يحكى أن …؟!

بي دي ان |

13 ابريل 2023 الساعة 11:28م

الكاتب
 اختار أقرب مجلس بمقهى شاطئ السياسي. وراح يفكِّر في وسيلة للنفاذ إليه واستدراجه للحديث. فإن وحشية التجربة دفعته بقوة إلى المكاشفة فوافق على شروطه، ولكنه قال: تحت شرط أن نكون منفردين؛ أبعد عن العامة، ومع حكيه لبعض النوادر الدارجة ثم عجز عن كبت لهفته، فالأستاذ عاقل جدٍّا، عملي جدا. شغَّال جدٍّا، محترم جدٍّا، مترفِّع عن المهاترات، نفد صبره، أحتار الدليل، طال الصمت.. تمطَّى  حتى شمل الكون، وفيه قيل كل شيء بلا نطق. كانت الشمس قد مالت للمغيب، ولم يكد يبقى من نورها إلا ظلال خفيفة، النسمة رائقة.. وشمل السماء ذلك الهدوء الحالِم المنتشر الذي تخلد إليه إذا تراءت له الليل، الشاطئ ما زال خاليًا. تراقصت الأمواج في رشاقة.


-  جلس وراء الطاولة ينظر إلى الأفق الغارق في المياه الفيروزية، و تحت سطح النفس الساكن تيارات تتلاطم في الأعماق. بعينين لا تريان شيئًا، سكنَت عواصفُ النفس المضطربة. وبدا أنه لم يحسن إخفاء ما يعتلج في نفسه كما وضح إنه يهبط درجات من الألم أردته إلى أعماق النفس!!  بعد أن امتلأ رأسه بأفكار مثل الظلام. في غمار القلق والأحزان، سخطه تمطَّى حتى شمل كل شيء. لم يشعر بالبرد، بل شعر بأن رأسه يشتعل. يجلس مع نفسه .. حديثه لنفسه في معزل عن الدنيا جميعًا؟!


- كأن صدره انشق عن ثغرة متفجرة بانفعالات طاغية غامضة بحجم الوطن، فلم يترك إلَّا وقتًا قصيرًا يمضي عادة في الكتابة الساخرة.. حيث السخرية والمرارة والغضب. ما عسى أن يفعل؟ لا قتال ولا سلام!! و ما لا عزاء فيه هو انكم سرقتم أتعس التعساء … يأبى الداء إلا أن يصيب مقتلًا!!  ما هي إلا سلطات  باطلة لا يبقى عليها إلا داء التهاون  والفساد المنتشر …!! ولا يجمعهما إلا الكذب... الكذب عادة يومية أيضًا، هنا الأكاذيب متواصلة مثل دقات الساعة، و التناقض دائمًا وأبدًا. في لغة الشعارات التي ينفر منها، الانعدام الكلي للمعنى. كلمات عريضة ليس له من الواقع أي رصيد! والمسألة أننا ضحية مخطط صهيوني.. و عبث. عبث؟! أجل، عبث لا معنى له. ولكن، انظر، ما من فعل إلا وله سببه وله هدفه أيضًا.


فقال:  أيعني ذلك كانوا ألعوبة في يد الغير؟! ما العمل لو كان عبث ومصالح سلطات الندامة؟ يخطئون بفكر متكامل... تعبث بمصير شعب حقٍّا؟! ما العمل لو تبدد الجهد نظير لا شيء؟ ما العمل لو تناثرت قوائم حياتنا فيما يشبه المخطط الصهيوني السابق - الحالي؟! لقد حيكت مؤامرة بمهارة خبيثة؛ لعله مخطط الشرير الخبيث والذي من خلاله قد استُغل شعبك أسوأ استغلال! فتنبأ له بنهاية غاية في السوء، وتكشفت له أسرار بشعة لم تجرِ له في خاطر؛ فالطموح في الحكم مهلكة، و حلم الطمع في الحكم ثبت أنه غير أهل للثقة ليكن حكم و سلطتين مأوًى للمجاذيب ... وكر للفساد وبؤرة للتعفن والتقهقر تفوح منه روائح أليمة وقد تحول البعض منهما إلى دودة ترتع في الفساد و القمامة. نافثًا رائحة الفساد النتنة، بجانب الفراغ  والفوضى .. الخراب والفساد هم أمل سادة وسدنة الأقاليم المنشود، و دون الحكم الشبحي.. و رأى الحزب الشبحي الواحد؛  وانعدام  رد الفعل الشعبي ترجع  للخضوع الطويل؟!


- فقال: للشيطان أيضًا دور في رحاب السلطة – سلطتين- مثلًا للحماقة والسخرية، إنه الحمق إذا تعاون مع سوء الظن. الدجل البين مع السخرية والعبث مع الفساد .. إنها محنة حقٍّا! هذه المحنة التي عرَّتهم جميعًا بلا شفقة. و وراءها ما وراءها، رغم الغموض المتعمد من الآخر، يعترضهما جدار سميك من المصالح الشخصية والحزبية بأنيابها الحادة. وهناك من  يردد الشعارات ويصدقها؟!  كيف يستمر التعامل مع واقع الحال؟ فالحزب الشبحي وحده صاحب الخيار الاستراتيجي الواحد، وهو الممثل الذي  يتهادى اليوم على المسرح وحده. و الكومبارس يمعن كل منهم  في التمثيل ويتمادى. على حين يختفي الإنسان الحقيقي- الشعب-  ويذوب في الظلام. كأنه لقيطًا ملقًى في الوجود بلا أمل؟!


- فقال: الممثل يتضخم وتترامى أبعاده والإنسان الحقيقي يموت. متاعب متلاحقة يعانيها ،إنه أدرى الناس بضعفه وانقياده. إنَّه أدرى بما تطبَّع به على عهد الانقسام والفساد والخراب، و هو الذي جعل من حق الاختيار والديمقراطية أداة سلبية في خدمة الدجل السياسي وبلا طاقة على التمحيص والنقد، اليأس يستفحل. وسوف تجيء النهاية عندما تطلع على الكومبارس الرابض وراء الممثل، والذي لا يكف عن تعذيبه. إنه يعيش وحده في عزلة تامة، لا يمارس حقه في الاختيار ولا انتخابات ولا حق له في التعبير عن ذاته. إنه كامن في أعماقه في ذل، يغلي بالحنق، ويحلم بالثورة. لكنه غارق .. غارق؟! .. 


- نعم غارق في العبث الذي وجد فيه الحل لمتناقضاته الماضية. فتمادى في كذبه ونفاقه وخوفه!! إنه سقيم تحت حكم موبوء لم يبقَ له من حياته إلا السخرية. إنه يتحلل مثل جثة الميت؛ يحيط نفسه بالغموض، مهما يكن من أمر العاقبة، فهؤلاء  اليوم ألصق الجميع به .. أي الكرسي المشبوه؟! والمهمة تتعقد والمخاوف تتجسد وأشباح الفساد والمصالح والديكتاتورية الحزبية العنصرية  تتخايل. فهل يُتاح له يومًا أن يقتل الممثل ويحاكم الكومبارس؟!  بثورة  تقيه من وباء الانقسام والفساد والخراب، وتحقق له وحدته؟! أم أصابت الطعنة مقتلًا؟! فقال: سيجيء كل شيء في وقته. انه الانقسام يصنع بدائلة دون أن يدري.. فالغباء جند من جنود الله.