فرنجية والممانعة السعودية

بي دي ان |

04 ابريل 2023 الساعة 02:50ص

الكاتب
خمسة شهور مضت على شغور قصر بعبدا، حيث مازال الفراغ الرئاسي سيد الموقف، رغم اندفاع بازار المرشحين الموارنة، الا ان أي ممن تقدم لنيل ثقة مجلس النواب باؤوا جميعا بالفشل، وغادروا المشهد بخفي حنين. وبدا واضحا ان التوافق الداخلي اللبناني فشل في كسر التابوهات المتناقضة في أوساط امراء الدويلات الطائفية والمذهبية والعائلية /الحزبية، ولم يتفقوا على مرشح مشترك، مما ضاعف من الغيوم المتلبدة في سماء القصر الرئاسي، ومن تكثيف تدخل الفرقاء العرب والاقليميين والدوليين على خط حل معضلة إملاء كرسي الرئاسة بشخصية تقبل القسمة على كم معقد من المعادلات الذاتية والموضوعية.
ورغم ان زيارة بابرا ليف، مساعدة وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى للبنان يوم الجمعة الموافق 24 /3 الماضي تركزت على ملف العلاقات اللبنانية الإسرائيلية وخاصة ملف الغاز. لا سيما وان إسرائيل بدأت الاستخراج من حقل كاريش، ولبنان مازال يراوح، ولم يبدأ، الا ان الزيارة لم تكن بعيدة عن ملف الشغور الرئاسي، وضرورة انتخاب الرئيس التوافقي. لكن يبدو من المتابعين للحراك الأميركي على هذا الصعيد، ان الإدارة ليست متعجلة في حله، وتعمل على ادارته، وتعود الأسباب لرغبة الإدارة في تدفيع اللبنانيين الممانعين للسياسة الاميركية الثمن، ولترويض مواقفهم السياسية لبناء الجسور مع دولة المشروع الصهيونية وفقا لصفقة القرن، وما يسمى "السلام الابراهيمي"، ولحين تمكنها من إيجاد شخصية سياسية تتواءم مع السياسة الأميركية، اضف الى عدم تعجلها حل ازمة أي نظام عربي، بل تعمل بشكل حثيث لتعميق أزمات مطلق نظام عربي بما في ذلك حلفائها.
ولهذا مازالت الإدارة الأميركية على تباين مع القيادة الفرنسية بهذا الشأن، التي استقبلت الأسبوع الماضي زعيم المردة، سليمان فرنجية، والتقاه مستشار الرئاسة، باتريك دوريل، المسؤول عن الملف اللبناني، كما التقاه الرئيس مانويل ماكرون. لا سيما وان القيادة الفرنسية تدعم ترشيح فرنجية، وتعمل بشكل حثيث من اجل تمهيد الطريق امامه، وإزالة كل الحواجز والعقبات التي تعترضه، وخاصة المعيقات السعودية، التي ترفض حتى الان تولي حليف حزب الله وحركة امل وبالضرورة النظام السوري الرئاسة. كما ان القيادة السعودية لم تعد تثق باي من الرؤساء اللبنانيين، لانهم لم يفوا يوما باي من الوعود التي قطعوها للمملكة، ومن 2008 و2011 وآخرها تجربة 2016 زمن الرئيس هولاند، حيث اتفق آنذاك ميشال عون مع سعد الحريري على تفاهمات، وأعطى ضمانات للسعودية، الا انه سرعان ما اخل بها. وبالتالي قيادة العربية السعودية نفضت يدها من كل ما يسمى ضمانات.
ومع ذلك لم تفقد القيادة الفرنسية الامل باقناع الملك سلمان وولي عهده محمد بجدية ما قطعه مشروع المرشح الرئاسي، سلمان فرنجية تجاه المملكة، ومنها: ان يكون رئيس الحكومة خيارا سعوديا؛ ومنحه الصلاحيات الكاملة في اختيار وزرائه السنة؛ وتفويض الحكومة في إقرار الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، وصياغة خطة الإصلاح الانقاذية المالية والاقتصادية؛ والاهم عدم منح الثلث المعطل لاي فريق؛ وفي شأن ملف حزب الله، اكد فرنجية البحث في الاستراتيجية الدفاعية، وعدم المس في الامن والمصالح السعودية خصوصا والعربية عموما؛ بالإضافة لتعميق التنسيق مع الدول العربية بشأن الملف السوري؛ والعمل على حل ملف النازحين السوريين، واغلاق الحدود السورية اللبنانية للحؤول دون تهريب المخدرات.
لكن السعودية الملدوغة من الجحر اللبناني اكثر من مرة، ليس من السهل ان تقنع بالوعود. وعلى ما يبدو ان فرنسا التي تعيش ازمة معقدة مع الداخل الفرنسي ومع حلفائها الأوروبيين والأميركيين حول اكثر من ملف، لا تملك اوراق القوة التي تؤهلها لمنح ضمانات للسعودية، الامر الذي قد يعرقل ترشيح فرنجية لحين.
وارتباطا بذلك ظهر للسطح أسماء محايدين، طرحهم النائب جنبلاط، ومنهم قائد الجيش العماد جوزاف عون، والوزير السابق جهاد ازعور، والنائب السابق صلاح حنين في محاولة لكسر الركود في بازار المرشحين للرئاسة. لكن الثنائي الشيعي متمسك بفرنجية مرشحا وحيدا للرئاسة. وكل من سمير جعجع، القوات اللبنانية، وتيار جبران باسيبل وغيرهم من اقطاب الطامحين بالرئاسة يرفضوا من حيث المبدأ تولي زعيم المردة الرئاسة، لاكثر من اعتبار، أولا يخشون تصفية حسابات الماضي؛ ثانيا لا يقدمونه على انفسهم؛ ثالثا ارتباطا باجنداتهم الخارجية.
ووصول وزير الدولة في وزارة الخارجية القطرية، محمد بن عبد العزيز بن صالح الخليفي امس الاثنين الموافق الثالث من ابريل الحالي للبنان له عميق الصلة بملف الشغور الرئاسي، وإبقاء قطر على تماس مع ما يجري في الملف اللبناني، لاسيما وانها تعتبر نفسها ندا للدول الشقيقة الأخرى. وهو ما يزيد ملف الرئاسي ضبابية والتباسا وغموضا. ولكن ان تمكنت فرنسا من احداث اختراق في جدار الممانعة السعودية، تصبح طريق فرنجية اقرب الى قصر بعبدا من غيره من المرشحين. والأيام والاسابيع القادمة تحمل بالضرورة مفاتيح أبواب الحل الرئاسي.
[email protected]
[email protected]