محكمة الاحتلال تبرئ قاتل الشهيد إياد الحلاق ويقرر ترقيته

بي دي ان |

06 يوليو 2023 الساعة 12:18م

صورة أرشيفية
قضت محكمة الاحتلال المركزية في القدس، اليوم الخميس، ببراءة الشرطي الإسرائيلي قاتل الشهيد إياد الحلاق، وهو من ذوي الاحتياجات الخاصة، أعدم ميدانيا بواسطة عنصر في وحدة "حرس الحدود" في البلدة القديمة بالقدس، يوم 30 أيار/ مايو 2020، فيما احتج والدا الشهيد، وطالبا بـ"العدالة لإياد"، وبـ"استنفاد القانون ضد الشرطي القاتل".

واحتجت عائلة الشهيد الحلاق على القرار الصادر عن القاضية حنّة لومب، عقب مماطلة طويلة من السلطات القضائية الإسرائيلية التي تنظر في هذه الجريمة منذ نحو ثلاث سنوات، ونص القرار على "تبرئة" الشرطي القاتل من تهمة "الإماتة بتهور" وهي تهمة توفر للقضاء الإسرائيلي مساحة أكبر للمناورة من الناحية القانونية في ما يتعلق بجرائم القتل.

وقالت مؤسسة "ميزان" لحقوق الإنسان، والطاقم القانوني الموكل باسم العائلة، في بيان، إن القضاء الإسرائيلي "يقتل إياد الحلاق مرة أخرى"، مشددة على أن "قرار المحكمة المركزية بالقدس الذي صدر اليوم ببراءة شرطي حرس الحدود قاتل الشهيد إياد الحلاق هو وصمة عار على جبين القضاء الإسرائيلي، ويفتقر إلى أدنى المعايير القانونية والقضائية، ويتغاضى بشكل صارخ من التطرق للبينات والأدلة، وإفادات الشهود التي قدمت بالقضية لصالح رواية العائلة، ولحقيقة ما حدث من إعدام للشهيد إياد الحلاق".

وشددت "ميزان" والطاقم القانوني الموكل باسم العائلة، على "ضرورة أن يُقدم قسم التحقيق مع الشرطة (ماحاش) الذي يترافع في الملف استئناف للمحكمة العليا لملاحقة الشرطي المجرم الذي قتل إياد الحلاق من ذوي الاحتياجات الخاصة، بأكثر من رصاصة مزقت جسده".

وذكر البيان أن "مبررات المحكمة وتعليلاتها لبراءة القاتل، تحمل أخطاء قانونية كبيرة، إذ أنّها قبلت ادّعاء القاتل بالدفاع عن النفس ’الوهمي’، الذي شعر بها القاتل حين أطلق النار على الشهيد الحلاق".

وأضاف: "من خلال متابعتنا لجميع جلسات الملف والتي امتدت لثلاث سنوات، نستهجن أنّ المحكمة قد اختارت تبرئة المتهم القاتل على الرغم من اطلاعها على أدلة وبينات، تثبت بشكل قطعي ارتكاب جريمة أشد خطورة أصلا من التهمة التي نسبت للمتهم في لائحة الاتهام، وهي القتل المتهور التي قدمها ’ماحاش’".

وتابع: "نرى خطورة هذا القرار بأنّه يعطي الضوء الأخضر ويمنح الشرعية لممارسة مزيد من القتل بحجج وذرائع وهمية، ويؤدي إلى مزيد من انتهاكات حقوق الإنسان وأهمها الحق في الحياة".

وشدد البيان على أن هذا القرار، "دليل إضافي على أنّ الجهاز القضائي الإسرائيلي، يتأثر بواقع الأحداث في المجتمع الإسرائيلي وخصوصا السياسي، يرسخ ويؤكد التقارير الدولية والمحلية، التي تشير إلى أن السلطات الإسرائيلية الثلاث، تعزز نظام الفصل العنصري (الأبرتهايد)".

وأضاف أن "هذا القرار، يكشف أنّ المحاكمة كانت صورية وليست محاكمة نزيهة مهنية ومحايدة، ولم تكن أبدًا تهدف إلى تحقيق العدل وكشف الحقيقة".

وتبنت القاضية لومب ادعاءات الشرطي القاتل بـ"الدفاع عن النفس"، كما قررت المحكمة أن الشرطي القاتل "ارتكب خطًأ فادحا عندما اعتقد أن الشخص الذي يقف أمامه هو مخرب مسلح" في منطقة كثرت فيها العمليات، وأنه "لم يكن يعلم أن إياد شخص بريء من ذوي الاحتياجات الخاصة".

وزعمت القاضية في قرارها أنه "كان المرحوم إياد شابا من ذوي الاحتياجات الخاصة، ولقي حتفه للأسف في ظروف مروعة. ولكن مع كل الاحترام الواجب، يجب على المحكمة أن تقوم بعملها، حتى لو كان صعبا للغاية"؛ في حين هتف والدا الحلاق يطالبان بالعدالة لانبهما، وشددا على تحيّز القضاء الإسرائيلي لصالح اليهود وعناصر أمن الاحتلال.

وادعت القاضية أن الشرطي القاتل "تصرف بحسن نية، ولم يكن لديه وعي شخصي بأنه كان يخاطر بشكل غير معقول".

وزعمت أنه "عندما يقوم شخص أصيب للتو برصاصة في الجزء السفلي من جسده وسقط على الأرض، بحركة سريعة إلى أعلى، على الرغم من تلقيه أمرا بعدم التحرك وعندما يتم توجيه بندقية إليه، فمن المؤكد أن المقاتل قد يفسر ذلك على أنه إظهار للشجاعة من جانب إرهابي لا يستسلم ويحاول الضرب مرة أخرى".

وأعربت القاضية عن أملها في أن "يتم استخلاص الدروس من هذه الحادثة، سواء في دراسة نظرية القتال أو الجهات التي تهتم بذوي الاحتياجات الخاصة، أو على أقل تقدير أن الحدث سوف يرفع الوعي بأن السلوكيات المختلفة يمكن أن تنشأ كذلك بسبب الاحتياجات الخاصة".

ورحب وزير الأمن القومي، الفاشي إيتمار بن غفير، الذي كان قد احتفى بالشرطي القاتل ووصفه بـ"البطل"، بقرار المحكمة، قائلا إن "مقاتلينا الأبطال الذين يخرجون للدفاع عنا وعن دولة إسرائيل بأكملها بأجسادهم، سيحصلون على عناق ودعم كامل مني ومن حكومة إسرائيل".

وعبّر والدا الشهيد الحلاق عن احتجاجهم على قرار القضاء الإسرائيلي، وصرخا في وجه الشرطي الضالع بإعدام الشهيد الحلاق: "أنت قاتل، ابني تحت الأرض، لا عدالة لأياد".

فيما هتف والد الشهيد: "عار على المحكمة!، لليهود نظام قضائي وللعرب نظام آخر. أنتم جميعًا إرهابيون! ابني تحت الأرض!".

كما رحب قائد "حرس الحدود"، أمير كوهين، بالحكم القضائي، قائلا إن الشرطي القاتل سيعود إلى التشكيل القتالي لقواته ويشارك في دورة لتخريج وإعداد الضباط "في غضون أسابيع قليلة".

وقال المفتش العام للشرطة، يعقوب شبتاي، إنه يعتقد أن المحكمة كانت على حق في قرارها، وعبّر عن "دعمه للشرطي طوال التحقيقات والمسار القضائي".

وكانت النيابة العامة الإسرائيلية قد قدمت في 27 شباط/ فبراير 2022، إلى المحكمة المركزية في القدس، لائحة اتهام ضد الشرطي الذي أعدم الشهيد الحلاق، ونسبت إليه إطلاق النار عليه "بشكل متهور"، بينما كان الشهيد الحلاق في طريقه إلى مدرسته لذوي الاحتياجات الخاصة في القدس المحتلة.

وجاء في لائحة الاتهام أنه "بالرغم من أن إياد كان على الأرض جريحا من جراء إطلاق النار الأول عليه، ولم يمسك شيئا بيده، أطلق المتهم النار باتجاه القسم العلوي من جسد إياد، وذلك من خلال تحمله خطر غير معقول بأن يتسبب بموته".

ودخل الشرطي القاتل إلى قاعة المحكمة بحراسة مشددة من الشرطة، ووُضع غطاء على وجهه وجلس خلف ستارة.

وأصدرت المحكمة أمر حظر نشر على هوية الشرطي، بادعاء أنه يحاكم على عملية عسكرية

وجاء في لائحة الاتهام أن الحلاق، وهو على طيف التوحد، كان في طريقه إلى مدرسته في البلدة القديمة، ووضع كمامة سوداء وقفازات.

واشتبه أفراد شرطة بالقرب من باب الأسباط بأنه "مخرب"، بزعم أنه توقف عدة مرات ونظر خلفه، وأبلغ أحد أفراد الشرطة بواسطة جهاز الاتصال اللاسلكي بذلك وبدأ يطارد الحلاق.

وأضافت لائحة الاتهام أن الحلاق بدأ يهرب من الشرطي.

وأطلق قائد قوة الشرطة رصاصتين باتجاه الحلاق من دون إصابته. وتابعت لائحة الاتهام أنه في هذه المرحلة، تجاوز المتهم الضابط، ودخل الحلاق إلى غرفة نفايات، حيث تواجد فيها عامل نظافة وموظف في الأوقاف ومعلمة الحلاق، التي كانت ترافقه إلى المدرسة.

وبعد دخول شرطيين من حرس الحدود إلى المكان، أطلق المتهم النار على حلاق وأصابه في بطنه. وصرخ الضابط باتجاه الشرطي "توقف"، فيما الشرطي القاتل صرخ باتجاه الحلاق باللغة العبرية قائلا: "لا تتحرك". وسأل أحد أفراد الشرطة الحلاق باللغة العربية "أين المسدس؟"، وحاول إياد الجريح النهوض وأشار نحو معلمته وقال شيئا ما لم يُفهم.

وسأل المتهم المعلمة باللغة العربية "أين المسدس؟"، وأجابته "أي مسدس؟"، وعندها أطلق الشرطي النار على الحلاق ما أدى إلى استشهاده. وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن العقوبة القصوى على هذه الجريمة هي السجن 12 سنة. وتم إغلاق الملف ضد الضابط بادعاء عدم وجود تهمة.

وكانت صحيفة "هآرتس" نقلت عن شرطي حرس الحدود الذي قاد المطاردة، قوله إن الحلاق لم يشكل خطرا وأنه لم يكن ينبغي إطلاق النار عليه. وزعم قسم التحقيقات مع أفراد الشرطة (ماحاش) أنه لا يوجد توثيق مصوّر لهذه الجريمة، رغم أنه في هذا المقطع من الطريق توجد سبع كاميرات، واثنتان منها داخل غرفة النفايات، التي تم إعدام الحلاق بداخلها.