تداعيات التفويض الخطيرة

بي دي ان |

19 يونيو 2023 الساعة 12:49ص

الكاتب
انتهاكات وجرائم حرب حكومة الترويكا الفاشية متسارعة ومتلازمة وممنهجة، وتجري على قدم وساق في كل فلسطين التاريخية، وتعمل على استباحة أولا الحقوق السياسية والقانونية لابناء الشعب العربي الفلسطيني في التجمعات الثلاث: مناطق ال48، والضفة الفلسطينية بما فيها وعلى رأسها القدس وقطاع غزة؛ ثانيا التصفية العملية وعلى الأرض لحق تقرير المصير لابناء الشعب الفلسطيني على ارض وطنهم الام؛ ثالثا تكليف زعران الفاشية برعاية وتعاضد رئيس الحكومة السادسة وحزب الليكود بتنفيذ جرائم الحرب في التهويد والمصادرة وإعلان عطاءات البناء، وزيادة وتوسيع وتعميق عمليات الاغتيال والقتل والتمييز والفصل العنصري ضدهم؛ رابعا قطع الطريق على خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967 كليا؛ خامسا مضاعفة عمليات التطهير العرقي بشكل تدريجي في مختلف التجمعات مع إعطاء الأولوية في المخطط الجهنمي ضد أبناء الشعب في الجليل والمثلث والنقب والمدن الساحلية المختلطة والقدس العاصمة الأبدية.
تسابق حكومة نتنياهو الفاشية الزمن في توسيع وتعميق نكبة الشعب العربي الفلسطيني من خلال جرائم حربها المسعورة لتحقيق أكثر من غاية الأولى تضييق عُقد المقصلة وفق خطط مدروسة ومعدة سلفا على رقبة الشعب الفلسطيني، لافقاده أي امل بالبقاء والحياة على ارض وطنه؛ الثانية تجاوز عقدة الثمانين عاما في بقاء المملكة الإسرائيلية الثالثة؛ الثالثة استباق التحولات العالمية الدراماتيكية، والاستفادة القصوى من بقايا هيمنة الولايات المتحدة على مقاليد السياسة العالمية؛ والرابعة اغتنام حالة الاستسلام العربية لتنفيذ مآربها الاستعمارية، مستفيدة من منسوب الصمت العربي الرسمي المريب؛ الرابعة والاهم تعاظم مشروعها الاجلائي الاحلالي في ظل التمزق والانقسام الفلسطيني الفلسطيني، وضعف الاداء في مواجهة المخططات الاسرائيلية، وغياب الإرادة في ترجمة القرارات الصادرة عن المجلسين الوطني والمركزي للمنظمة، واتساع فقدان الامل في أوساط الشعب الفلسطيني.
وتكريسا لما تقدم، ولمنح الأدوات الصهيونية الفاشية، وتنفيذا للاتفاقات المبرمة بين حزبي الليكود والصهيونية الدينية صادقت حكومة الائتلاف الفاشي امس الاحد الموافق 18 من حزيران / يونيو على تفويض وزير المالية، سموتيريش الصلاحيات الكاملة في كل ما يخص البناء الاستعماري في القدس والضفة الفلسطينية عموما، وفق موقع "واللا" العبري، ليس هذا فحسب، بل قامت بإلغاء الاليات المعمول بها قبل يوم امس، ومنحته سرعة التخطيط والتنفيذ دون انتظار مصادقة الحكومة، بما يتوافق مع ما هو معمول به داخل إسرائيل، وبالتالي شطب صفة الاستعمار على الأرض والشعب الفلسطيني، واعتبار الوطن الفلسطيني كله "ارضا مشاعا للاستيطان الاستعماري" دون قيود او شروط، واغلاق كلي لاي نافذة ولو صغيرة لاي عملية سياسية.
وكان بتسليئيل سموطرش اعد العدة لهذه اللحظة، حيث اوعز لمندوبي الوزارات الشهر الماضي بالاستعداد لاستيعاب نصف مليون مستعمر جديد في الضفة الفلسطينية، وتشريع البؤر الاستيطانية الستين. كما ان الوزير في وزارة الجيش، الذي استحوذ على دور وزير الجيش يوآف غالانت قد اجرى مداولات مغلقة مع اقرانه، أكد فيها على مضاعفة الاستيطان والمستوطنين في الضفة باعتبار ذلك "مهمة أساسية"، وضرورة تنفيذها بالسرعة المطلوبة دون تردد او تلكؤ، وكانت الحكومة صادقت على بناء 4500 وحدة استيطانية جديدة كمقدمة لعملية التفويض. خاصة وان الموازنة المقرة قبل أيام للعامين 2023 و2024 منحته مليار شيكل لتكريس وتنفيذ المخطط الاستعماري، وفق صحيفة "هآرتس".
في ضوء ما تقدم، ماذا تنتظر القيادة الفلسطينية؟ وهل الغاء اجتماع اللجنة الاقتصادية الإسرائيلية الفلسطينية على أهميته امس الاحد يكفي ردا على الجريمة الإسرائيلية الجديدة؟ وما العمل لوقف المخطط؟ هل هناك إمكانية للرهان على دول الغرب الرأسمالي بقيادة واشنطن لوقف بناء إسرائيل الكاملة، ونفي الحقوق السياسية والقانونية، وشطب حل الدولتين على حدود ال1967؟ وهل يمكن للحظة الافتراض ان الاشقاء من اهل النظام العربي الرسمي لديهم الاستعداد لاعادة نظر في اتفاقات التطبيع الاستسلامية مع إسرائيل، والعودة الحقيقية والفاعلة للتمسك بمبادرة السلام العربية ومحدداتها الأربع الناظمة لها؟ وقبل كل ذلك، ماذا عن طي صفحة الانقلاب، وإعادة الاعتبار للوحدة الوطنية، وترتيب شؤون البيت الفلسطيني، والنهوض بمكانة ودور منظمة التحرير الفلسطينية وتفعيل هيئاتها المركزية وتنفيذ قرارات المجلسين الوطني والمركزي، وتصعيد كل اشكال المقاومة؟
باختصار شديد، ما لم تقلب القيادة الفلسطينية الطاولة على رأس إسرائيل والولايات المتحدة ومن يتساوق معهم، وتخلط أوراق الصراع رأسا على عقب، من الصعب تراجع حكومة نتنياهو عن خيارها الاجلائي الاحلالي، وتعميقها وتوسيعها للنكبة الفلسطينية في ملامحها الجديدة.
[email protected]
[email protected]