فتيل التخصيب المعطوب

بي دي ان |

12 يونيو 2023 الساعة 12:44ص

الكاتب
مشاريع أربعة تتصارع على قيادة الإقليم، ثلاثة قوى قومية مركزية واصيلة في الإقليم: العرب والأتراك والفرس، وإسرائيل اللقيطة رأس حربة الغرب الرأسمالي. تجمع بين الاتراك والفرس قواسم مشتركة، رغم المصالح القومية المتناقضة استراتيجيا مع الدولة العبرية، التي قامت على انقاض نكبة الشعب العربي الفلسطيني قبل 75 عاما، وللأسف في ظل الشروط الناشئة عن حرب أكتوبر 1973 تورط عدد من الدول العربية في علاقات سياسية وديبلوماسية وامنية وتجارية اقتصادية مع الدولة الطارئة في جيوبوليتك الإقليم، وتخلت طوعا عن المشروع القرمي العربي، ولهذا بات العرب في ادنى درجات سلم الصراع، وأمسوا مفعولا به.
وبالتوقف امام الدخان الكثيف من المواقف المعلنة منذ سنوات بين المشروعين الإيراني والإسرائيلي في اعقاب محاولة دخول ايران للميدان النووي ارتفعت حدة التعارض بينهما، ورفضت إسرائيل القبول بالاتفاق النووي مع الأقطاب الدولية وعلى رأسها الولايات المتحدة الموقع في عام 2015، وضغطت بكل الوسائل المتوفرة بيدها للإطاحة بالاتفاق، حتى جاءت فرصتها مع تولي الرئيس الأميركي السابق ترامب سدة الحكم، الذي الغى الاتفاق في أيار / مايو 2018. لكن مع عودة الديمقراطيين للحكم في واشنطن، عادت إدارة بايدن لفتح الخطوط مجددا مع نظام الملالي، مما أغضب الحكومات الإسرائيلية السابقة بينت / لابيد، والحالية حكومة الترويكا الفاشية بقيادة نتنياهو وان بتباين نسبي، وأعاد وتيرة التباينات مجددا بين البلدين، وخاصة بعد تسرب اخبار عن اتفاق مؤقت بين إدارة بايدن وحكومة إبراهيم رئيسي بوساطة عُمانية بشأن الملف النووي الإيراني. رغم نفي البلدين لهكذا اتفاق. بيد انه لا نار بدون دخان، خاصة وأن إسرائيل تملك مفاتيح عديدة للوصول للمعلومات من داخل البيت الأميركي. وكما كان الملف النووي الإيراني في عهد إدارة أوباما الأسبق محل خلاف، مازال يتسم بالتباين مع الإدارة الحالية. الا انه لم ولن يؤثر ابدا على التحالف الاستراتيجي بين واشنطن وتل ابيب، بغض النظر عن الائتلاف الحاكم في إسرائيل، وعن اية تباينات بينية بينهما.
على إثر ذلك ، عادت إسرائيل تنفخ في بوق الصراع مع ايران، وأطلقت العنان لمواقفها التصعيدية عبر وسائل الاعلام الإسرائيلية والإقليمية والدولية، وقامت باجراء مناورة عسكرية خلال الأيام الماضية لمدة أسبوعين ، اطلقت عليها اسم "اللكمة القاضية" لمحاكاة حربا متعددة الجبهات، وشكلت قوة إسرائيلية وحدة أمنية خاصة تابعة لوحدة الاستخبارات العسكرية (أمان)، لما اسمته "مخطط الحرب الذي لم يتخيل أحد انها ستأتي." ونقلت المصادر الإسرائيلية عن ضباط في الوحدة الجديدة المسماة "الفرع 54" قولهم "هذا تغيير كبير في التفكير العسكري الإسرائيلي، وجد الجيش نفسه مضطرا للقيام به." وان الامر لن يكون شبيها إطلاقا بالحرب على حزب الله، أو أي عملية في غزة." حسب صحيفة "يديعوت احرونوت" السبت الموافق العاشر من حزيران الحالي.
وارتباطا بما تقدم، ابلغ نتنياهو بليكن، وزير خارجية اميركا يوم الخميس الماضي ( الثامن من حزيران الحالي) أن أي اتفاق تبرمه واشنطن مع ايران حول برنامجها النووي، لن يكون ملزما لإسرائيل، التي ستفعل كل شيء للدفاع عن نفسها." ومما زاد من سخط حكومة نتنياهو السادسة التقرير السري للوكالة الدولية للطاقة الذرية، الذي ذكر، بأن إجمالي مخزون ايران من اليورانيوم المخصب يقدر ب4744,5 كيلوغرام في 13 أيار / مايو الماضي، والحد المسموح به في اتفاق 5+1 عام 2015 يبلغ 202,8 كيلوغرام، وهو ما يعني تجاوز ايران نسبة التخصيب ب23 ضعفا مما هو مسموح. ولكن هذا التقدير مبالغ فيه، ولا يعكس الواقع، وإن كانت ايران تسعى جديا لدخول الملعب النووي اسوة بإسرائيل وغيرها
وجرت مياه كثيرة في شأن التصعيد بين القطبين الإقليميين، ورغم هذا الضجيج المتصاعد بينهما، والذي يعكس رفض الدولة اللقيطة امتلاك أي دولة إقليمية في الشرق الأوسط ملفا نوويا حتى لو كان للأغراض السلمية. لانها تريد ان تبقى الدولة المتسيدة في هذا الحقل. وهذا تناقض حقيقي، وليس مفتعلا. ولكن وفق كل التقديرات الواقعية لا تريد أي دولة الذهاب للحرب. لانها مكلفة، ولوجود قواسم مشتركة بينهما، وبالتالي رفع وتيرة المواقف المعلنة الهدف منه الضغط على الحكومة الإيرانية أولا، والاقطاب الدولية وخاصة اميركا ثانيا، والوكالة الدولية للطاقة الذرية ثالثا للحد من تمادي ايران في مساعيها لامتلاك القنبلة النووية، ولافشال أي اتفاق بين واشنطن وطهران من خلال تفعيل دور حلفائها في المجلسين وخاصة من الحزب الجمهوري، وإطلاق يد اللوبيات المساندة لإسرائيل في الولايات المتحدة لارغام الادارة بالتراجع عن رغبتها بابرام اتفاق مكمل لاتفاق 5+1 مهما كان مضمونه.
ورغم كل ما تقدم، فإن فتيل التخصيب الإيراني مازال معطوبا، ولن يشتعل فتيله، الا اذا شعرت إسرائيل أن ايران تجاوزت من وجهة نظرها ما يهدد مكانتها الإقليمية، وطموحها بالتسيد على الإقليم. وقادم الأيام كفيل بكشف الحقائق.
[email protected]
[email protected]