فضيحة البرلمان الدولي

بي دي ان |

18 مارس 2023 الساعة 01:10ص

الكاتب
من مفارقات لعنات التاريخ، وسطوة دول الغرب الرأسمالي على العديد من المنابر الدولية، وفرض اجندتها على مخرجات مؤتمراتها وهيئاتها البرلمانية، التي تعكس تجريد تلك الهيئات والمؤسسات البرلمانية من احد اهم مبادئ تأسيسها، وهو الدفاع عن الديمقراطية، والتصدي لانظمة الاستعمار الفاشي والديكتاتوريات والعسكرتاريا، وتؤصل لحماية حقوق الانسان في بلدانها، وتعزز روح التسامح والشراكات السياسية والثقافية والدينية. الامر الذي يؤكد ان التدخل والهيمنة المباشرة لاباطرة رأس المال في الغرب ساهم مساهمة مباشرة في التشويه المتعمد، وعن سابق تصميم وإصرار لمعايير الديمقراطية والعدالة السياسية والقانونية النسبية، ويضرب دون تردد هيبة ووقار ومشروعية تلك المنظمات، من خلال فرض اجندتها المعادية لالف باء الديمقراطية، التي "يتغنى" و"يرددها على مدار ساعات النهار والليل" ذلك الغرب عموما والولايات المتحدة بهدف تضليل وخداع شعوب الأرض قاطبة، بما فيها شعوبها نفسها.
ارتباطا بالمقدمة أعلاه، التامت دورة الجمعية العامة للاتحاد البرلماني الدولي ال146 في العاصمة البحرانية، المنامة ما بين 11 و15 اذار / مارس الحالي تحت شعار "تعزيز التعايش السلمي والمجتمعات الشاملة للجميع ومكافحة التعصب." تضمن برنامج الدورة عقد عدة اجتماعات للجمعية والمجلس الحاكم للاتحاد واللجان الدائمة، إلى جانب ورشات العمل والفعاليات المرافقة للدورة.
ومن الواضح ان شعار الدورة لا يكتسب اية مصداقية، لان مخرجاته جاءت معاكسة تماما لشعار التعايش السلمي، ومكرسا روح التعصب والإرهاب ودعم الفاشية الصهيونية، التي تعيش الان بالتحديد لحظة انكشاف غير مسبوقة لطابعها العنصري، القائم على عمليات التطهير العرقي ضد أبناء الشعب العربي الفلسطيني خصوصا والعرب، الذين احتضنوا الدورة عموما. حيث ان انتخاب عضو الكنيست الإسرائيلي الفاشي، داني دانون يوم الاحد الماضي الموافق12 مارس الحالي عضوا في لجنة "مكافحة الإرهاب" التابعة للاتحاد البرلماني الدولي ( IPU ) فضيحة مدوية، وامطات اللثام عن محتوى الاتحاد اللا ديمقراطي، والمتورط بشكل مباشر في حماية إرهاب الدولة الإسرائيلية المنظم، وحتى يتساوق مع حكومة الترويكا الفاشية: نتنياهو، سموتيريش وبن غفير. لان انتخاب دانون، هو تصويت للحكومة، التي تعمل على تقويض القانون الاستعماري الإسرائيلي نفسه، وفرض هيمنة السلطة الاستعمارية التنفيذية على برلمانها (الكنيست).
وكل مندوب دولة صوت لصالح انتخاب داني دانون، هو شريك في التواطؤ مع إسرائيل الكولونيالية، وداعم لحكومتها الفاشية، التي تعمل بشكل حثيث ويومي ولحظي على قتل كل ملمح من ملامح او بصيص امل لشق ثغرة نحو السلام، وتمارس ابشع اشكال البطش والموت والتنكيل بابناء الشعب العربي الفلسطيني، الذين سقط منهم منذ تولي مهامها مع نهاية العام المنصرم 88 شهيدا ومئات الجرحى وتدمير العديد من البيوت والسيارات والمنشآت، وقطع المئات من أشجار الزيتون، وحرق بلدة حوارة الفلسطينية بتعليمات واضحة من اركان الحكومة الإسرائيلية. وهذا ما أكده وزير المالية الإسرائيلي، بتسليئل سموتريش عندما نادى بمحو وابادة البلدة الفلسطينية في 26 شباط / فبراير الماضي.
عن اية  تعايش سلمي، ومكافحة للارهاب يتحدث البرلمان الدولي؟ هل بانتخاب الفاشية الصهيونية ممثلة بانتخاب مندوب إسرائيل المجرم في الأمم المتحدة؟ كيف؟ وعلى أي أساس؟ وما هي المعايير الناظمة لدى اركان البرلمان الدولي لمكافحة الإرهاب؟ وهل يمكن ان تستقيم روح البرلمان الدولي وسياساته مع تعزيز الديمقراطية وانتخاب دانون الفاشي؟
ان مجرد التفكير بانتخاب مندوب إسرائيل في أي لجنة من لجان المؤتمر الدولي، هو تناقض صارخ مع روح القانون الدولي. وحتى قبول إسرائيل عضوا في البرلمان الدولي جريمة لا تغتفر، ولا يجوز ان تستمر، بل الواجب والضرورة تملي طرد مندوبها، كما فعل الاتحاد الافريقي، وليس محاباتها وتسويق بضاعتها الإرهابية، التي تقوم على ركائز التطهير العرقي والابرتهايد والجريمة المنظمة، وقتل وابادة كل ملمح من ملامح التعايش السلمي، ليس مع الفلسطينيين فقط، بل داخل الدول المارقة والخارجة على القانون، ضد اليهود الصهاينة انفسهم.
وعليه فإن مجرد انتخاب المندوب الإسرائيلي يؤكد ان الغرب والدول السائرة في ركابه، لا يتورعون عن قلب الحقائق، والعمل على الدفاع عن دولة الإرهاب والجريمة المنظمة، التي أسسها وانشأها على انقاض نكبة الشعب العربي الفلسطيني، ويكشف للمرة المليون زيف شعارات الغرب وفي المقدمة راعي البقر الاميركي، التي تتحدث عن الديمقراطية، وتجدد التأكيد انه (الغرب الأميركي الأوروبي) هو اس البلاء والإرهاب والجريمة المنظمة في العالم، ولا يؤمن لا بالديمقراطية، ولا التعايش السلمي، ولا باي معيار من معايير السلام والعدالة السياسية والقانونية، ولا بحق تقرير المصير للشعوب، التي تبناها الرئيس الأميركي، وودر ويلسون.
[email protected]
[email protected]