ثورة يوليو رافعة الامل

بي دي ان |

20 يوليو 2023 الساعة 12:21ص

الكاتب
تحل يوم الاحد القادم الموافق 23 يوليو الحالي الذكرى 71 لثورة يوليو 1952 المجيدة، التي قادتها ثلة من الضباط الاحرار الاوفياء والمخلصين للوطن والشعب المصري العظيم، الذين كنسوا الملكية ورموزها، وطهروا المحروسة من وثنية الارتباط والتبعية لبريطانيا غير العظمى، والتي كانت خارجة من اوحال الحرب العالمية الثانية تجرجر اذيال الخيبة والانكفاء، وغياب الشمس عن امبراطويتها، وتخليها رغما عنها مع فرنسا الفرانكوفونية عن قيادتهم للامبريالية الغربية لصالح الولايات المتحدة، ولكنها بقيت وحتى يوم الدنيا هذا احد اركان الانكلوسكسونية، واحد حصونها الخطيرة والمعادية للشعوب المتطلعة لحريتها واستقلالها، فجاءت الثورة المصرية البطلة لتوجه لها ضاربة قاصمة، حاولت لاحقا مع فرنسا وإسرائيل اللقيطة في حرب أكتوبر 1956 استعادة ما خسرته، بيد ان إرادة الشعب وقيادته الثورية بقيادة الزعيم الخالد جمال عبد الناصر ووقوف شعوب الامة العربية وقوى حركة التحرر الوطني العالمية الصاعدة آنذاك من هزيمة العدوان الثلاثي، ونجح رمز مصر والأمة العربية من تأميم قناة السويس، وتسليح الجيش المصري وإحداث اصلاح زراعي وتنموي أعاد الحقوق لاصحابها الفلاحين من زمر الاقطاع المصري، واحدث ثورة شاملة في مختلف ميادين الحياة.
تمكن الخالد جمال من تطهير قيادة الثورة من بعض الادران، وتصدى بإرادة فولاذية لمؤامرة الاخوان المسلمين أداة الغرب الرأسمالي، وحارب بقوة الشعب وتماسكه وعزيمته القوى الامبريالية والرجعية العربية المتواطئة معها دون هوادة، وساهم بدماء الابطال من الجنود والضباط المصريين والعلماء في تحرير العديد من الدول والشعوب العربية والافريقية والاسيوية، حيث تبوأ مكانة عالمية بتشكيله مع تيتو ونهرو وسوكارنو ونكروما منظومة دول عدم الانحياز، التي تأسست في ابريل 1955، وعقدت مؤتمرها الأول في بلغراد سبتمبر 1961، التي شكلت حاضنة اممية لدول العالم الثالث المنعتقة من براثن الاستعمار الامبريالي القديم، وتمكنت حركة عدم الانحياز من شق طريق ثالث في التطور الاجتماعي الاقتصادي، فهي لا شرقية ولا غربية، لا رأسمالية ولا اشتراكية شيوعية، ولكنها لم تكن محايدة في الصراع العالمي، لانها وقفت بقوة الى جانب العدالة السياسية والاجتماعية والقانونية، ودعمت دون تردد مطلق شعب رفع راية التحرر الوطني. وبدأت ب29 دولة، ولكنها الان تضم ما يزيد عن ال160 دولة. وان كانت في زمن تأسيسها الأول أكثر حضورا ونفوذا في المشهد العالمي.
عبد الناصر الزعيم العربي العظيم حمل راية القضية الفلسطينية حتى رحيله عن الدنيا في 28 سبتمبر 1970، لا بل كانت قضية حصاره في الفالوجا الفلسطينية عام 1948، وقضية الأسلحة الفاسدة واحدة من عوامل تفجير راية الثورة المصرية الرائدة، وهو من كان وراء تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية عام 1964، وتأسيس جيش التحرير الفلسطيني، وهو من حارب مشاريع التوطين، وانشأ المجموعات الفدائية بقيادة الضابط المصري البطل الشهيد مصطفى حافظ، وهو من احتضن أبناء الشعب العربي الفلسطيني من خلال فتح أبواب الجامعات والمعاهد والمدارس المصرية، واستقبل المئات من الخريجين الفلسطينيين ليعملوا في حقل التدريس في اسوان وسوهاج والصعيد المصري كله، ايادي زعيم الامة على فلسطين وشعبها وقضيتها ساطعة وبيضاء كالثلج لا يمكن لكائن من كان التنكر لها الا جماعة الاخوان الفسقة.
وحدث ولا حرج عن احتضانه الثورة اليمنية، ودفاعه المستميت عن خيار الثورة اليمنية بقيادة عبدالله السلال، والثورة الجزائرية بقيادة بن بلا وبومدين واقرانهم من القيادات الباسلة، وهو من أسس اول وحدة عربية عام 1958 مع سوريا شكري القوتلي، وهو من دافع عن لبنان العربي عام 1958، وتصدى لنظام كميل شمعون وكل أعداء القومية العربية، وهو من دعم ثورة القذافي في ليبيا، ودعم القيادات الوطنية والقومية في السودان، وكانت لعبد الناصر بصمة دامغة في كل قطر عربي.
لهذا كانت وستبقى ثورة يوليو المجيدة رافعة للنضال الوطني والقومي العربي، رغم كل ما حل بها وباهدافها الوطنية والقومية من انكفاء وتراجع وحتى هزائم، الا انها ستبقى حاملة مكانة مصر المركزية والتاريخية في الوطن العربي، وكل محاولات البعض القفز عن دور مصر المحروسة لاسباب ذاتية وموضوعية لن تفلح، لان عبقرية المكان مازالت حاضرة في الأرض ومتجذرة في الوعي واللا وعي الوطني والقومي.
رحل الزعيم الخالد أبو خالد في 1970، لكنه كل يوم من أيام العرب الراهنة والقادمة يؤكد حضوره العظيم، وفكرة الوحدة العربية لم تمت، ولن تموت، وستنهض ذات فجر قريب. ورحم الله البطل الشهيد جمال، ولمصر الخلود.
[email protected]
[email protected]