خلفية الخطوة السعودية

بي دي ان |

14 أغسطس 2023 الساعة 12:06ص

الكاتب
أثيرت تساؤلات عديدة في الأوساط الفلسطينية والعربية والإسرائيلية منذ أول امس السبت الموافق 12 آب/ أغسطس الحالي مع تسليم سفير المملكة العربية السعودية في المملكة الأردنية الهاشمية، نايف السديري أوراق اعتماده سفيرا مفوضا وفوق العادة لخادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبد العزيز لدى دولة فلسطين، وقنصلا عاما للمملكة في القدس، عاصمة دولة فلسطين لمستشار الرئيس محمود عباس للشؤون الديبلوماسية، مجدي الخالدي في سفارة فلسطين في العاصمة الأردنية عمان، على ان يسلمها لاحقا للرئيس أبو مازن. وتركزت تلك الأسئلة حول أسباب وخلفيات وزمان الخطوة السعودية، وحملها البعض ابعادا لا تمت للحقيقة بصلة.
باختصار شديد، ولإزالة اي التباس، تعتبر النقلة السعودية شديدة التلازم بسياسة القيادة السعودية الجديدة والمرتبطة برؤية 2030، التي تبناها الملك سلمان، وكلف ولي عهده محمد بن سلمان على تجسيدها، وعنوانها الأساس رفع مكانة ودور المملكة على المستويات العربية والإقليمية والدولية، وشرع بنسج علاقات شراكة مع كل من الصين الشعبية وروسيا الاتحادية، وإعادة العلاقة مع ايران، وإعادة سوريا لموقعها في جامعة الدول العربية، والدفع قدما بحل المسألة اليمنية، والانضمام للتكتل الدولي الجديد، دول البريكس، واعتماد نظرية "تصفير المشاكل" مع الدول المختلفة.
وجاءت التحولات الكيفية السعودية في اعقاب المعاملة غير اللائقة والاستعلائية التي انتهجتها إدارة بايدن تجاه ولي العهد خصوصا والمملكة عموما، مما اثار حفيظة الإدارة الأميركية الحالية، ودفعها لمراجعة تنمرها واستفزازاتها غير المبررة، فسعت بخطى حثيثة لاعادة تسخين العلاقات مع القيادة السعودية من خلال تكثيف زيارات المسؤولين الاميركيين من وزير الخارجية الى مستشار الامن القومي الى وزير الدفاع ومدير السي آي إيه وغيرهم، وهدفت الى الضغط لتخفيض منسوب العلاقة مع كل من الصين وروسيا، وعملت على اثارة وطرح ملف التطبيع مع دولة إسرائيل، كامتداد لما يسمى "السلام الابراهيمي". لكن ولي العهد بن سلمان لم يتراجع عن المواقف التي انتهجتها المملكة، الا انه لم يغلق الباب امام المساعي الأميركية، بيد انه وضع شروطا للتقدم تجاه التطبيع مع إسرائيل، عمادها أولا امتلاك السعودية برنامج نووي سلمي يشمل التخصيب؛ ثانيا الحصول على الأسلحة الأميركية الأكثر تطورا، وعقد اتفاق عسكري استراتيجي بين البلدين؛ ثالثا إيجاد حل للمسألة الفلسطينية على أساس قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية وعلى وجوب نيل الشعب العربي الفلسطيني حريته واستقلاله في دولته المستقلة وذات السيادة بعاصمتها القدس الشرقية.
وبحكم ان قيادة المملكة غير متعجلة، وكونها ليست في حاجة لإسرائيل. لا سيما وان العالم بكل اقطابه مفتوحه ابوابه امامها، وكخطوة متقدمة في نهجها الجديد تجاه الشعب الفلسطيني الشقيق وقيادته، ولتعزيز توجهها قررت تعيين سفيرا وقنصلا عاما غير مقيمين، وقدمت أوراق الاعتماد لدولة فلسطين، وهي رسالة جلية للإدارة الأميركية وحكومة الترويكا الفاشية الإسرائيلية، هدفت التأكيد من خلالها على ان القضية الفلسطينية تحتل مكانة استراتيجية في السياسة السعودية، ولا يمكن التخلي عنها، او إدارة الظهر لها، ليس هذا فحسب، وانما ضرورة ابقاءها على طاولة الحوار.
وهذا ما أكده السفير السديري بالقول، ان تعيين سفير للسعودية لدى فلسطين خطوة مهمة لها دلالات كبيرة، ولتكريس حرص المملكة على تعزيز العلاقات مع الاشقاء في دولة فلسطين. وأضاف سعادته في تصريحات صحفية، ان هذه النقلة تهدف لتنظيم هذه العلاقات، وإعطاءها دفعة ذات طابع رسمي في المجالات كافة سواء السياسية او الاقتصادية او الاجتماعية. وأشار الى ان السعودية تتطلع الى مستقبل واعد لهذه العلاقات لتكون كما كانت وأفضل.
وأثارت الخطوة السعودية الجديدة ردود فعل إسرائيلية سلبية، اعتبرها افغيدور ليبرمان، بمثابة "تنمر دبلوماسي سعودي، وطالب الحكومة بعدم الصمت، والرد عليها". مما دفع وزير الخارجية، ايلي كوهين للتصريح للإذاعة الإسرائيلية، انه "لن يسمح لاي دولة بفتح ممثلية دبلوماسية بالقدس تكون تابعة للسلطة الفلسطينية." وأضاف " لم ينسقوا (السعوديين) معنا، وحتى ان لم ينسقوا، لن نسمح بفتح ممثلية دبلوماسية للفلسطينيين بشكل فعلي من أي نوع في القدس." كما ادلى غيرهم من السياسيين والإعلاميين بمواقف مختلفة على الخطوة السعودية.
ورغم الموقف المعادي للخطوة السعودية، فإن المملكة ماضية في توجهها الداعم والمؤيد للحقوق والثوابت الوطنية، ولن تتراجع عن دعم قيادة منظمة التحرير والسلطة الوطنية حتى تحقيق الأهداف والثوابت الوطنية وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية.
ولا اضيف جديدا، عندما أؤكد، ان العلاقات بين القيادتين والشعبين الشقيقين قوية وعميقة ومتواصلة منذ العام 1968 عندما تم تعيين اول ممثل لمنظمة التحرير الفلسطينية، ومازالت حتى يوم الدنيا هذا، من خلال وجود سفارة دولة فلسطين.
[email protected]
[email protected]