روسيا الغائب الحاضر

بي دي ان |

08 أغسطس 2023 الساعة 11:43م

الكاتب
تعمل القيادة السعودية بشكل حثيث على الارتقاء بدورها العربي والإسلامي والإقليمي والدولي، لتأكيد مكانتها على الصعد المختلفة، وتحرص على لعب أدوار تعكس الأهمية السياسية والديبلوماسية لها كدولة قطب في الاقليم، وترمي بثقلها المؤثر في بناء جسور السلام بين القوى المتنازعة هنا او هناك من العالم، وتبادر للالقاء بوزنها الاقتصادي والعسكري كدولة محورية على المستويات العربية والإسلامية والإقليمية لإحتلال موقعها الملائم دوليا.
ارتباطا بما تقدم، نرى ان مبادرتها لعقد اجتماع جدة يوم السبت الماضي الموافق 5 آب/ أغسطس الحالي لمستشاري الأمن الوطني، بمشاركة ممثلي 42 دولة ومنظمة اممية، بما في ذلك الأمم المتحدة برئاسة وزير الدولة، عضو مجلس الوزراء مستشار الامن الوطني، مساعد بن محمد العيبان للإسهام في حل الصراع على الجبهة الأوكرانية، ولاخراج الازمة من دوامة المراوحة والتعثر، للحد والتخفيف من مضاعفة عدد الضحايا، ووقف عمليات التدمير المتبادلة، والحؤول دون وقوع الخسائر على المستويات كافة، ولمنع توسع نطاق الحرب، وتطويق تداعياتها الاقليمية والعالمية.
بالطبع جاء هذا الجهد السعودي المميزة تعميقا للخطط والسياسات التي ينتهجها الملك سلمان وولي عهده محمد بن سلمان في النهوض بمكانة المملكة، الهادف الى الارتقاء بمكانتها العالمية. ومن المؤكد، ما كان لهذا الجهد ان يتم الا بالتنسيق مع الدول المؤثرة عالميا، وخاصة الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي والصين والهند وغيرها، وأيضا مع طرفي الازمة الروسي والأوكراني.
وكان يمكن ان يكون الاجتماع اكثر نجاحا ومردودا، وتحقيقا لاهدافه لو شاركت روسيا، الا ان عدم مشاركتها في الاجتماع المذكور، يعتبر نقطة ضعف كبيرة في شكل ومحتوى ومخرجات الاجتماع. لان الضرورة كانت تملي على الدولة المضيفة للاجتماع فرض حضور ممثلي الكرملين، لانهم الطرف الأساس في الصراع، ولان غياب الدب الروسي ينعكس سلبا على الحوار والنقاش بين الدول المشاركة، التي كان يجب ان تستمع لوجهة النظر الروسية، وأيضا لان غياب روسيا لا يفيد أحدا، والخاسر من غيابها، هو السلام، وانهاء تداعيات الازمة.
صحيح ان القيادة السعودية تشاورت مع القيادة الروسية بشأن الملفات التي سيناقشها الاجتماع. بيد ان ذلك لا يغني عن مشاركتها وحضورها الفاعل. وهذا ما أكده بيان الخارجية الروسية في تعليقها على الاجتماع بالقول، ان تحديد القرارات بشأن الازمة الأوكرانية على المستوى السياسي دون مشاركة روسيا "عبث وهراء." مع ذلك اكدت الخارجية، ان هناك مجال للابداع لمناقشتها. وكان السكرتير الصحفي للرئيس الروسي، ديمتري بيسكوف اعلن، ان الكرملين سيتابع الاجتماع في السعودية بشأن أوكرانيا، وأضاف "يبقى ان نرى ما هي الأهداف التي يتم تحديدها."
ومن خلال قراءة ما رشح من معطيات عن مناقشات يومي الاجتماع السبت والأحد الماضيين 5 و6 اب/ أغسطس الحالي، تبين ان هناك ارتياحا عاما بين الأطراف المشاركة. كما ان المشاركين في الاجتماع حرصا على فتح قوس النجاح اللاحق أسقطوا طرح خطة الرئيس زيلينسكي للسلام ذات النقاط العشر، وركزوا على الخطة السعودية الأكثر واقعية وقوامها: أولا سلامة أراضي أوكرانيا؛ ثانيا وقف اطلاق النار على جميع الجبهات؛ ثالثا بدء مفاوضات سلام تحت رعاية الأمم المتحدة؛ رابعا تبادل الاسرى. وحسب صحيفة "وول ستريت جورنال" عن مسؤولين أوروبيين، ان كييف  تخلت عن إصرارها على طرح خطة زيلينسكي في الاجتماع. وهو ما يعني قبولها بخطة السلام السعودية الأكثر واقعية وقبولا من الأطراف المختلفة.
كما انه تم التوافق على عدم اصدار بيان ختامي عن الاجتماع، وترك الباب مفتوحا لمواصلة النقاشات واجراء المزيد من المحادثات بين الدول المشاركة، ومع طرفي الازمة الأوكرانية، بالإضافة لتشكيل مجموعات عمل لمناقشة القضايا العالمية التي تتعلق بالامن الغذائي العالمي، والسلامة النووية وغيرها، وفق ما صرح به مسؤول بالاتحاد الأوروبي. وفق وكالة الانباء الألمانية يوم الاحد الماضي.
وكدرس للاجتماع تفرض الضرورة دعوة روسيا الاتحادية للاجتماع اللاحق المقرر مبدئيا بعد ستة اشهر، لان حضورها اكثر من ضروري، لافساح المجال لكسر الجمود بينها وبين اوكرانيا، ولازالة الغيوم الملبدة عن الإقليم والعالم على حد سواء،
[email protected]
[email protected]