تغيير الاسم لا يغير الجوهر

بي دي ان |

14 يونيو 2023 الساعة 12:22ص

الكاتب
نتاج استياء الرأي العام العربي من شكل ومحتوى قمة النقب الأولى في 27 و28 مارس 2022 التي عقدت في سديه بوكير في النقب، وعلى مقربة من قبر ديفيد بن غوريون، رئيس وزراء اسرائيل الأول، التي شاركت فيها اربع دول عربية، هي البحرين ومصر والمغرب والامارات بالإضافة للدولة المضيفة والولايات المتحدة، وتمثلت الدول بوزراء خارجيتها بهدف تشكيل إطار سياسي أمني موحد ضد إيران، وللحؤول دون تجديد الاتفاق النووي 5+1 وايران، وتضمن الإعلان الصادر عن القمة تشكيل عدد من اللجان : الامن القومي والحرب على الإرهاب، والتعليم والصحة والطاقة والسياجة والغذاء والمياه لتعزيز التعاون المشترك بينها، واستقطاب دول عربية جديدة لما سمي "السلام الابراهيمي"، ولترسيخ الشراكة تم الاتفاق على عقد اجتماعات نصف سنوية وسنوية.
وكان يفترض عقد القمة الثانية في المغرب في مارس الماضي، وحدد موعد في مايو الماضي، وتم تأجيله لاسباب سياسية ثم الى يونيو الحالي، حيث من المقرر ان يعقد نهاية الشهر الحالي في مدينة الداخلة الصحراوية، وفق ما صرح به الاكاديمي المغربي لحسن أقرطيط لصحيفة هسبريس" المغربية يوم السبت الماضي الموافق 10 يونيو الماضي، مؤكدا ان السبب وراء التأجيل يرتبط بالتطورات الحاصلة في المنطقة، وبالقرارات المرتقبة عن الاجتماع.
ويرى أقرطيط أن "احد العوامل وراء تأجيل المنتدى يتمثل في المملكة العربية السعودية، حتى وإن كانت غير مشاركة بالقمة، الا ان المشاركين يأخذون بعين الاعتبار التقارب السعودي مع كل من ايران وسوريا، بما يعني حضور السعودية في المشهد عبر الدول الحليفة لها في القمة." ولفت الى ان سببا آخر وراء التأجيل عنوانه انتظار انضمام دول أخرى، منها الأردن وفلسطين، اللتان مورس عليهما الضغوط الكبيرة للمشاركة بذريعة ان المؤتمر سيناقش ملف السلام، وضرورة الاستفادة من المشاريع الاقتصادية التي ستطرح. وكان عقد اجتماعا في يناير الماضي في أبو ظبي العاصمة الإماراتية لمناقشة التحضيرات للقمة الجديدة. وتم الاتفاق من بين ما تم الاتفاق عليه تغيير اسم المنتدى.
ورغم تغيير اسم "النقب 2" الى اسم جديد "مؤتمر السلام والامن الإقليمي"، فإن جوهره (المؤتمر) لم يتغير، وأهدافه بقيت هي ذاتها وإن أكد بعض المشاركين على توسيع مجالات التعاون بحيث يشمل عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين وأعتقد ان النقطة الأخيرة لا تحمل اية ملامح حقيقية، وتنفيها الوقائع اليومية، خاصة وان حكومة الترويكا الفاشية تواصل بخطى حثيثة سياسية التهويد والمصادرة للأراضي الفلسطينية، وما اعلن عنه نتنياهو قبل يومين عن مخطط بناء ما يزيد عن أربعة الاف وحدة استيطانية جديدة في القدس العاصمة الفلسطينية، ومشروع اقتراح النائب الليكودي هليفي بشأن تقسيم زماني ومكاني للمسجد الأقصى المبارك، يؤكد أن دولة إسرائيل الاستعمارية ليست بوارد القبول بمبدأ الحديث عن أي عملية سلام مع القيادة الفلسطينية وفق قرارات الشرعية الدولية عموما وخيار حل الدولتين على حدود الرابع من يونيو 1967.
وارتباطا بما تقدم، فإن تغيير اسم المؤتمر لم يغير الرؤية والاهداف الإسرائيلية الأميركية له، رغم وجود تباين نسبي بين إدارة بايدن وحكومة نتنياهو السادسة، الا ان الأساس الناظم للقمة الجديدة، هو تعميق عملية التطبيع المجانية مع دولة إسرائيل، وتشكيل تحالف لا يخدم بحال من الأحوال المصالح الفردية والجمعية للدول العربية المشاركة، والمستفيد الأول والأخير الدولة الطارئة اللقيطة وحدها.
وأفترض ان الدول العربية المشاركة في المؤتمر عليها مراجعة توجهاتها بشأنه. لان إسرائيل كل يوم، وكل ساعة تؤكد انها ليست معنية بالسلام، ولا بمصالح الدول الشقيقة، وتحاول الاستفادة من مشاركتهم في القمة للتغطية على انتهاكاتها وجرائم حربها المتواصلة ضد الشعب العربي الفلسطيني، ولخدمة اغراضها الإقليمية، وبالتالي مطلوب العودة للتمسك بمبادرة السلام العربية كأساس لاية عملية تطبيع مع إسرائيل بعد الانسحاب من أراضي الدولة الفلسطينية بما فيها وعلى رأسها القدس العاصمة الأبدية لفلسطين، والاعتراف الكامل بها من قبل تل ابيب وواشنطن وباريس ولندن وبرلين وغيرها من الدول التي لم تعترف بها، وضمان عودة اللاجئين الفلسطينيين وفق القرار 194 وبعد ذلك يمكن التطبيع، وهذا هو صلب الموقفين الفلسطيني والسعودي المعلن.
واعتقد من خلال رؤية المشهد العربي والإقليمي لجهة الانفتاح العربي الرسمي على دمشق العربية وطهران الفارسية سيؤثر على إمكانية عقد القمة، التي يجري الاعداد لعقدها في الداخلة المغربية. والأيام القليلة القادمة ستعطي الجواب على ما ستكون عليه الأمور.
[email protected]
[email protected]