الاحتلال الإسرائيلي ينتهج سياسة العقاب الجماعي باحتجاز جثامين الشهداء

بي دي ان |

18 يونيو 2023 الساعة 03:28م

صورة أرشيفية
"احتجاز الاحتلال الإسرائيلي لجثامين الشهداء يقتل أبنائنا مرتين، الأولى بالرصاص والثانية باحتجاز جثمانهم".

بلغ عدد جثامين الشهداء الفلسطينيين المحتجزين لدى الاحتلال الإسرائيلي في مقابر الأرقام والتي تعتبر مدافن بسيطة محاطة بحجارة دون شواهد يوضع فوق كل قبر لوحة معدنية صغيرة تحمل رقماً وليس اسم صاحب الجثمان، لكل رقم ملف خاص تحتفظ به الجهات الأمنية الإسرائيلية، 387 جثماناً، بينهم 256 جثماناً لشهداء محتجزين داخل هذه المقابر، 131 جثماناً محتجز منذ عودة سياسة الاحتجاز في عام 2015م بعد انتشار العمليات الفردية التي نفذت وعرفت تلك الفترة "بهبة القدس"  داخل ثلاجات الموتى. 

وأن الجثامين تحتجز وفق سياسة ممنهجة تتيح للاحتلال الإسرائيلي سرقة الأعضاء أو استعمالها لإجراء دراسات داخل الكليات الطبية الإسرائيلية، فقد كشفت "مئيرة فايس" في كتابها "على جثثهم الميتة" المنشور عام 2008م الذي بينت فيه سماح معهد التشريح العدلي الرسمي الإسرائيلي " أبو كبير" باستئصال أعضاء من جثث الفلسطينيين وتخزينها في بنك الأعضاء والاستفادة منها خصوصاً للمرضى الإسرائيليين.

كما اعترف "يهودا هس" المدير السابق لمعهد "أبو كبير" للطب الشرعي الإسرائيلي بسرقتهم لأعضاء الفلسطينيين في أوقات مختلف بين الانتفاضتين الأولى والثانية بموافقة القانون وحمايته لهم، وفي مقال لصحيفة" أفتون بلادت" السويدية وجهت الاتهامات للمعهد أبو بكير بسرقة أعضاء الفلسطينيين والاتجار بهم ضمن شركات دولية غير قانونية، كما أكد تقرير لشبكة "CNN" الأمريكية بتورط إسرائيل في اختطاف وقتل فلسطينيين وسرقة أعضائهم في عام 2008م، وما يجعل هذه الاتهامات أكثر صحة هو أن إسرائيل هي الوحيدة التي تحتفظ بجثامين الشهداء لفترات غير معلومة مدتها، وتمارسها كسياسة ممنهجة تصنفها كأكبر مركز في العالم للإتجار غير المشروع بالأعضاء البشرية.

وهذا الشكل من السياسات اللاإنسانية التي تخالف القوانين والاتفاقات الدولية التي تنص على كيفية التعامل مع ضحايا الحرب، وتعتبر كعقوبة جماعية للفلسطينيين، لما يترتب عليه انعكاسات اجتماعية ونفسية تتمثل باحتجاز جثامين الشهداء داخل مقابر مثوى مؤقتاً.

ولا أحد يتفنن باحتجاز جثامين الشهداء بعد قتلهم سوى الاحتلال الإسرائيلي، التي باتت تعذب ذويهم ومحبيهم وتحاسبهم على أفعال أبنائهم وتهدم بيوتهم وتعتقل أقاربهم وتهددهم بالسجن إذا أقدمو على مثل أفعالهم، وأنها أصبحت هذه السياسة ورقة ابتزاز سياسي خلال السنوات الأخيرة، فقد يعلم الاحتلال أهمية الجثامين بالنسبة للناس وخاصة المسلمين لما تحمله من قدسية وتكريم ديني. 

ومن الأمثلة على مماطلة الاحتلال لتسليم جثامين الشهداء، الشهيد محمد أبو النصر الذي استشهد في غزة 1989م، وقام الاحتلال باحتجاز جثمانه، وبعد العديد من المحاولات والضغوطات من الصليب الأحمر لتسليم جثمانه، وبعد سنتين من الاحتجاز تم الموافقة على تسليم جثمانه، وعند الاستلام اكتشفت الأسرة أن الموجود بالتابوت هو أجزاء من جسم حصان وتكشف ما حصل أمام الرأي العام، ما دفع الصليب الأحمر لتدخل مرة أخرى لتسليم الجثمان، وفي المرة الثانية استلمت الأسرة جثمان لشخص أخر مفصول رأسه عن جسده واستطاعت الأسرة معرفة أن الجثمان ليس لمحمد من خلال عدد الرصاصات الموجودة في الجزء المتبقي من قدمه، وبعد العديد من المحاولات والمماطلات تم تسليم الجثمان، وقد وثق جميع ذلك من قبل الصليب الأحمر.

ختاماً، إن مشكلة احتجاز جثامين الشهداء خاصة بين الفلسطينيين بأهمية كبيرة، لاسيما بعد تزايد عدد الشهداء في ظل تصعيد سياسة القتل والإعدام الميداني واحتجاز الجثث، وعدم وجود رادع لإجبار إسرائيل على وقف سياسة احتجاز الجثث، وهي قضية ذات أبعاد سياسية وأخلاقية وقانونية، وتعتبر سياسة مجردة من الإنسانية تدلل على وحشية الاحتلال الممارسة على جسد الفلسطيني في حالتي الحياة والموت.