لعنة العام 2020

بي دي ان |

10 سبتمبر 2020 الساعة 12:59م

العام 2020 إستثناء في التاريخ، ومن المحطات الأكثر بؤسا ولعنة على البشرية، ليس لإنتشار وباء "كوفيد 19" وما تركه من آثار وإنعكاسات على شعوب الأرض، وانما لما رافقه من تطورات سوداء، وظلامية، وما حمله من أعباء كارثية على الإنسان، ولإحتدام الصراع بين شعوب الأرض عموما والأقطاب والكواسر خصوصا.
منذ اليوم الأول لهذا العام والكرة الأرضية تسير بتثاقل، وإعياء شديد، تغيرت معالم ومعايير البشر، توقفت حركة الأرض، وسكنت نبضات الشعوب، وتدحرجت رؤوس على مساحة الكوكب، وفتحت أبواب المقابر، كما لم تفتح من قبل، أو كأنها إستحضرت مقابر الحروب عموما، والحربين العالميتين خصوصا. وأغلق كل شعب أبواب مدنه وقراه عازلا نفسه عن الشعوب الاخرى، ومانعا الآخرين من زيارته، وحتى الفضاء بات خاليا وحزينا في آن، لإن حركة الطيران نامت نوم أهل الكهف، إلآ ما ندر ولإسباب خاصة تخدم مشاريع القراصنة، وأغمض سكان المعمورة عيونهم على سبات عميق. وإزدادت العنصرية توحشا وإنفلاتا داخل حدود الشعوب ذاتها، وتجاه بعضها البعض، كما جرى ويجري في اميركا وإسرائيل، وحتى في بعض دول الإقليم وحيثما ولى الإنسان وجهه، وغاصت الحضارة الإنسانية حتى ركبها في وحول الصراعات والدماء النازفة، والتغول الإستعماري الصهيو أميركي ومن لف لفه من قوى وأنظمة على الشعب العربي الفلسطيني، حتى إنقلب بعض الأشقاء عليه، وتكالبوا مع راعي البقر المتسيد المشهد العالمي.
وعاش لبنان لحظة قاتمة في مسيرته نتاج الزلزال التدميري في مرفأ العاصمة، ومازالت تردداته وتداعياته تجوب الأرض اللبنانية كلها، وأعادته إلى عقود خلت من الهيمنة الإستعمارية المباشرة، حيث فقد ابناؤه القدرة على التعبير أو الدفاع عن انفسهم، وسلموا ابواب البلد للبوارج الحربية وسادتها من اهل الغرب الرأسمالي بعد ان عاث الفاسدون فسادا، ونهبوا وافلسوا الدولة، ودمروا كل مظهر من مظاهر الحياة الآدمية وفق المعايير الإنسانية المقبولة.
وأخذت المنظومة الرقمية تتمدد وتجتاح البشرية بما لها وعليها قبل الكورونا وأثناءها وستلاحقها بعد إنتهاء موجتها الحالية. وما يجري الآن وفي قادم الأعوام مظهر من مظاهرالغزو الجديد للكون بالبطاقة الرقمية، التي اعدتها وجهزتها الشركات العالمية لإستعمار الإنسان كإنسان، بما هو عليه كذات فردية، ومن خلاله غزو الدول والاقاليم لصالح اباطرة المال، الذين لم يشبعوا من لحم الشعوب، ولم يرتوا من دمائها. وما فايروس الكورونا سوى شكل من اشكال الغزو، وإنتهاك حرمات وخصائص وخصال الأمم، وإستغلال ثرواتها، وتجويعها، والقائها لقمة سائغة للوحوش والكواسر البشرية بعد إستباحة القوانين والمواثيق الاممية، وتسييد قانون الغاب ليصبح الناظم لعصر ظلامي جديد، قد يعيد الكوكب برمته لحقب قديمة إندثرت في التاريخ الغابر. لا سيما وان المسيطرين على مقاليد القرار في العالم مسكونون بخرافات وخزعبلات الميثالوجيا والدين، ولا يتورعون عن إرتكاب حماقات وجرائم حرب دون وازع أخلاقي أو قيمي أو قانوني. وآخر بلاهات العام المجنون، إقتراح احد النواب النرويجين،"تيبررننغ جيد" منح الرئيس الأميركي، ترامب جائزة نوبل، جاء ذلك في تصريح له أمس الأربعاء الموافق 9/9/2020 بعدما قدم الطلب للجنة الجائزة ل"إنجازاته" في صناعة السلام أكثر من غيره؟؟!!! انها مهزلة التاريخ والبشرية، وسقوط مدوي للجائزة والقائمين عليها في حال تم قبول الطلب، وإسدال الستار على قيمتها الإنسانية.
عالم يتشكل حاملا كل التناقضات والصراعات بين العلم والهاي تك وبين الخرافة، بين تطور البشرية والعمل على حمايتها وفق القوانين الوضعية، وصيانة حرياتها وكراماتها، وبين تابيد التمييز العنصري، وقهر الشعوب، وإستنزاف ثرواتها، وفرض الخاوة والبلطجة عليها، ومواصلة إخضاعها للإستعمار التقليدي القديم، كما في فلسطين وافغانستان والعراق، والقادم أكثر بؤسا وسوادا.
الإنزياحات الكونية تتحرك ببطء، ولكن بخطى ثابتة لنقل البشرية من عصر إلى عصر، لم تتضح معالمه تماما، لكن المؤشرات البائنة حتى الآن تشي بأن ما هو قادم قد يكون موحشا وسرياليا وبلا ملامح في حال إنفجرت براكين الحرب النووية. ولا ادري ان كانت القوى الحاملة للخير والسلام والعدالة قادرة على ضبط إيقاع قراصنة العصر الآيل للسقوط والإندثار أم لا.
لكن من المؤكد ان صناع السلام والحرية سيعملون لحماية وبناء صرح الحضارة البشرية القائمة على المساواة والعدالة. بيد انهم لا ينجحون دوما، ومحطات وحروب الأمم العالمية والإقليمية والبينية ماثلة امام شعوب الأرض قاطبة. لذا مطلوب من كل محب للسلام أن لا يحمل وردة،وينادي بالسلام فقط، بل مطلوب تشكيل جبهة عالمية واسعة من بني الإنسان جميعا لوقف فلتان وفوضى الوحوش الآدمية.
[email protected]
[email protected]