ظاهرتان ملفتتان

بي دي ان |

18 يوليو 2023 الساعة 01:51ص

الكاتب
في متابعة لتطورات المشهد الإسرائيلي في خضم الازمة العميقة التي يعيشها المشروع الصهيوني، وانعكاسات ذلك على جيل الشباب الإسرائيلي، استوقفتني ظاهرتان ملفتتان ابرزتهما دراسة حديثة، التي اعتمدت على بحث أجرته شركة "ERI"، واعدته مؤسستا "راشي" و"غاندير" ونشر في صحيفة "اسرائيل اليوم" اول امس الاحد الموافق 16 يوليو الحالي، أفادت بان هناك ازمة ثقة حادة للغاية بين الشباب في إسرائيل تجاه الدولة، النقطتان اللتان اريد التوقف امامهما أولا ارتفاع نسبة الشباب الراغب بالهجرة من دولة المن والسلوى من 46% عام 2022 الى 54% هذا العام 2023، ثانيا انخفاض حاد في نسبة من يرغبوا في العمل من اجل التغيير الاجتماعي والسياسي حيث وصلت نسبتهم الى 5.8%، وبروز تباين بين نسب الشباب من التجمعات والمدن الإسرائيلية المختلفة. وتم ايراد نسب مختلفة في قضايا تتعلق بالشأن الداخلي الإسرائيلي، لم اشأ التوقف امامها على اهميتها.
وفي قراءة للنسبتين انفتي الذكر، اخلص الى النتائج التالية: أولا لم تعد إسرائيل المكان الآمن للشباب اليهودي الصهيوني المضلل او المقتنع بالفكرة الصهيونية؛ ثانيا تعمق ازمة الانقلاب القضائي، وآخرها إقرار التعديل على مبدأ "المعقولية" ضاعف من حدة الازمة لتطال الجيش والمؤسسة الأمنية، وإعلان عدد لا بأس به من الطيارين الاحتياط ومن أجهزة وكتائب عسكرية وامنية رفضهم المشاركة بالتدريب نتاج ازمة القضاء، التي اعلن رئيس الوزراء نتنياهو عدم التراجع عنها، رغم التمرد المتسع في أوساط الجنود والضباط وحتى في النقابات الطبية، وتهديدهم بالاضراب عن العمل، والحبل على الجرار؛ ثالثا تفشي ظواهر الفوضى داخل أوساط المجتمع الإسرائيلي، وتوسيع مواقع الاحتجاج لتطال المطارات وخاصة مطار اللد وغيرها من المواقع السيادية؛ رابعا زيادة حدة الصدامات بين المتظاهرين أسبوعيا وأجهزة الامن الإسرائيلية وانصار الموالاة، حتى تم اللجوء الى العنف واشعال الحرائق، ليس لقطع الطرق الرئيسية في البلاد، ولكن في مهاجمة الشرطة والأجهزة الأمنية؛ خامسا تأثير المظاهرات المستمرة والمتواصلة على السياحة في إسرائيل، وحتى على دورة الاقتصاد بشكل عام، وأثر ذلك على مكانة وقيمة الشيقل الإسرائيلي امام العملات عموما والدولار خصوصا؛ سادسا الكشف عن حقيقة الدولة العبرية كدولة ديكتاتورية، لا تؤمن بالديمقراطية، التي تدعيها، وهو ما اضعف من مكانتها امام الأقطاب والدول الحليفة لها بما فيها الولايات المتحدة، وإن كانت حتى اللحظة تلك الدول تحمل حكومة الترويكا الفاشية وحدها المسؤولية عن ذلك. لانها مازالت تعتبر الدولة الصنيعة واللقيطة احد ركائزها في حماية مصالحها الحيوية في الوطن العربي والاقليم الشرق اوسطي عموما.
والاهم مما تقدم، هو الانخفاض الحاد في نسبة الشباب الراغب في اللجوء للثورة الاجتماعية السياسية، ويعود السبب الى اعتبار الغالبية العظمى من الإسرائيليين بمن فيهم الشباب، بأن دولة المشروع الصهيوني تمثل بالنسبة لهم ربح صافي وحقيقي على الصعد كافة، ولغياب قوى ديمقراطية حقيقية تؤمن بالتغيير، ولضعف وتهافت قوى ما يسمى باليسار الإسرائيلي، ولهيمنة القوى الصهيونية بمشاربها واتجاهاتها المختلفة على الرأي العام الإسرائيلي، الامر الذي يمنعهم من مجرد التفكير حتى الان في احداث عملية التغيير الاستراتيجي في مركبات الدولة الخارجة على القانون، وإن كان ذلك في سياق سيرورة التطورات الجارية داخل الساحة الإسرائيلية غير مستبعد في المستقبل المنظور نتاج ارغامهم على القناعة، بأن الانقلاب او الثورة الاجتماعية امست حاجة ماسة لوقف تغول الصهيونية الدينية والليكود بقيادة رئيس الحكومة السادسة.
ولهذا قد تلجأ حكومة الفاشية الصهيونية الى سيناريوهات عديدة منها على سبيل المثال لا الحصر شن حرب على لبنان او مضاعفة اقتحاماتها وجرائم حربها ضد الشعب العربي الفلسطيني في مختلف المحافظات الجنوبية. لان اللعب على ورقة العدو الخارجي كانت ومازالت الورقة الرابحة، وهي احد أسلحة الحكومات المتعاقبة في كبح واضعاف قدرة المعارضة على المضي قدما في وقف الانقلاب القضائي.
باختصار المشهد الإسرائيلي يخوص عميقا في ازمته الحادة، والتي تحمل في طياتها العديد من التحولات الدراماتيكية السلبية والمهددة لمستقبل الدولة اللا شرعية.
[email protected]
[email protected]