لا تكتب في الحرب

بي دي ان |

13 يونيو 2023 الساعة 09:43م

الكاتب
لا تكتبْ في الحربِ
سيقولون للجرائدِ والجرادِ
أن حياتك ناقصةْ
أن الغيثَ يفسدُ هطوله
أن النجمَ يجرحُ ضوءه
وأنكَ تستعرضُ اللغةْ
كجاريةٍ في سوقِ النخاسةْ
عليكَ أن تسكتَ في الحربِ
وإن متَ ألفُ شاعرٍ
سيكتبَ عنكَ ويمجّدَ اسمه
وستصفقَ له الكفوفُ الجافةْ
لتنحني له قاماتِ الذينَ خذلوكَ
ولاحقوكَ 
ويغنونَ اليومَ خلاصَ روحكِ الشهيدةْ
لا تكتبْ وأنتَ خائفٌ
لا ..ولا أنتَ محاصرٌ بجلدكَ والبارودِ
واتركْ الكلماتِ لفرسانِ الكنبةْ
الكتبةُ العارفينَ بتناصِ الشاردينَ
نهارًا من المواجهةْ
وسمي دمَكَ للشعراءِ العجزةْ
سيكتبونَ عنكَ ما لم يكنْ فيكَ
لغناءٍ رخيصٍ في حفلةٍ هزيلةْ
وسيفتحونَ في وجهكَ ابتسامةْ
وأنتَ العبوسُ من تخليهمْ عنكَ
وسيقلمونَ أظافركَ الطويلةْ
ويلبسونكَ ربطةَ العنقِ الحمراءَ
المرصعةُ بزرقةٍ نحيفةْ
لتكتملَ الصورةُ الكبيرةْ
سيضعونَ ميكرفونَ الأمسيةِ
 بيدكَ اليمنى
وفمكَ مفتوحٌ في الصدى
وكأنّكَ غاضبٌ في القصيدةْ
أمناءٌ همْ في النقلِ عنكَ
ظرفاءٌ يدخلونَ صدركَ
وبائعو موتكً لكلِ سامعٍ
فأعطهمْ صمتَكَ الآنَ
وانتظرْ بعدَ موتكَ 
حياتكَ المجيدةْ
لساعةٍ واحدةٍ واحدةْ
وبعدها سيخلونَ المسرحَ
ويعيدونَ المنصةَ لنسيانكَ
ويرتبونَ حفلةً أخرى لغيركَ
ويعودونَ.. إن عادَ الموتى في الذاكرةْ
فاكتبْ ولا تنتظرهمْ
وغردْ بحنجرتكَ القتيلةْ
أن الكتابةَ مواجهةْ
والكلمةَ رصاصةً في المعركةْ
والقصيدةَ دبابةً حارقةْ
صامدونَ في موتنا
ولو كانتْ صدورنا عاريةْ
ثابتونَ في المجزرةْ
ولو كانتْ أيادينا فارغةْ
ومنا الصاعدونَ إلى الله
ومنا الريحانُ والريحُ العاصفةْ
وكل ما فينا صبرٌ يمدنا
بالأملِ أن نكونَ ما نريدْ
وأننا فوقَ الأرقامِ الناشفةْ
نحن أهلُ الحقِ لا نزوحَ فيه
ولا خذلانَ منا لأنفسنا الصابرةْ
فكلُ ما نحنُ فيه موتٌ عابرٌ
وخلودُ كرامةٍ شامخةْ
وإن سألتمْ عنا بعدنا
سيكتبُ التاريخُ عنا
شامخونَ عاشوا
وماتوا في حياتهمْ الغابرةْ
ليدخلوا دارَ الخالدينَ
بشرفِ الرسالاتِ الطاهرةْ
وللمتخاذلينَ الرملَ المعفّرِ
والخزي المجرورِ في الدنيا
وفي الآخرةْ.

غزة.. عدوان 2023