحابى والعلماء الى اصطبلات للخيول، وحانات للخمرات والمراقص الليلية وغيرها من عمليات التهويد والمصادرة للأرض الفلسطينية.  
لم تكن خطوة حكومة الانقلاب المأفونة عفوية، او عن جهالة، او نتاج عدم ادراك لابعاد الاخطار الدينية والاجتماعية والثقافية والوطنية، وانما أصدرت قرارها عن سابق عمد وإصرار، وغلفته بفتوى ما يسمى المجلس الاجتهادي الفقهي، الذي لا يفقه في أصول الدين والدنيا، الا انه كاداة رخيصة بيد الانقلاب دعى لتنفيذ الجريمة الجديدة، التي مست بمشاعر أبناء الشعب، وزادت من سخطهم وغضبهم ورفضهم للخطوة الانقلابية المشبوهة، التي لم يغفل الناس عن ابعادها التجارية. لا سيما وان هناك أراض في المنطقة يمكن شراءها، او مبادلتها مع أراض في أماكن أخرى، او من خلال بناء طوابق مدرسية جديدة في المدارس القائمة، وغيرها من الحلول الواقعية التي تحافظ على حرمة المقابر ومشاعر العباد، وعدم التغطية على جرائم دولة التطهير العرقي الإسرائيلية.
وافترض في القوى الوطنية والنخب الاكاديمية والثقافية والاجتماعية الضغط على قيادة حكومة الانقلاب لوقف الجريمة الجديدة، وحماية حرمة المقابر والموتى من التدنيس والتدمير والعبث والسمسرة الرخيصة.
[email protected]
[email protected]