كذابون كما يتنفسون

بي دي ان |

22 يوليو 2023 الساعة 10:30م

الكاتب
شهد الأسبوع الماضي حملة أكاذيب وتلفيق للحقائق تولى احد جوانبها رئيس الدولة الإسرائيلية اسحق هيرتسوغ عندما خاطب أعضاء المجلسين، الذين عقدوا جلسة مشتركة وطارئة يوم الأربعاء الماضي الموافق 19 يوليو الحالي للاستماع للضيف الصهيوني بمناسبة ذكرى تأسيس إسرائيل ال75 على انقاض نكبة الشعب العربي الفلسطيني، وجال الرئيس الفخري على الملفات المختلفة، العلاقات الثنائية الأميركية الإسرائيلية، الملف النووي الإيراني، اتفاقات التطبيع الاستسلامي مع الدول العربية، وعن الانقلاب القضائي، و"الديمقراطية" الإسرائيلية، و"الرغبة في السلام مع الفلسطينيين"، و"احترام حقوق الأقليات"، وعن العنصرية في إسرائيل.
ووقف وصفق أعضاء المجلسين للاسرائيلي الكذاب 30 مرة إسوة باستقبالهم سابقا لسيد الكذب والافتراء على الحقائق بنيامين نتنياهو، وتمسحوا بالاسرائيلي الوقح لينالهم بعض الرضى، وليؤكدوا مجددا للعالم، ان إسرائيل اللقيطة والخارجة على القانون، هي ابنتهم الشرعية، وهم أصحابها، وسادتها، وداعموها من الابرة حتى الصاروخ، وحماتها من الرأي العام الاممي والشرعية الدولية. وكان الكونغرس مع وصوله لواشنطن يوم الثلاثاء الموافق 18 يوليو صادق على قرار برفض تصنيف إسرائيل ك"دولة فصل عنصري" بتأييد 412 عضوا، منهم 195 من الحزب الديمقراطي، مقابل 9 نواب رفضوا ذلك، فضلا عمن قاطعوا الجلسة احتجاجا على الزيارة، وعلى الممارسات العنصرية الإسرائيلية، وعلى الانقلاب القضائي
المهم ان هيرتسوغ، كما هي عادة قادة الدولة العبرية بصفاتهم المختلفة تعمق وتوسع في بحر الأكاذيب، أولا في التأكيد على ان "الديمقراطية الإسرائيلية عميقة وراسخة"، وهذا ما تنفيه وقائع الحياة اليومية الإسرائيلية. ولا اتحدث هنا عن جرائم الحرب الإسرائيلية، والفاشية المنفلتة من عقالها ضد أبناء الشعب العربي الفلسطيني، المنكوب بإسرائيل منذ 75 عاما خلت، ولا اتوقف امام رفضها للسلام والتعايش، انما اتوقف امام ما يجري داخل الدولة الإسرائيلية والصراع المحتدم بين الموالاة والمعارضة على انتهاك حكومة الترويكا الفاشية القانون الإسرائيلي نفسه لاستباحة المعارضة، وتكريس النهج الديكتاتوري، واستلاب حقوق ومصالح الإسرائيليين الصهاينة من الليبراليين والعلمانيين واليهود الشرقيين عموما والفلاشا خصوصا، وحدث ولا حرج عن الفلسطينيين العرب حملة الجنسية الإسرائيلية، الذين تمتهن كرامتهم وحقوقهم ومصالحهم على رؤوس الاشهاد على مدار الساعة، فضلا عن اطلاق يد كلاب المستعربين والقوادين والمافيات والعملاء لارتكاب عمليات القتل اليومية ضد أبناء الشعب في الجليل والمثلث والنقب والمدن المختلطة.
ومع ذلك وقف أعضاء المجلسين ليصفقوا وقوفا لاكاذيب حليفهم، ولم يسأل أي منهم نفسه للحظة عن الحقائق التي  يعلنها قادة الأجهزة الأمنية الإسرائيليين السابقين، وقادة المعارضة بتلاوينهم الصهيونية المتعددة، وتنشرها وسائل الاعلام الإسرائيلية ذاتها، وتؤكد فيها بالوثائق، ان إسرائيل خلعت ما يسمى ثوب الديمقراطية المفصلة على مقاس الصهاينة، وباتت هناك إسرائيل حريدية أكثر سفورا في فاشيتها المتزمتة، لا علاقة لها بالديمقراطية الصهيونية، وتعادي الليبراليين والعلمانيين، وتصادر حقوقهم السياسية والحقوقية والثقافية. لانهم لا يريدون سماع أي موقف يتعارض مع اكاذيبهم هم، باعتبارهم أصحاب المشروع الصهيوني.
واما حديثه عن حماية مصالح الأقليات، فما تقدم يجيب عليه، فلا وجود لاي احترام لليهود الصهاينة الشرقيين انفسهم، بل هناك اضطهاد وتمييز عنصري يفوق التمييز العنصري الذي كان في جنوب افريقيا، ولا اتحدث عن حقوق الأقلية الفلسطينية العربية في إسرائيل، الذين سحقت ابسط حقوقهم الانسانية. وكذلك بالنسبة للانقلاب القضائيي، حاول الإسرائيلي البشع التخفيف الى الحد الأقصى من بشاعة المشهد الإسرائيلي وأثر الانقلاب القانوني على المجتمع الإسرائيلي، وطالب أعضاء المجلسين والرئيس بايدن اثناء لقائه بعدم انتقاد حكومة نتنياهو السادسة، حتى لا يعطوا فرصة للقوى المحبة للسلام والعدالة من توسيع حملتهم في وصف إسرائيل كدولة ابرتهايد. وجانب الصواب والحقيقة في صياغة الحالة الإسرائيلية.
اما عن الرغبة الإسرائيلية ببناء السلام مع الجيران الفلسطينيين، فهو الهراء والكذب الأخطر على الاطلاق، وهو يعلم وأعضاء المجلسين يعلمون والإدارة الأميركية تعلم تفاصيل التفاصيل، ويدرك الجميع ان حكومات إسرائيل المتعاقبة كلها، وليس حكومة الترويكا الفاشية، وان كانت أوضح الحكومات في خيارها التدميري للسلام، عملت على وأد السلام، وتصفية خيار حل الدولتين على حدود الرابع من يونيو 1967، ولا اعتقد ان هناك اميركيا لم يسمع محددات وزير المالية، سموتيريش في العلاقة مع الفلسطينيين، وهو موقف رئيس الحكومة الفاسد والفاشي، وموقف كل قوى الائتلاف الحاكم، جميعهم اعلنوا بلسان سموتيريش وبن غفير ونتنياهو، العمل على قطع الطريق على وجود دولة فلسطينية بين البحر والنهر مهما كان حجمها باستثناء الموافقة على امارة غزة الاخوانية؛ قبول الفلسطينيين بإسرائيل "دولة قومية لليهود" في كل فلسطين التاريخية"؛ من لم يعجبه الاستسلام عليه الرحيل، ومن يبقى فالجيش الإسرائيلي سيتولى امره.
كذب هرتسوغ حتى الثمالة، وكذب رئيس حكومته، وكذبت الإدارة الأميركية وأعضاء المجلسين، والباقي عند من يعي اخطار الأكاذيب الإسرائيلية الأميركية، لعله يدرك ان أبواب السلام أغلقت، ولم تعد مفتوحة ولو مواربة، الامر الذي يحتاج الى معالجة مغايرة.
[email protected]
[email protected]