نتنياهو يستمرأ سياسة التزوير

بي دي ان |

13 يوليو 2023 الساعة 01:14ص

الكاتب
كثير من المراقبين والمتابعين بما في ذلك العديد من فصائل العمل السياسي الفلسطيني للشأن الإسرائيلي يستخدموا مقولة خاطئة، وقاصرة عن قراءة المشروع الصهيوني، ومراحل تطوره، واليات دحرجة الخطط التكتيكية والاستراتيجية الإسرائيلية، حين يعتبروا، ان الحكومة الإسرائيلية تنتهج سياسة جديدة، وهذا غير صحيح. لانه لو دقق أي مراقب في نقطة الانطلاق الأولى للمشروع الصهيوني الاجلائي الاحلالي المرتكز على شعار "ارض بلا شعب، لشعب بلا ارض"، و"ارض الميعاد"، وتابع عمليات التطهير العرقي من خلال المجازر والمذابح التي ارتكبتها الحركة الصهيونية قبل نشوء دولتها اللقيطة، وما اعقبها من حروب وجرائم حرب وتغول على مصالح وحقوق الشعب العربي الفلسطيني لادرك جيدا، ان حكومات إسرائيل الخارجة على القانون تعمل على تحقيق هدفها الاستراتيجي وعنوانه، شطب الشعب والقضية الفلسطينية، ووضع اليد الصهيونية على كل فلسطين التاريخية كمرحلة ثانية بعد تركيز وتعويم الدولة الإسرائيلية وفق قرار التقسيم 181"، والتي لم تكتف بذلك في عام النكبة 1948، بل سيطرت على 78% من مساحة فلسطين التاريخية، مع ان قرار التقسيم منحها 56%، وهو قرار جائر في مطلق الأحوال، وتابعت بخطى مدروسة ووفق منهجية واضحة بدعم كامل من الغرب الرأسمالي عموما والويات المتحدة خصوصا على فرض الاستسلام على الدول العربية، من خلال تغيير الأنظمة الوطنية والقومية عبر ادواتها المحلية، وادعت انها "تريد بناء السلام مع الدول العربية" بهدف شق وحدة الموقف الرسمي والشعبي العربي المتبني للقضية الفلسطينية، كقضية مركزية للعرب، كمقدمة لعزل العرب عن الشعب والقضية الفلسطينية. وللأسف ساهمت بعض الأنظمة العربية بشكل مباشر في تحقيق اهداف إسرائيل،
وكانت هزيمة العام 1967 نقطة تحول هامة في مسار الصراع، فتحت الافاق الواسعة امام العدو الصهيو أميركي لتحقيق اهدافهم في خطوات تكتيكية متتالية حتى الوصول الى ما يسمى هذه الأيام "السلام الابراهيمي" المنقلب على مبادرة السلام العربية، وكان سبق ذلك تفتيت الجبهة الشرقية، وتدمير ونهب ثروات العراق، وثم الربيع العربي ما حمله من تمزيق لوحدة العديد من الدول والشعوب العربية، وسبقها اتفاقية كامب ديفيد، التي شكلت خطرا استراتيجيا على المصالح القومية العربية السياسية والاقتصادية والثقافية والأمنية العسكرية، الى ان جاءت أوسلو واتفاقية وادي عربة، وجميعها كانت بمثابة ارهاصات لاعلان حكومات إسرائيل نفض يدها كليا من أي عملية تسوية سياسية وفي مقدمتها خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967، وإعلان قيادتها السياسية والعسكرية ومشرعوها البرلمانيون، ان حق تقرير المصير في فلسطين التاريخية لليهود الصهاينة، ولا حق للفلسطينيين في ارض وطنهم الام، وهذا ما كرسه قانون "القومية الأساس للدولة اليهودية" 2018، وصفقة القرن الترامبية واتفاقات الاستسلام العربية 2020.
لتجسيد ما تقدم كحقيقة على الأرض، صرح نتنياهو، رئيس حكومة الترويكا الفاشية يوم السبت مطلع تموز / يوليو الحالي "لإسرائيل حق السيادة على مناطق الضفة الغربية،" ليس هذا فحسب، انما عمق فكرته بالقول "الأردن استولى بشكل غير قانوني على أراضي الضفة في نهاية الانتداب، ولم يكن ذلك شرعيا." وأضاف في الرسالة التي رد فيها يوسي فوكس، سكرتير الحكومة الإسرائيلية باسم رئيس وزرائه الموجهة الى منظمة عدالة التي وجهت شكوى لمكتبه في آذار / مارس 2023 حول قرار الكابينيت بتشريع (9) بؤر استيطانية، ان سيطرة "الأردن غير شرعي، وبالتالي فان إسرائيل تملك الأراضي بشكل قانوني، ولها حق السيادة." وعاد لاسطوانته المزورة والمشروخة قائلا "هذه الأراضي هي مهد تاريخ الشعب اليهودي وجزء لا يتجزأ من ارض إسرائيل." مشيرا الى ان شرعنة البؤر الاستيطانية تم بشكل قانوني، وبناءً على استشارة قانونية من المؤسسة الأمنية."  
بذلك يكون نتنياهو وحكومته الفاشية اعلنوا بشكل واضح وعميق رؤيتهم للعلاقة مع الأرض العربية الفلسطينية، باعتبارها "ارضهم" و"تاريخهم" ومحل "سيادتهم"، واي حديث عن السلام وخيار حل الدولتين على أي حدود مرفوض جملة وتفصيلا، ولا يوجد استعداد إسرائيلي للتعامل معه. ولهذا صرح لاحقا رئيس العصابة الفاشية "علينا قطع الطريق على إقامة الدولة الفلسطينية باي ثمن."
ورغم ما تقدم من تزوير، يعلم زعيم الليكود الفاشي وكل اركان الحركة الصهيونية واحزابها، وسادتهم في البيت الأبيض وعواصم الغرب الرأسمالي، ان فلسطين من البحر الى النهر، كانت وستبقى عربية فلسطينية، وهي حق وملك ووطن للشعب العربي الفلسطيني وحده، لا شريك له من الإسرائيليين وغيرهم. وكما مرت وعبرت الغزوات التي تقارب ال45 غزوة عبر التاريخ  على الأرض الفلسطينية، وذهبت مع الريح، ستذهب الدولة اللقيطة، ان لم تلتقط لحظة صناعة السلام الممكن والمقبول فلسطينيا وعربيا وعالميا، وبالتالي استمراء نتنياهو للتزوير لن يفيده بشيء، مهما فعل. لا سيما وان مشروع دولته الاستعمارية يعيش اعقد واعمق ازماته التاريخية.
[email protected]
[email protected]