حلوا عنا – بدنا نعيش

بي دي ان |

01 أغسطس 2023 الساعة 12:02ص

الكاتب
عندما يبلغ السخط والغليان الشعبي في أوساط شعب من الشعوب ضد الحكم في بلد ما، ومهما كانت قبضة الإرهاب والتسعف البوليسي قاسية ووحشية، تكون ردة الفعل الجماهيرية موازية له في الدفاع المستميت عن خيارها السياسي والقانوني والاجتماعي. لان حجم عنف وبلطجة النظام مهدت الطريق لكسر هيبته، واشعلت فتيل الغضب الشعبي، واطلقت العنان لجموح الجماهير لتتدافع للشوارع دون حساب للنتائج. لانها عندما تفقد ابسط معايير الحياة الكريمة، ويُفرض عليها الجوع والتنكيل، وتحرم من حريتها، فلا تأبه بسطوة ووحشية النظام الديكتاتوري او البوليسي او الاستعماري في حالات الصراع القومي. لان معادل الحياة والموت توازى، ولم يعد هناك ما يخسره الانسان الا الذل والمهانة وكنس النظام او الاستعمار.
اول امس الاحد الموافق 30 تموز / يوليو وبالتلازم مع اجتماع الأمناء العامين برئاسة الرئيس محمود عباس في مدينة العلمين المصرية، الذي كرس لتجسير الهوة بين القوى السياسية لطي صفحة الانقلاب وتعزيز الوحدة الوطنية، واعلاء مكانة ودور منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد، تنادت الجماهير الشبابية الفلسطينية في محافظات قطاع غزة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بعد ان طفح الكيل، وضاقت بهم سبل العيش بحدها الأدنى، وانتفت معايير الكرامة الشخصية والجمعية، وانكشف ستار الغبار الديني الواهي، والمتاجر بدم ومصير ومستقبل الانسان والوطن الفلسطيني لما يزيد عن ستة عشر عاما من الانقلاب الأسود على الشرعية الوطنية، واستمراء خيار الامارة على حساب المشروع الوطني، والمساومة عبر ومع دول عربية واسلاموية وإسرائيل وحليفتها الاستراتيجية الولايات المتحدة على اهداف وثوابت الشعب الوطنية، مما أوصل الجماهير الشعبية عموما والشبابية خصوصا الى قارعة الطريق تهتف باعلى صوتها "بدنا نعيش .. حلوا عنا يا حماس"، غير عابئة بارهاب ميليشيات الانقلاب، ولا ببعبع القسام، الذين امسوا أداة في يد تجار الدين والدنيا باسم وتحت يافطة كاذبة عنوانها "المقاومة." مع ان اللحظة، كانت تملي الحديث عن كيفية تعزيز أواصر الشراكة السياسية، وتجسير الهوة لطي صفحة الانقلاب البغيض، جاء صوت الشارع الفلسطيني ساخطا وضاربا على جدار الخزان "كفى للانقلاب .. ونعم للوحدة الوطنية." وكأن صوت الشارع الغزي يعلن دون ادنى تنسيق تكامله مع دعوة الرئيس عباس في افتتاح اجتماع الأمناء العامين، التي اكد فيها على ضرورة طي صفحة الانقلاب للابد. لانها اشد وطأة من نكبة ال1948، وتهدد مستقبل المشروع الوطني برمته، في حال استمرت. وأيضا كأن صوت الشباب الهاتف بالحرية والانعتاق من وحشية الانقلاب،يدعو القيادة الشرعية لتحمل مسؤولياتها كاملة لتنفيذ رغباتهم باستعادة الوحدة الوطنية فورا
 عشرات الالاف من الشباب الفلسطيني الُقي بها على اكوام البطالة المتراصة خلال العقد ونصف الماضية، ودون ان تفكر قيادة الانقلاب الأسود الحمساوية للحظة بمصالح العباد، او إيجاد حلول ولو نسبية لبعض حاجاتهم الخاصة والعامة، ليس هذا فحسب انما عمقت وضاعفت مساحة ونسب الجوع والفقر والدعارة وانتشار المخدرات والهجرة بين أوساط الشباب خصوصا والمواطنين عموما للشتات والمنافي عبر ركوب أعالي البحار، وافقرت أصحاب رؤوس المال والتجار، وشردت الكفاءات والطاقات المبدعة، فضلا عن عدم توفير الحد الأدنى من التيار الكهربائي صيفا وشتاءا، والتعدي على مصالح وحقوق المواطنين، ونهب جيوبهم من خلال توالد الضرائب كما الفطر، كل هذا دفع المواطنين من بيت حانون شمالا مرورا ببيت لاهيا وجباليا ومدينة غزة والمعسكرات الوسطى وخانيونس ورفح جنوبا الى الشوارع، مما هز قلاع الانقلابيين، الذين فاجأتهم بعفويتها وحجم سخطها، ودفاعها عن نفسها، فقامت حركة الانقلاب الحمساوية باستنفار كل ادواتها الانقلابية والبست غالبية أجهزتها الأمنية ملابس مدنية، وحاولت ان تغطي على بعض المظاهرات كما حدث في جباليا عندما القت بعناصرها واعلامها في بعض الشوارع حيث تجمعات الشباب الساخطين والرافضين الانقلاب للايحاء بان المظاهرات "مؤيدة" للانقلاب، او كما ادعت وحرفت قناة الجزيرة القطرية بوصلة الشارع الفلسطيني، بالادعاء ان الجماهير خرجت لتطالب برفع الحصار عن القطاع؟؟ كما هي عادتها زورت القناة المارقة والمأجورة الحقائق وقلبتها رأسا على عقب دون وجل ولغايات رخيصة لحماية قادة الانقلاب الاخوان المسلمين
. ولكن الجماهير رفضت ذلك، مما ضاعف من عمليات التنكيل والبطش والاعتقال في أوساط المتظاهرين عموما والصحفيين الذين نزلوا لتغطية نبض الشارع والحقيقة للشعب، كما حدث مع وليد عبد الرحمن، مراسل فضائية فلسطين، وعضو الأمانة لنقابة الصحفيين، وقامت باختطاف الصحفي إيهاب الفسفوس، بالإضافة لاقتحامها مستشفى أبو يوسف النجار واختطاف الشباب المصابين: مدحت محمد داوود، ونزار إسماعيل اللداوي، ووسام رصرص من مدينة رفح بعد الاعتداء عليهم بشكل همجي، وفي خانيونس الشرقية تم الاعتداء على المتظاهرين في دوار بني سهيلا، والهجوم الوحشي على أبناء الشهيد النقيب في الامن الوقائي سلامة بربخ، الذي استشهد في الانقلاب الأسود عام  2007، وهم: سامح الابن الأوسط(19 عاما) أصيب بطلق ناري في الكتف، ورامي (20 عاما) اصابته بالعين والرأس، حميد (22 عاما) كسور ورضوض، وسلامة (17 عاما) اصابته بالرأس وخطيرة، الذي سمي باسم والده، لانه كان في بطن والدته عندما استشهد.
وقالت القيادة الموحدة للانتفاضة في غزة إن "زمن السكوت على الظلم واستغلال الدين للقتل قد ولى." كما اكد الصحفي رامي فرج الله، مدير مكتب الاتحاد الدولي للصحافة العربية بدولة فلسطين، ان ما قامت به الأجهزة الأمنية التابعة لحركة حماس بمنع الصحفيين من أداء مهامهم الملقاة على عاتقهم ونقل الصورة بكل موضوعية مرفوض ومدان.
الجولة الكفاحية لشباب حراك ال30 من تموز / يوليو لم ينتهِ بعد، وان تمكنت ميليشيات حماس من السيطرة نسبيا على الشارع. لكن نبض الشعب مازال يخفق، ويرفض كل موبقات حماس ومن لف لفها، وان لم تعد حركة حماس بخيارها لجادة الوحدة الوطنية، فإن الشعب في المستقبل المنظور سيقول كلمته الفاصلة، ويسقط جدار الانقلاب شاء من شاء وابى من ابى.
[email protected]
[email protected]