تقدير عسكري ضحل

بي دي ان |

22 يونيو 2023 الساعة 06:41م

الكاتب
الغطرسة والغرور متى حكمت أي مستوى قيادي عسكري ام سياسي او إجتماعي ستؤدي لنتائج سلبية. لان من يرتكز عليها يقع فريسة مجموعة عوامل، أولا الاستهتار بمحاكاة الآخر؛ ثانيا إفتقاد الموضوعية المسؤولية، وتغليب عنصر الثقة الزائدة بالذات على حساب الاخر؛ ثالثا تجاهل بعض العوامل الفنية اللوجستية في تقدير أي موقف؛ رابعا استصغار شأن وإمكانية تطور قوة الآخر وافتراض السكون والثبات في نمطية التعامل والعلاقة معه؛ اعتماد اليات ومنهجية عمل استاتيكية ونمطية. هذه العوامل مجتمعة ومنفردة تؤدي الى تقديرات خاطئة، وتكشف عن عجز وإفلاس قيادي في اليات التعامل مع هذا العمل او ذاك الموقف.
جرائم الحرب الإسرائيلية المختلفة ضد أبناء الشعب الفلسطيني في مختلف التجمعات والمحافظات والمدن والقرى والمخيمات، وإسوة بكل استعمار ترتكز على لغة القوة والمنطق السوبرماني الوهمي، وإستضعاف قدرات الرد والمواجهة من قبل أبناء الشعب العربي الفلسطيني عموما ومجموعاته الفدائية المنظمة او المنفردة، وهذا ما تلمسه أي مراقب سياسي او عسكري في معركة المواجهة في جنين ومخيمها البطل يوم الاثنين الموافق 19 حزيران الحالي، حيث كشفت جريمة الحرب من البداية مع ارسال قوة المستعربين والاجتياح بالقوات المجوقلة الداعمة للقوة المنكشفة من قبل المجموعات الفدائية عن أولا سقوط مريع للمخططين والقائمين على تنفيذ الجريمة، لاعتمادها التكتيك العسكري ذاته إن كان في كيفية ارسال وحدة المستعربين، التي باتت معروفة لدى حماة المدن والمخيمات؛ وأيضا في اللجوء لذات الطرق، حتى اصبح الطفل الفلسطيني الصغير يعي من اين، ومتى سيدخلون، والكيفية التي سيتعاملون بها؛ ثانيا افتقاد القيادة العسكرية الإسرائيلية للمعلومات الأمنية الدقيقة والصحيحة عن الوضع في مخيم جنين البطل؛ ثالثا تجاهل القدرات الفدائية، وإمكانيات التطوير لاليات المواجهة، والاستخفاف بكفاءة الارتقاء بادوات ومعدات المواجهة؛ رابعا انفلاش القوات الإسرائيلية، وغياب السيطرة على القوات والمكان مع وقوع الاليات العسكرية الإسرائيلية في الكمائن المعدة لها، وبعد تفجير العبوات الناسفة المختارة بعناية من قبل ابطال المخيم؛ خامسا اللجوء لحماية الذات المعطلة والمحاصرة باطلاق الرصاص والقنابل واستخدام الطيران لأول مرة منذ عقدين خلت بشكل همجي وفي كل الاتجاهات، الذي نجم عن الرعب. مما ادى لسقوط تسعة اصابات بالاضافة لكلبهم، وتعطيل سبعة عربات عسكرية.
والاهم مما تقدم، حكمة وشجاعة الفدائيين في المواجهة؛ التخطيط العلمي المتقدم من حيث كشف القوة المستعربة؛ ومن ثم الاستعداد المبدع لمواجهة قوات الدعم الإسرائيلية؛ مما منح القوة الفدائية السيطرة النسبية على الميدان، رغم اختلال موازين القوى، الذي نجم عنه وقوع خمسة شهداء و91 إصابة خلال الساعات العشر للحرب الدائرة، وبالقراءة العلمية والموضوعية لشروط المكان والزمان وعديد القوات والأسلحة في المواجهة بين الفدائيين ومجرمي الحرب الإسرائيليين، فإن التقييم والتقدير الاولي لنتائج المعركة يشير بشكل واضح الى ضحالة وافلاس النظرية العسكرية الإسرائيلية في المعركة، وبالمقابل ارتقاء قدرات المجموعات الفدائية في المواجهة، وهو ما سيعاظم من تجربة المجموعات المنتشرة في المخيمات والمدن والقرى الفلسطينية الأخرى. لانها شكلت درسا مهما للفدائي الفلسطيني.
ودائما ما يتجاهل قادة العدو العسكريين والسياسيين الحاضنة الشعبية الدافئة للمجموعات الفدائية، التي تقدم كل اشكال الدعم لها، بعكس تعاملها مع القوات المستعربة والمقتحمة لهذه المدينة او ذاك المخيم باعتبارها قوة قتل وجريمة منظمة وتستهدف حياة المواطنين جميعا دون استثناء، وهذا احد العوامل الهامة في المواجهات والذي يصب في مصلحة المجموعات الفدائية
كما ان القيادات العسكرية والأمنية والسياسية الإسرائيلية تتجاهل، وتغيب عن سابق تصميم وإصرار تنامي حالة السخط والغضب الشعبي الفلسطيني من جرائم الحرب دون اية أسباب، الا سبب تكريس الاستعمار الاجلائي الاحلالي، وفرض الاملاءات الإسرائيلية على الشارع العربي الفلسطيني، والسعي لكي وعيهم بالحديد والنار والإرهاب والجريمة المنظمة، الامر الذي اسقط من حساب الشعب وجود أي بقعة ضوء او أمل في إمكانية بناء جسر ما للسلام، وارتفاع نسبة التصميم على حماية الذات، والدفاع عن الثوابت والاهداف الوطنية بكل الوسائل. لا سيما وان الولايات المتحدة والغرب الأوروبي يرفضون حتى الان السماح لقوات الأمم المتحدة لتأمين الحماية الدولية لهم، فضلا عن تساوقهم مع القيادات الإسرائيلية في مشروعهم الاستيطاني الاستعماري على حساب السلام الممكن والمقبول وفق خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967.
بالنتيجة عكست جريمة الحرب الإسرائيلية يوم الاثنين الماضي على محافظة جنين ومخيمها المفولذ افلاسا امنيا وعسكريا وضعف في الروح المعنوية، والارباك والتعثر، بعكس ما تميز به الفدائي الفلسطيني البطل، الذي طور قدراته وامكانياته.
[email protected]
[email protected]